الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تصعيد المذهبية وتغييب العقل العربي

نافذ الرفاعي

2013 / 3 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


منذ ما يزيد عن الف عام والعالم العربي يغيب عن المساهمة الحضارية ولم يتحول الى النموذج الذي يحلم اي انسان في العالم بأن يهاجر اليه، ويطمح بالعيش فيه، بل لو تفتح باب الهجرة للعالم العربي لهاجر معظمه الى اوروبا وغيرها.
هذا العالم العربي الذي يجلس فيه معظم سكانه كارهين له، ولو حانت لهم الفرصة لهاجر جلهم،
ما الذي يحتاجه عالمنا العربي ليستعيد بريقه وأحلامه، وما المطلوب من قواه الحيه المعطلة رهينة الانقسامات والأحلام الصغرى لقادة اقزام وانتهازيين، وما العمل حيال القوى المأزومة والمتخلفة المليئة باللصوص وتجار البضائع الفاسدة، وما واجبات علماؤه الذين لا تعلو اصواتهم على زندقة الفقهاء الجدد الذين يحرمون ويحللون الدم ويحللون تفجير بعض المارقين لانفسهم داخل مساجد الله ومهما كان الدافع والتبرير.
اذا لم تتحول القوى الحية من كتاب ومثقفين وشعراء وفلاسفة وفنانين ورسامين واكاديميين الى فاعليين متحررين من العجز والانتظار، والتخلص من الانكسار للمجتمع العربي ووقف مصادرة أحلامه بالحرية والتقدم والبناء والوحدة بالمعنى الحديث وليس بالمفهوم القومي المتشدد، وعليه لا ضرورة لتعزيز السلوك الغريزي لانه يساهم في ترسيخ التفتيت والتقسيم.
من قال ان الديمقراطية تصنع ، ونحن نقول انها انعكاس موضوعي للوضع السائد، وحالنا العربي مبني على التخلف الراسخ، الذي يتعامد مع العيوب الاخرى للمجتمع العربي من بطالة وفقر وتخلف، وتراجع ثقافي وضعف القراءة وتدني الوعي، مما يبيح استغلال الجهل في تصعيد التعصب والمذهبية .
هل تخلص المجتمع العربي من انقساماته وحروبه الداخلية منذ تفرقه في قيس ويمن والتي دامت منذ الجاهلية وحتى مطلع القرن الماضي، ومع عام 1900 كانت اخر حروب القيسية واليمنية في فلسطين، والتي رسخها النظام العثماني ضمن التخلف والتجهيل للعالم العربي، وكانت في فلسطين ثلاث بلدات مسيحية متجاورة وهي بيت لحم وبيت ساحور يمنية الولاء وبيت جالا قيسية الانتماء، ولدى اندلاع الشجارات القيسية واليمنية، يتحشدون ضمن نظام الفزعه، يفزع المسلمين القيسيين الى جانب بيت جالا المسيحية القيسية، وويفزع المسلمين اليمنيين الى جانب بيت لحم وبيت ساحور اليمنيتين، ويسقط قتلى من المسلمين دفاعا عن المسيحيين في انقسام عصبوي تاريخي بغيض ، كان يتوحد المسلم والمسيحي في قبلية اقوى من الدين.
لاحقا كرس المستعمر الانجليزي سياسة "فرق تسد"، ونشر المستعمر الفرنسي طائفية الطائفية ومذهبية المذهبية وجهوية الجهوية ، واعتبر ان قيس ويمن هي شرخ او قسمة على اثنين فقرر المستعمر تقسيم المجتمع العربي على عشرات الأقسام، فادخل الدين والطوائف والمذاهب والجغرافيا شمال وجنوب وشرق وغرب والتاريخ وووو، وبالتالي ساهم في تشظي وتشطير وتدمير وحدة المجتمع العربي وتعريضه الى انقسام الانقسام وتصعيد الولاءات المذهبية والجهوية وغيرها.
يجد هذا التغرير سوقه ما بين الفئات غير الواعية ، اضافة الى تراجع الثقافة والمعرفه وتراجع الأحلام القومية بالتحرر والتقدم، والعودة الى السلفية والتجريم والتحليل وعدم حل المشكلات وفشل العلمانيين في حكم رشيد، وصعود الاستبداد وتبوأ العسكرتاريا الحكم وتراجع الأنظمة الجمهورية الى مطامع وراثية، وزوال الشراكة السياسية.
يأتي صعود عصر الربيع العربي انفراجة امل ، ولكن سرعان ما تظهر قوى اجهاض أحلام الشعوب في تحقيق أهدافها من التخلص من الاستبداد والفقر والبطالة والتخلف، ويتم استغلال الدين وتجريده من دوره الروحي الى التصويت الانتخابي، و تصعيد المذهبية ما بين السنة والشيعة والعلويين والدروز والاباظية والحوثيين ووووو داخل كل طائفة من اسر ومدارس.
يشير هذا التصعيد المذهبي والتحشيد بانه ذو مدلول واحد واتجاه واحد ، يؤدي فائدة واحدة وهي تكريس العمى السياسي وتأكيد الانقسامات والصراعات .
ونتيجة الانقسام الذي يعانيه مجتمعنا يجعله عرضة للنهب تحت هذه المسميات، ومن الطبقات المستفيدة التي تحتكر التصعيد كي تجني المزيد من أرباحها ومبررات وجودها، ولا يستطيع هذا المجتمع المنقسم على ذاته ان يتحول الى أهلية وامكانية التقدم والتطور مما يخدم مصالح الإمبريالية الامريكية وإسرائيل المتربصة بأية آمال تقدم وتطور وتوحد.
ويعزز الانقسام هدر طاقات المستقبل وتغييب اي قوة فاعله في صناعة تنمية واستقلال اقتصادي ودور عربي ، ويقود التعصب بكافة اشكاله سواء الديني او القومي او المذهبي الى حصاد واحد وهو الألم والفرقة والخراب.
إذن المطلوب اعادة مكانة العقل الى العالم العربي، وتغييب المذهبية والتي هي موقف ليس ديني بل سياسي صرف، والحد من الانقسام الطائفي والجهوي. وهذه مسؤولية القوى الحية من مثقفين وكتاب وعلماء واكاديمين ورجال دين متنورين وفلاسفة في المجتمع العربي، وعليهم رفع عالي الصوت ضد هذا التجسيد ووقف الانجرار وراء هذا الخراب الذي يعزز معوقات مشروع عربي رديء لا يملك مقومات تقدم وتطور ونزع دوره الحضاري، ومسؤوليتهم التوعية والمقاومة من اجل مجتمع نهضوي حضاري انساني يتفق مع روح ثقافته وتاريخه واحلام شعوبه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما محاور الخلاف داخل مجلس الحرب الإسرائيلي؟


.. اشتعال النيران قرب جدار الفصل العنصري بمدينة قلقيلية بالضفة




.. بدء دخول المساعدات عبر الرصيف الأمريكي العائم قبالة سواحل غز


.. غانتس لنتنياهو: إما الموافقة على خطة الحرب أو الاستقالة




.. شركة أميركية تسحب منتجاتها من -رقائق البطاطا الحارة- بعد وفا