الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انتخاب جلال الطلباني بداية لوطنية جديدة

مالوم ابو رغيف

2005 / 4 / 8
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


صحيح ان مام جلال هو اول كوردي عراقي يتبوأ منصب رئيس الجمهورية في تاريخ العراق،لكنه ليس الكوردي الوحيد الذي يتبوأ منصبا مهما في الدولة العراقية .فلقد سبقه رجال كثيرون من اصل كوردي ترأسوا حكومات وتقلدوا منصاب وزارية وادارية كبيرة ولم يحظي اي تنصيب منهم بمثل الاهمية التي حُظي بها تولي مام جلال الطلباني رئاسة الجمهورية ولم يثر اي حدث سابق ذلك الفرح وتلك البهجة لدى العراقيين ولا الشعور بالخيبة لدى اعداءهم.
فما الذي اختلف .؟ هل هو تولي شخصية كوردية منصب الرئيس ام انه مام جلال نفسه الذي اعطى للحدث اهميته .؟
هما الاثنان...
لقد كان منصب الرئيس مقتصرا على قومية معينة ،طائفة معينة ،سلبت العراق كل الوانه ولم تعره الا لونا رماديا كئيبا ،وجعلت منه ملكا شخصيا،احتكارا لا يخضع لمبدا الشراكة ،محرم لا يقربه الا من يتسخ بمياه الاسن الطائفي ،فجاء انتخاب مام جلال لمنصب الرئيس ليكسر الاحتكار الطائفي والقومي وليخلع ابواب المحرم وليستبدل مياه الطائفية الاسنة بمياه نقية حافظ النبع والنهر على نقواتها وصفائها لتكون جارية غير غير متوقفة عند مضارب قبيلة او عشيرة او مذهب.
ومام جلال يتميزعن جميع الشخصيات الكوردية او العربية التي تولت قبله مهاما حساسة في الدولة العراقية ،فموالاة تلك الشخصيات لم تكن للناس،اكانوا كوردا ام عربا بقدر ما كانت للنظام الحاكم المفروض بالقوة عليهم ،لم تكن تطبيقا للقانون بقدر ما كانت خضوعا لاوامر الاعلى رتبة او مقاما .وهي لا تملك اي شعبية في اوساط الناس بقدر ما كانت منحصرة ومقصورة على شرائح اجتماعية معينة اختلفت عن الاغلبية بما تملكه وما تستطيع الاستحواذ عليه بالقوة او الجاه والسلطة .لم تربتط بمطامح الناس ولا احلامهم ولا امانيهم ـولم يكن توظيفهم في المناصب الكبيرة الا طموح شخصي لعبت الصدفة او المعرفة دورا في حيازته وليس في اطار من التنافس السياسي النزيه .
مام جلال اختلف عن كل الشخصيات التي سبقته ،ليس كشخص او سياسي بارع ،او مناضل من اجل حقوق الكورد المشروعة في الحرية والانعتاق والعدالة فقط، بل كقيمة معنوية ،كتجسيد للمساواة ،كشعور بالانتماء الى الوطن ،كعلامة بارزة واساس لعراق جديد مبني على المساواة والعدالة الانسانية ، كثمرة لنضال ضار من اجل حقوق انسانية لا ينكرها الا ظالم دجال
وهذه القيمة المعنوية لا تخص الشعب الكوردي وحده انها لجميع العراقيين الذين يعملون من اجل خير الانسان بغض النظر عن قوميته ودينه وطائفته وانتمائه السياسي،هو تقدير وتكريم لجميع من عانوا وكافحوا وناضلوا وتعذبوا من اجل يوم مشرق لا فرق فيه بين الناس الا بما يبذلونه من اجل الخير العام .
ما تتفوه به بعض الابواق الحاقدة من اشارة لتنامي نفوذ الكورد في الحياة السياسية العراقية هي محاولة القصد من ورائها اثارة روح البغضاء والحقد بين مكونات الشعب العراقي .لكن هؤلاء لا يدركون ان في الديمقراطية وحقوق لانسان لا يتنامى غير نفوذ الانسان نفسه بينما تضمحل الى حد الزوال كل التيارات التي تضطهده او تصادر حقه وتنصب من نفسها وصيا عليه اكان باسم الدين او القومية او المذهبية وليس هناك من تعارض بين تنامي النفوذ السياسي للكورد او اي من مكونات الشعب العراقي وبين طموحات بقية المكونات ،لان هذا التنامي يشكل حافزا لكل العراقيين من اجل بناء بلدهم والحفاظ عليه وعلى العملية الديمقراطية التي ستترسخ يوما بعد اخر اذا كان الاساس فيها هو احترام الانسان والاحتكام الى دستور علماني يمثل الجميع ويعكس مصالح الجميع ،وليس سعي من اجل الحصول على المكاسب والامتيازات من دون وجه حق.
انه حقا لحدث تاريخي رائع وبداية قوية لوضع اسس الانتماء الوطني العراقي المبني على التعاون والاعتراف بحقوق الناس والمستند على الواقع وليس على شعارات واقوال ليس لها سوى بريقها الذي سيخفت عند ترجمتها الى تطبيقات عملية .فالوطنية الحقة هي ليس تنكر للحق ولا تجنيا عليه بل اعترافا به وتجسيدا له في اعمال وافعال تعكسها وتجعل كل مواطن عراقي يتحسس ويتلمس منافعها .
لم يكن خطاب الرئيس جلال الطلباني الذي القاه امام الجمعية لوطنية ،خطابا قوميا كورديا ولا عربيا ولا اسلاميا ،لقد كان خطابا عراقيا ،خطاب لكل العراقيين ، خلا من الانا الذاتية ومن الامجاد الشخصية ومن الاطناب والمجاملة الفارغة التي عادة ما تعج بها خطب الرؤساء من المحيط المجاور ،خطاب يحمل التصميم العراقي بالمضي في طريق طالما حلمنا به ،طريق الحرية والمساواة والديمقراطية وحقوق الانسان .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد انتخابات -تاريخية-.. لا أغلبية مطلقة في البرلمان الفرنسي


.. احتفالات بالانتصار.. -الجبهة الشعبية الجديدة- تتصدر التشريعي




.. -سأقدم استقالتي-.. كلمة رئيس الوزراء الفرنسي غابرييل أتال ب


.. سمكة قرش ضخمة تسبح قرب مرتادي شاطىء في تكساس




.. بايدن.. مصيبة أميركا العظمى! والدولة العميقة تتحرك! | #التا