الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سورية الثورة (9): نظرية لافروف

رياض خليل

2013 / 3 / 17
الثورات والانتفاضات الجماهيرية



للسيد لافروف وزير الخارجية الروسية ، والمدير التنفيذي لشركة " بوتين " المساهمة المحدودة والمغفلة ، شركة بوتين – مدفيدف – لافروف القابضة ، فلسفته الخاصة " والشاذة " في التعامل مع السوق السياسية الدولية . إنه يرى مايعجز المجتمع الدولي – بأغلبيته - بلدانه عن رؤيته وفهمه ؟ لافروف فقط يرى العكس ! إنه يرى الذئب شاة ، والشاة ذئبا ، يرى القاتل ضحية مسكينة ، والمقتول مجرما مفترسا وإرهابيا ! لافروف رجل " ملهم " .. وربما سيكشف لاحقا أنه يأتيه " الوحي " وهو سند كاف لتوكيد رؤاه " الخرافية " .
حسب " لافروف " سوريا هي بشار الأسد ، وبشار الأسد هو سوريا . وبالتالي ، لايجوز المساس ببشار الأسد لأن في ذلك مساس بسورية " وهي النظرية البعثية الأسدية المعمول بها طوال حكم عائلة الأسد الأب والأبن " وشعار " سوريا الأسد" انتقل إلى دماغ لافروف ، وطرب له ، وأراد توظيف نفسه لتسويق هذا الشعار في المحافل الدولية ، وبأسلوب لايختلف عن أسلوب التشبيح الأسدي في سوريا . لافروف يريد فرض " محبة " وتأييد الأسد على المجتمع الدولي والمنظمة الدولية ، لافروف يريد توسيع دائرة النفوذ الأسدي الإقليمي والدولي ، وفرض فكرة تقديس الأسد على العالم كله . ولايالو الروس جهدا لحماية تلك النظرية : الأسد إلى الأبد ، والأسد أو نحرق البلد ، والأسد هو سوريا وهو الشرعية ، وهو القانون الدولي ، وأي مساس بمكانته وسلطته هو خرق فظ للقانون الدولي . إنها لنظرية مبتكرة وشيطانية وجهنمية .. أن يختزل القانون الدولي بشخص مجرم ومجنون هو بشار الأسد . ويبدو أن الروس لن يجدوا مجنونا آخر في سوريا يمكن أن يكون بديلا لعميلهم المدلل بشار الأسد ، لكي يحافظ على ..ويصون مستعمرة الروس السورية الهامة استراتيجيا . وكل ما يهدد تلك المستعمرة هو خرق للقانون الدولي ، كل مايشكل خطرا على تبعية سوريا للروس ، هو خرق للقانون الدولي . تلك هي رؤية وقراءة لافروف للقانون الدولي والأممي العجيبة والغريبة عن العرف والمنطق والواقع وشبه الإجماع الدولي الرافض للإجرام الأسدي . مايراه ويقرره الروس هو فقط الصحيح والحقيقي والقانوني ، " وياللي عجبو عجبو ، وياللي ماعجبو يضرب راسو بالحيط " كما يقول المثل العامي عندنا في سوريا .
السوريون من المثقفين والفنانين والمفكرين وطلاب الجامعات والمدارس والأطفال هم عصابات مسلحة ، هم إرهابيون خونة وعملاء للمجتمع الدولي ، عملاء وجواسيس " للديمقراطية " ال" المسمومة " التي ضربت السوق " وراجت سلعتها ، وأثارت ضغينة وحقد وحسد تجار السياسة الروس والصينيين والإيرانيين ، الذين تكسد بضاعتهم " الديكتاتورية " .
الغربيون يشجعون المستهلكين حول العالم على استهلاك " الديمقراطية " ، وفي النظرية الروسية ، هم يشجعون " الإرهاب " الديمقراطي .. وهو يمثل شبح الموت الذي ينتظر كل الديكتاتوريات ، وال" الديمقراطيات " المزيفة !؟
إن مواهب لافروف عاجزة عن الفصل بين بشار الأسد وسوريا الوطن والشعب ، الروس يختصرون وطنا وشعبا بشخص بشار . وجوده يعني كل شيء لروسيا . بشار هو صمام الأمان الوحيد للمصالح الروسية في المنطقة . ولن تلد النساء بديلا له ، لذا فهو إن مات ، ستموت معه سوريا والشعب السوري ، وستمحي عن الخارطة الشرق أوسطية ، وكأن بشار هو الذي خلق سوريا وصنعها ، ولم تكن موجودة قبله ، ولن تبقى موجودة بعده . إنها نظرية لافروفية عبقرية ، تتطابق مع نظرية بشار الأسد " إما الأسد أو أحرق وأدمر البلد " . بشار الأسد : الطفل المدلل لشركة بوتين إخوان السياسية . من أجله يهون كل شيء ، ومايمسه يعتبر انتهاكا للقانون الدولي