الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوق الإنتخابات مابين -أبو القاعة وزوجة المرحوم-

شاكر الناصري

2013 / 3 / 17
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


وأنت تسيرُ في شوارع بغداد أو أية مدينة عراقية أُخرى، ستجد نفسك كما لو إنك تجر الخطى بإتجاه مهرجان سيء التنظيم او وسط سوق كبير، تشكل الملصقات والصور والأسماء والكنى والألقاب المتراكمة على الجدران البضاعة الرائجة فيه. سوق ينزلها " البائع-المرشح" على أمل تحقيق الربح بعد إقناع المشترين بجودة بضاعته.

ملصقات تحتل الجدران وكأنها بإحتلالها هذا تريد ان تحتل عقول الناخبين ولكنها على المستوى الآخر وعلى مواقع التواصل الإجتماعي تحولت الى مادة للسخرية والتندر ولتكشف عن الواقع البائس والمريع الذي يعم في العراق وسط غياب كامل لمعايير الدعاية الإنتخابية وأسسها وحدودها كذلك وكأن المرشح حر فيما يفعل من أجل تحقيق حضوراً انتخابياً وسط أعداد غفيرة من المرشحين والمرشحات.

إن ما يحدث في العراق أو أي مكان آخر تتم فيه الدعاية الإنتخابية بهذه الآليات المستندة الى قيم وأعراف تتنافى تماماً مع ما يتم تداوله بأننا إزاء ممارسة ديمقراطية حضارية، يكشف حقيقة إن هذه الإنتخابات، ماهي إلا لعبة تدار بإتقانٍ او بخَرقٍ وجهل فاضح وأنها معنية بلحظة الوصول الى صندوق الإقتراع فقط وليس بما سيتحقق لاحقاً، كون المرشح هو الأسرع للتخلي عن ناخبه أو التملص من الوعود التي أطلقها في لحظة حماسة كاذبة.

من المعروف إن الجهات المعنية بأمر الإنتخابات في العراق تردد دائما انها منعت استخدام الشعارات والرموز الدينية والطائفية في الحملات الإنتخابية ولكننا نجد أن البعض من المرشحين والمرشحات يستخدمون القاباً ورموزاً لا تختلف كثيراً في محتواها ودلالاتها عن الرموز الدينية والطائفية، فالبعض يسبق اسمه لقب " السيد أو العلوية" في محاولة للتميز عن المرشحين الذين ينافسونهم في هذا السباق. إستخدام هذه الألقاب هو توجيه متعمد للناخب البسيط الذي يعطي مكانة لمثل هؤلاء الأشخاص بحكم ما يحملونه من لقب.

وإذا كان " السيد أو العلوية " قد استخدموا هذه الألقاب فأن أعداداً كبيرة من المرشحين قد إحتاروا في كيفية التأثير على الناخب والحصول على صوته، ولذلك فأننا سنجد الكثير من الجمل التي تحمل معاني هلامية وعصية على الفهم تحاكي وتداعب مطالب الناخب وسنقرأ كذلك القاباً وكنى تسبق الأسماء او تكون ملحقة بها كما هو حال العديد من المرشحين الذي وجدوا ان أسماءهم وحدها لاتكفي لتعريف الناخب بهم أو ببرامجهم الإنتخابية التي غابت تماماً في حملات هؤلاء المرشحين، فعمدوا الى استخدام كنى مختلفة " ابو أحمد، أم سجاد ، أم قنوت، أم الزهراء....الخ".

ولكن حتى هذه لم تقنع البعض فقد وجد أحدهم أن أسمه وحده وأسم ابنه ملحقاً بإسمه لا يكفيان لأن يعرفه الناخب ولا يقنعه ولا يثير تعاطفه فألحق بإسمه كنية ثانية " ابو القاعة" فأصبح اسمه " أبو احمد أبو القاعة".

كما أن قضية الأسماء لا تختلف كثيراً عن قضية الصور، ولعل الاكثر غرابة في هذا سوق الإنتخابات، هو صور المرشحات تحديداً. فإذا كنا قد شاهدنا في الانتخابات الماضية ملصق دعاية لإحدى المرشحات التي تريد من الناخبين أن ينتخبوها ولكنها وضعت صورة زوجها بدلاً عنها، فإن احدى المرشحات قد اكتفت بوضع صورة شبحية لها لتضيع ملامحها الخجولة والباهتة خلف صورة رئيس القائمة الذي عادة ما يتم تصديره في الحملات الانتخابية بشكل مكثف ومع كل صورة لمرشح من قائمته. ولم تجد مرشحة اخرى ما تثير به عزيمة الناخب سوى انها زوجة المرحوم فلان. ما يمكن تثبيته هنا ان غالبية المرشحات للإنتخابات القادمة لم يضعن صورهن على ملصقات الدعاية الإنتخابية وإكتفين بالأسماء والالقاب واستحضار أسماء الأزواج فقط.

أن مشكلة هؤلاء المرشحين والمرشحات أنهم يديرون حملاتهم الإنتخابية بعقلية عقود ماضية تتميز بالأمية والجهل أو غياب وسائل الاتصال والتواصل الحديثة ولا يمتلك المواطن أية دراية سياسية أو ثقافية بقضايا الديمقراطية او باللعبة الإنتخابية. أنهم يكشفون عن جهل فاضح في تعاطيهم مع الناخب العراقي كونهم يتجاهلون أن نسبة كبيرة من الناخبين قادرة على قراءة صورة المرشح او فهم الدلالات التي يتضمنها ملصقه الإنتخابي، وأن الناخبين يعرفون تماماً أن الانتخابات ستكون خاضعة للعبة المحاصصة الطائفية والحزبية وأنها مصممة أصلا لتكريس مبدأ الحكم السقيم هذا.

بعد كل ما رأيناه خلال الأيام الماضية فأن على الجهات المسؤولة عن الإنتخابات في العراق، ان تسارع لوضع الأسس والمعايير المعتمدة دولياً للحملات الإنتخابية وكيفية أدارتها والحدود التي يمكن ان تعمل بموجبها، أسس ومعايير حضارية تتناسب وحجم الادعاء بديمقراطية الإنتخابات وأنها ستقود العراق الى بر الأمان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما أهمية معبر رفح لسكان قطاع غزة؟ I الأخبار


.. الالاف من الفلسطينيين يفرون من رفح مع تقدم الجيش الإسرائيلي




.. الشعلة الأولمبية تصل إلى مرسيليا • فرانس 24 / FRANCE 24


.. لماذا علقت واشنطن شحنة ذخائر إلى إسرائيل؟ • فرانس 24




.. الحوثيون يتوعدون بالهجوم على بقية المحافظات الخاضعة لسيطرة ا