الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بالألوان

سيومي خليل

2013 / 3 / 17
مواضيع وابحاث سياسية



يصير النقد عملية مملة ، وفاشلة جدا ، حين يكون باللونين الأبيض والأسود فقط ،كقولنا البلد ليس فيه شيء سوي أبدا ، أو لم تكن حال البلد لتكون على أفضل حال من هذ ه الحال الموجودة .

التفسير ، هو الآخر ، يكون فاشلا بإمتياز ، حين ننطلق ، ونظل في لون واحد،نفسر باللون الواحد أحداث مختلفة وجد متباينة .

ليس هناك جزءان من الكأس ، فارغ وممتلئ ، ولن يفيدنا أن ننظر لأحدهما، أو لكلاهما معا ، فنحن نكون كمن يشرح الظاهرة الإجتماعية كأنه يقيس طول طاولة مدرسية .

ما أثارني ،وما زال يثيرني ،هو المحاولات الكثيرة لإعطاء تصور واحد للأوضاع بالمغرب .محاولات ليست فردية فقط ، وعلى كل حال فالمحاولات الفردية تهم أصحابها . هي محاولات تتخذ طابعا جمعيا ،مؤسساتيا ، حزبيا ، وحركيا ، فالإيديولوجيا تكون هي مبرر التفسير ، والدافع للنقد، وليس إطلاقا شرح ، وتحليل الواقع المغربي .

لنسمع هذا الجواب،الذي يقدمه مرتدي العباءة،والقلنسوة ، وماسكي السبحة ؛ يجب التقيد بإجتهاد السلف ، والعودة إلى آراءهم النيرة ، كي يصلح الوضع ،ونخرج من عنق الزجاجة ، الذي لم نتحرك داخله منذ زمن .

جواب آخر ، قدم نفسه باسم الحداثة ، وباسم فهمها المغلوط ؛يجب نسيان كل ما كان بالأمس ، يتوجب الخروج النهائي من حكم الأجداد ،والتطلع إلى لغة العصر الحديثة ...

لاشيء من الجوابين يصح ، لأن الأمر ليس تأكيد أو نفي معطى واحد ، وليس الأمر وضع نقطة ناقصة على حرف ،وانتهى الأمر ، فلو كان الأمر هكذا ، لتم تحقيق كل الوعود الوردية منذ زمن .

مايميز الواقعة السياسية والإجتماعية ،هو أنها تحقق نتائج فرعية ،حين تكون عاملة على تحقيق نتيجتها النهائية المرجوة منها ، بمعنى ، أنها تخرج عن سياق المتوقع ، وتبدأ بإنتاج نتائجها الخاصة بها مثلا ؛ لا يمكن أن نتوقع من أن التنمية البشرية التي توقعنا أن تحقق ،على الورق ،نتائج مبهرة ،أن تحقق نفس الأمر على الواقع ، فللواقع لغته الخاصة .

لا يمكن وضع الواقع بنفس الطريقة التي نضع بها كأسا على طاولة ؛ الكأس هو الآخر لا يخضع لحتمية جامدة ، بمعى أنه يتأثر بأمور آخرى غير وضعه فقط ؛ سطح الطاولة ، الريح ،سبب خارجي يغير الطاولة ...الواقع تزداد فيه المؤثرات الخارجية .

لو منحنا للمهوسيين بلحظة الماضية الزاهية الحكم ، هل كانوا سيغيرون برؤيتهم الأحادية ،فقط ، المجتمع ، ويخلقون التنميات الموعودة ؟؟؟؟ أكيد لا ... والدليل ، أنهم منحوا الحكم ؛ مصر ، تونس ، المغرب ...بإمكانهم أن ينتجوا أشباء أفضل من سابقاتها ، لكنهم يضيفون إلى فشل الإطار العام فشلا آخر ، تتغير بعض التفاصيل ،هنا وهناك ، لكن النسق ككل يظل نفسه ؛ هل إذا غيرت لون العينين في لوحة تشكيلية سيتغير الوجه وملامحه بالكامل .

دائما ما كنت أقول ، إن الفشل تمنحه القوة تركيبته البنيوية المعقدة ، ففشلنا في الأخير هو نتاج فشل منظومة من القرارات والأطراف ؛ إنه فشلي أنا ، وفشلك أنت ،وفشل العامل هناك ، والمسؤل عن العامل ،وفشل رئيس المقاطعة ، وفشل المسؤل عن الرئيس ، وفشل ...إنه تجميع لفشل متعدد يديننا جميعا كمثال ؛ مبادرة راميد فاشلة ، لأن الذي عمل على تحقيقها أفشلها ، ولأن المواطن الذي سيستفيد منها أفشلها، ولأن المواطن الذي يستحقها أفشلها ،أطراف كان من الواجب أن تنجحها هي من أفشلتها ...

حين نأخذ قضية بالبحث ، التفسير ،والنقد ، يجب أن نضع صوب أعيننا كل الألوان الموجودة ، وكرسام محترف يجب أن نقوم بمزجها كي نحاول الإقتراب من الحقيقة ، يجب أن نتخطى اللون ذاته إلى ما يحدثه وينتجه ، يجب أن نكون جديرين بالتأني في فهم القضية ، فالتسرع الإيديولوجي، والشرح العاطفي ،هو أحد أسباب إعادة أحداث الفشل في كل قضايانا .

في هذا الإطار تنتصب النظرية النقدية لمدرسة فرنكفورت بعقلانيتها ،فهي لم تقتنع ،لحظة موجة الماركسية وشيوعها كموضة فكرية وسياسية ، بأنها صالحة تماما ، ولأنها أرادتها أن تكون كاملة ،قام أقطاب المدرسة بإدراج تعديلات عديدة فيها ،كي تتلاءم مع تركيبة الواقع جد المعقدة .

العقل الغربي يحيي المدرسة التي لم تأخذ حقها بالكامل ، وأكيد أنه سيضيف إليها متغيرات العصر الراهن .

العقل العربي ما زال يجتر بملالة ، مناهج نقدية قديمة ، أو أتبث الواقع زيفها








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منظومة الصحة في غزة الأكثر تضررا جراء إقفال المعابر ومعارك


.. حزب الله يدخل صواريخ جديدة في تصعيده مع إسرائيل




.. ما تداعيات استخدام الاحتلال الإسرائيلي الطائرات في قصف مخيم


.. عائلات جنود إسرائيليين: نحذر من وقوع أبنائنا بمصيدة موت في غ




.. أصوات من غزة| ظروف النزوح تزيد سوءا مع طول مدة الحرب وتكرر ا