الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القصاص القادم ممن؟

إكرام يوسف

2013 / 3 / 17
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


بقدر ما كان استشهاد المواطن المصري حكيم عزت عطالله، إثر التعذيب على أيد همجية في ليبيا، مؤلما وموجعا للقلب والنفس، بقدر ما كان مهينا لكرامة كل المصريين! وكان من المفترض أن يكون كذلك للحاكم الذي يقبل بتعذيب أبناء شعبه خارج حدود الوطن. ولكن هل يحكمنا فعلا من يهتم لكرامة أبناء شعبه، أو يهتز له جفن إزاء تعذيب المصريين خارج الحدود، بعدما شهدت شهور حكمه القليلة جرائم سحل وتعرية وانتهاك أعراض وتعذيب حتى الموت، بمعدلات فاقت ما كان يحدث في عصر مخلوع ثار عليه الشعب ودفع به إلى السجن؟
كان مشهد استقبال جثمان الشهيد حكيم في المطار، ومشهد تشييع جنازته مهيبا وموجعًا، لكنه لم يكن جديدًا أو غريبًا على أنظار وقلوب المصريين؛ الذين ودعوا المئات من زهور شباب الوطن على أيدي زبانية المخلوع أيام الثورة، ثم زبانية المجلس العسكري، وبعدهم زبانية الحاكم الذي نجح في غفلة من الزمان أن يصل به أهله وعشيرته إلى سدة الحكم ليبدأ مسيرة تمكينهم من أواصر البلاد وأعناق العباد!
فبعد يومين من تشييع جنازة الشهيد المصري الذي عذب حتى الموت في الغربة؛ على أيدي من أسموا أنفسهم أنصار التهمة، بتهمة قيامه بالتبشير ـ وهي تهمة لا يستطيع منصف أن يتقبلها، يفرض صحتها، ممن يرون من حقهم وحدهم الدعوة لعقائدهم في كل بلاد الدنياـ حانت ذكرى الأربعين على استشهاد الشاب محمد الجندي، داخل حدود الوطن وعلى أيدي زبانية حاكم قفز إلى الحكم ليجهض ثورة محمد الجندي ورفاقه؛ وعندما وجد منهم إصرارًا على استكمال ثورتهم، لم يتورع عن إطلاق المجرمين لاقتناصهم واحدا إثر الآخر، وطمأنة القتلة، بتكريم بعضهم، والسكوت عن طمس أدلة جرائم البعض، وتجاهل شهادة الشهود التي قد تؤدي إلى إدانة المجرمين.
لم يتحرك محمد مرسي أمام جريمة التعذيب البشعة التي طالت حكيم خارج البلاد، بالضبط كما لم يتحرك أمام جريمة تساويها في البشاعة أدت بحياة الجندي الثائر وحيد والديه، وتماما مثلما لم يتحرك محمد حسني أمام جريمة قتل خالد سعيد على أيدي زبانية العادلي. وكأن ثورة لم تقم بالتحديد يوم عيد الشرطة احتجاجا على ما ترتكبه سلطات القمع في حق أبناء الوطن! بل أن مرسي وجد الجرأة ليقول لجنود الأمن المركزي الذي يغسل الطغاة عقولهم ويسوقونهم لقتل اخوتهم في الوطن "إن قيام الثورة في يوم عيد الشرطة يعني أن الشرطة كانت في قلب الثورة" بل أنه تمادى قائلا "لا أحد ينكر دور الشرطة في انتصار ثورة يناير"!! حتى أن أحد شباب الثوار علق قائلا "علاقة الأمن المركزي بالثورة بالضبط كعلاقة الدكتور مرسي بالثورة.. الاتنين مالهمش دعوة بيها".. وأنا أقول أن الاثنين يعملان على إجهاضها!
لم يتحرك الرئيس مرسي للدفاع عن مواطنين مصريين إلا عندما ألقت الإمارات القبض على مصريين يعملون بها وأحالتهم للتحقيق بتهمة "تكوين خلية اخوانية لضرب مصالح البلاد"؛ فقامت وزارة الخارجية ولم تقعد، وهرع المسئولون إلى الإمارات للمطالبة بالإفراج عن المصريين المشتبه بانتمائهم للإخوان؛ حتى أن المسئولين في الإمارات، تندروا على هرولة المسئولين المصريين للمطالبة بالإفراج عن "هؤلاء بالذات" من ضمن مصريين كثيرين آخرين، محتجزين لديهم لأسباب أخرى غير تهمة الانضمام للإخوان! ومثلما فعلت زوجة الرئيس التي ذهبت إلى دمنهور للتعذية في استشهاد طفل ينتمي خاله للإخوان ـ وقيل إن الطفل أيضا كذلك ـ ولم نشهدها تتقدم بالعزاء للشهيد جيكا الذي توفي في نفس اليوم أو غيره من شهداء داخلية زوجها أوميليشيات الأهل والعشيرة. فهل نتوقع ـ مثلاـ أن تتقدم بالعزاء لأسرة الشهيد حكيم عزت؟
