الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رجل يعشق العطور . ولكن !

نبيل محمد سمارة
(Nabil Samara)

2013 / 3 / 18
الادب والفن



نهض الرجل الذي يعيش لوحده من النوم مبكرا .تامل من النافذة الاعشاب التي نمت في حديقته سريعا . والمتسلقات التي ارتفعت حتى حافة النافذة , فأدهشه هذا النمو السريع . حلق ذقنه , وفتح الراديو واستمع الى الموسيقى الصباحية الهادئة .
وتحدث المذيع بصوت رائق عن الازهار وطريقة العناية بها , ذاكرا مجموعة اسماء اكتشف الرجل ان ثلاثة منها لم يسمع بها من قبل . وفكر ان يشتري لدى خروجه بذور تلك الازهار ويزرعها في سنادين يوزعها على الشرفة .
ارتدى ثيابه وتناول زجاجة العطور الليموني ورش كمية كبيرة على ذقنه ورقبته وتحت ابطه ووقف يتأمل نفسه في المراة وكانت رائحة الليمون تعبق في الغرفة وتبعث خدرا كالسحر في داخله .
وقال في نفسه : منذ متى بدأت العطور تدخل حياتي ؟
وبومضة كالسحر اعلن الرجل انه لا يعرف تماما . لكن سنوات الاربعين تشهد عشقا غريبا للروائح الطيبة , وتمنى لو كان في ميسوره ان يعصر الزهور ليستخرج منها عطورا يستحم بها صباحا مساءا .
وظل يتخيل حوضا مليئا بالعطور , يغطس فيه ضاحكا كالصبيان .ولدى خروجه شعر بوخزة حادة في جهة القلب . انها الوخزة التي تداهمه بين الفينة والفينة .
تهاوى على الكرسي وادرك انها اليوم اشد من ذي قبل . اختنق صوته . وجاهد ان يجد متنفسا . وتمنى لو يستطيع مغادرة كرسيه الى النافذة .. ولكن ..

بعد اسبوع فاحت الرائحة , وابلغ الجيران الشرطة , ولم يجرؤ احد ان يقترب من الجثة النتنة ...



2-اللوحة الناقصة

كان العشق ينمو كزهرة برية بين الكاتب والفتاة . يتأملها بانبهار . ويتساءل كيف حدث وصارت هذه المخلوقة صماء ؟ فحين يجلس وياها يضع فيما بينهما اوراقا بيضاء ليقولا – كتابة – ما في الصدر .
كتب لها مرة . انا احبك .. فكتبت له : بل انا التي احبك .. وكتب مرة اخرى : ان حبك ارجوحة . حين اجلس فيها يأخذني هدوء الليل وضوء القمر فاغفو .. فكتبت له باسمة : وانت لوحتي التي لم تكتمل بعد .. وكتب لها : وجهك حزين دائما . لماذا الجزن ايتها الغادة والنوافذ مشرعة ؟
جربي ان تفتحي واحدة . . فكتبت وكيف . وقد اغلقت النوافذ وانا في الرابعة عشر من عمري يكفيك انت انك تسمع صوت الريح وضحكات الصغار .
فكتب يقول : ولكنك تسمعين نداء قلبي .
وتبتسم الفتاة . وتتشابك الايدي ويروحان في اغفاءة روحية لا يخرجان منها الا على كلام جديد على الورق . وبعد اسبوع . وكان العشق يمتص الايام . والحزن المختبئ تحت اهداب الفتاة . انتبه الكاتب ان الدفتر فيما بينهما وقد امتلأ حتى الصفحة الاخيرة . فاشرع قلمه ليكتب (اللوحة الناقصة) ...



عزيزي القارئ ان هذه القصة ( اللوحة الناقصة ) التي قرائتها ليست من خيال ؟ بل هي قصة واقعية حدثت معي في الماضي والكاتب هو انا والفتاه ذو الرابعة عشر من عمرها , والتي احببتها قد ماتت وهي بالسادسة عشر من عمرها بسبب مرض خبيث ... فلكم ان تتخيلوا مدى القهر الذي اصابني .ورغم السنين التي مرت علي كالبرق , ورغم فقداني الكثير من الاحبة والاصدقاء من جراء الحروب .. اسألك عزيزي القارئ : ( هل اكتملت اللوحة الناقصة) ؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نون النضال | خديجة الحباشنة - الباحثة والسينمائية الأردنية |


.. شطب فنانين من نقابة الممثلين بسبب التطبيع مع إسرائيل




.. تونس.. مهرجان السيرك وفنون الشارع.. إقبال جماهيري وأنشطة في


.. دارفور.. تراث ثقافي من الموسيقى والرقص




.. #لطيفة مش عايزة يتعملها فيلم عن قصة حياتها.. أعرف السبب ?? #