والروسي والسوري . وعليه فإن الثورة السورية هي التي تنتهك القانون الدولي والوطني ، لأنها تدافع عن نفسها ، والدفاع عن النفس حسب النظرية القانونية اللافروفية هو انتهاك صارخ للقانون الدولي والوطني السوري . الثورة السورية تنتهك القانون الدولي ، وهي التي تقصف المدن بصواريخ سكود وبالطائرات ، وهي التي تعتقل وتقتل وتعذب وتعتدي بسبب وبدون سبب . الثورة السورية مجرمة لأنها تطالب بالحرية والكرامة وإسقاط الظلم والديكتاتورية الأسدية ، الثورة السورية ، هي عصابات مسلحة بالطائرات والسكود ، وتريد الحرية والديمقراطية ، وهذه بحد ذاتها أكبر جناية وجريمة يعاقب عليها القانونين السوري والروسي بعقوبة الإعدام . وكل ما يدعم حقوق الإنسان حسب النظرية اللافروفية هو انتهاك للقانون الدولي ، والعكس هو المطلوب ، ولكي لاتنتهك قوانين لافروف الدولية ، يجب أن نعيش ونبقى أغناما وقطيعا وعبيدا ، ويجب أن نبقى صامتين " مهذبين " و" منضبطين " و" مدجنين " و" مروضين " تماما ، ومع هذا فيعود للديكتاتو وحده تقرير ماإذا كان راضيا عنا أم لا .. وماإذا كنا نستحق هذه المكرمة أم تلك ، وماإذا كنا نستحق الحياة أو الموت أو السجن
وحسب نظرية لافروف في القانون الدولي :
فإن تسليح المعارضة والجيش السوري الحر ، هو إنتهاك صارخ للقانون الدولي ، لأنه يتعامل مع جهة غير حكومية أو رسمية . ولكن لافروف يتجاهل أن الحكومة التي يدافع عنها هي التي خرقت وتخرق ليس القانون الدولي وحسب ، بل وكل القوانين الداخلية السورية التي سنها الديكتاتور الأسد الأب والابن لتكون سلاحا بيده ضد المواطن السوري ..لا ضد أي شيء آخر " خارجي " مثلا ... ونسي لافروف وتناسى الجرائم ضد الإنسانية ، وجرائم الحرب ، الموثقة أمميا ووطنيا ، والتي ارتكبتها حكومة بشار الأسد ، وانتهكت بها القانون الدولي علنا ألاف المرات ، من دون أن تواجه العدالة والقانون الدولي الذي يحرص عليه لافروف . الذي يريد تطبيق القانون الدولي حسب مزاجه الروسي ومصالح الشركة الروسية السياسية . لافروف لايريد تطبيق القانون الدولي إذا كان هذا التطبيق يضر ببشار الأسد ، أو يزعزع سلطته في سورية . كل الانتهاكات الصارخة والمشهودة والموثقة للقانون الدولي ، من قبل النظام يتجاهلها الروس ويتهربون من تطبيقها ، بل يقفون ضد تطبيقها عبر سلاح الفيتو الذي يملكونه في مجلس الأمن . لافروف لايرى المشهد إلى من زاوية دعم وحماية العصابات الأسدية ، ونظام القتل والتدمير والإجرام ، لافروف يرفض رؤية النصف الأخر والمقابل من المشهد السوري الدموي ، ويقلب الحقائق كليا ، ويرفض تحكيم أي منطق وسياق يقود إلى زحزحة النظام عن مواقعه اللامشروعة .
أن الحكومة الأسدية لم تكن يوما وتاريخيا حكومة شرعية منتخبة ، وأن تلك الحكومة هي حكومة الديكتاتور ، يفصلها كما يروق له ، وطبقا لأهوائه ومصالح كرسيه ، ونسي لافروف أن " الديكتاتورية " بحد ذاتها وبطبيعتها وجوهرها غير شرعية ، ولاتنطبق عليها معايير الشرعية من أي نوع . ونسي أن " الديكتاتورية ، بحد ذاتها وجوهرها ماهي إلا عدوان وجريمة منظمة ومستمرة ومشهودة تمارسها عصابة من المجرمين ، وتفرض نفسها على البلد والمجتمع بقوة السلاح والعنف المباشر وغير المباشر ، تفرض نفسها بالإرهاب المادي والمعنوي ، وكما يقول المثل العامي الشائع " ياللي فيه مسلة بتنخزو" ، والروس أحسوا بتلك " المسلة " الثورية التحررية التي تنغرز في جسد النظام الديكتاتوري الأسدي في سوريا ، ورأوا فيما يجري في سوريا من ثورة على الظلم والبغي والعدوان ، صورة قدرهم ومصيرهم في بلدانهم ، وعلى يد شعوبهم ، وهم يخشون على شعوبهم من " الفساد الديمقراطي " بل من مرض " الديمقراطية المعدي الوبائي الخطير . نعم .. الثورة السورية مرض معد ، وخطير ، يهدد بالانتشار ، ماأثار غضب وخوف مجلس الأدارة الروسية من انتقال العدوى ، وانتشارها ، وإصابة الشعب الروسي النائم والمنوم والمغرر به ، وهو تهديد جدي ، تخشاه القيادة الروسية . إنها تخشى صحوة الشعب الروسي ، تخشى أن تستيقظ روح الثورة فيه ، فينتفض ويقتلع الديكتاتورية الروسية الجديدة التي تمزج مابين الستالينية والنازية الجديدة ، أوليس بوتين المخضرم اختصارا للمزيج المذكور ؟ بوتين : خريج المدرسة الأمنية الشيوعية التقليدية ، والمجتهد المجدد ،الذي ظل وفيا إلى حد ما لميراث الشمولية البائدة ، بوتين خريج المدرسة الأمنية الشيوعية الوفي ، هو الآن من يقود سفينة السياسة الروسية ، ولم يغير الاتجاه ، بل عززه وقواه ، عبر مشروعه الشوفيني الروسي الأكثر عدوانية وعنصرية وإرهابا على صعيد السياسة والديبلوماسية الروسية بشقيها : الداخلي والخارجي .
القيادة الروسية ، وعبر " مايسترو" الديبلوماسية الخارجية السيد لافروف ، يتلاعبون حسب وهمهم بالغرب وبالمجتمع الدولي ، ويتخذون من مجلس الأمن رهينة بيدهم ، يعطلونه متى يشاؤون ، ويشلون حركته ، ويحرفونه عن السكة التي وجد من أجلها . ويستغلونه لخدمة أجنداتهم الروسية ، يناكفون البلدان الغربية من خلاله .
ومن خلال التصريحات والمواقف يحاول لافروف دائما أن " يتفهمن " و" يتذاكى " على من يخالفونه الرأي من بلدان المجتمع الدولي ، من خلال سياسة " ميكافيللية " فاشلة ومكشوفة وقصيرة النظر . سياسة لاعلاقة لها بقواعد وفن ومنطق العمل السياسي ، وهي تعمل ببوصلة مختلفة كليا ، حتى عن البوصلة ال" الميكافيلية " ، وحتى عن بوصلة " ابن خلدون " ، وعن النظريات السياسية الحديثة والمعاصرة .
لاأحد من الساسة وغير الساسة يستطيع التوصل إلى أي شيء مع الروس عبر الحوار ، لأسباب كثيرة لامجال للتفصيل فيها هنا ، وأبرزها التطابق الروسي السوري في كل شيء . . التوأمة القوية بين الشريكين : روسيا وسوريا . ولذلك فالرهان على تفهم الروس وتغيير مواقفهم يتطابق ويتكافأ مع الرهان على تفهم الأسد وتغيير موقفه من القضية السورية . لن يتغير شيء عبر الحوار العقيم مع الأسد والروس . لأن نواياهم مكشوفة ، وأهدافهم لاتخفى على أحد ، وأجنداتهم المشتركية تتناقض كليا في الاتجاه والدوافع والأهداف مع الثورة السورية ، ومن ورائها مواقف المجتمع الدولي شبه المجمع على نصرة الشعب السوري ، من خلال رحيل نظام الأسد الفاشل والفاسد حتى العظم .
وكما يقول المثل : " الحق الكذاب لباب الدار" ، والمجتمع الدولي لحق النظام الأسدي ومن ورائه الروس إلى باب الدار ، باب دار الحقيقة الساطعة ، واكتشفوا النفاق والمراوغة والباطل ولعبة التسويف والمماطلة والتلاعب الممل بالقضية السورية العادلة . واكتشفوا أن الاستمرار في اللعبة هو ربح للأسد والروس ، وخسارة لثورة الشعب السوري العادلة . وحزم كثير من البلدان الغربية المؤثرة أمره في دعم الشعب السوري للدفاع عن نفسه ضد العدوان الدولي الغاشم عليه ، العدوان الدولي المتمثل بتحالف قوى الشر والظلم والديكتاتورية الروسية الإيرانية الصينية ضد سوريا الوطن والشعب وحقوق الإنسان والشعوب . ولاطريق لحل الصراع مع أعداء الثورة عبر أية مشاريع ديبلوماسية وسياسية مشبوهة ، بل عبر العمل العسكري المقاوم والتحرري حتى إسقاط وهزيمة نظام الجريمة والقتل في سورية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأمريكية تعتدي على متظاهرين وصحفيين بمخيم داعم لغزة


.. كلمة عضو المكتب السياسي للحركة مشعان البراق في الحلقة النقاش




.. كلمة عضو المكتب السياسي للحركة مشعان البراق في الحلقة النقاش


.. كلمة نائب رئيس جمعية المحامين عدنان أبل في الحلقة النقاشية -




.. كلمة عضو مشروع الشباب الإصلاحي فيصل البريدي في الحلقة النقاش