انتفضت الدولة للإفراج عن مواطنين متهمين بالانتماء للإخوان، ولكن لم تلتفت إلى تقارير التعذيب التي قدمتها مراكز حقوقية لها اعتبارها عن جرائم خطف وانتهاك أعراض وتعذيب أفضى للموت في سجون الدولة وأقسامها وعلى أيدي زبانية كل نظام! وقال رئيس الجمهورية انه بكي عندما "قالوله" ان ولدا من المقبوض عليهم في أحداث العنف، خرج ليشارك في العنف مقابل 600 جنيه أعطاها أحدهم لوالدته، ووجدوا معه شهادة ميلاده ليتعرفوا عليه بعد موته!! لكن الرئيس الذي قالت زوجته أن يبكي ليلا من خشية الله حتى يبلل الوسادة، لم تذرف له دمعة على موت الطفل عمر بائع البطاطا بالرصاص الحي! ولم تدمع عينيه إزاء قهر الرجال وتعريتهم وانتهاك أعراضهم! ولم يهتز له جفن إزاء تكرار حالات خطف الثوار وتعذيبهم ثم ظهورهم في المستشفيات في حالة احتضار! ولم نسمع أنه بكى عند استشهاد المواطن المصري عزت حكيم، الذي ضاقت به سبل العيش الكريم في الطنفذهب إلى بلاد الناس يبيع لهم قوة عمله من أجل أن يدبر حياة كريمة لأسرته!
على أية حال، لم نعد ننتظردموع الرئيس، ولا عزاء من زوجته! فلم تعد بيننا مجاملات. لكننا سنظل نطالب بحقنا في القصاص لهؤلاء الشهداء من قاتليهم.و مازلنا نذكر الوعد الذي قطعه على نفسه وقت أن كان يتسول أصوات من عصروا الليمون على أنفسهم لانتخابه! مازلنا نذكر مقولته أن حق القصاص للشهداء في "رقبته".. ولا شك أنه يعلم ان هذه الجرائم ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم، وهو يعلم بالقطع أن من قتل يقتل ولو بعد حين..ويعرف تماما بحكم حفظه للقرآن الكريم أن " وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون " (المائدة 45) كما يحفظ جيدا "ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون" (البقرة 179).. ومن ثم، فليست له حجة في المماطلة في رد حقوق المصريين والقصاص لشهدائهم!
وبدلا من أن يفي الحاكم بوعده، تزايد عدد الشهداء في عهده من أنبل وأطهر وأجمل شباب الوطن، في مختلف محافظات مصر.
ولا شك أن الوقت يمر على أصحاب الدم بطيئا ثقيلا، وأصحاب الدم هنا ليسوا فقط أهل الشهداء، وإنما أيضا رفاقهم الذين عاشوا معهم حلم الثورة وخرجوا معهم لتحقيقه، وكل المصريين الذين يؤمنون أن هؤلاء الشهداء ضحوا بحياتهم من أجل حياة كريمة لنا جميعا، فصار القصاص لهم واجبا علينا. ولاتعني مماطلة الحكام في تنفيذه، فقدان الأمل فيه؛ وإنما قد تعني أن القصاص هنا سوف يكون من القتلة، ومحرضيهم ومن ساعدوهم في طمس الأدلة ومن تهاونوا أيضا في محاسبتهم!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل وبخ روبرت دينيرو متظاهرين داعمين لفلسطين؟ • فرانس 24 / FR


.. عبد السلام العسال عضو اللجنة المركزية لحزب النهج الديمقراطي




.. عبد الله اغميمط الكاتب الوطني للجامعة الوطنية للتعليم التوجه


.. الاعتداء على أحد المتظاهرين خلال فض اعتصام كاليفورنيا في أمر




.. عمر باعزيز عضو المكتب السياسي لحزب النهج الديمقراطي العمالي