الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خريطة المعارضة الحزبية السورية

محمد سيد رصاص

2013 / 3 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


هناك محطات في تاريخ المعارضة الحزبية السورية:تشكيل"اعلان دمشق"في 16تشرين أول2005بوصفه أكبر تجمع معارض في فترة حكم حزب البعث منذ يوم8آذار1963،ضم الاتجاهات الاسلامية والليبرالية والقومية العروبية والكردية،إضافة إلى حزب ماركسي هو حزب العمل الشيوعي.انبنى هذا التحالف العريض على توقع تغيير سوري،شبيه بالذي جرى في لبنان بربيع2005،في مناخات من الصدام الأميركي- السوري.في يوم1كانون أول2007،وفي أثناء انعقاد"المجلس الوطني لاعلان دمشق"حصل تصدع للاعلان بين ضفتين:الليبراليون في "حزب الشعب"و الأحزاب الكردية السبعة المنضوية في الاعلان ماعدا (الحزب اليساري الكردي)،واغلب المستقلين،من جهة،و(حزب الاتحاد الاشتراكي)و(حزب العمل الشيوعي)من جهة أخرى،اللذان رفضا مراهنة الليبراليين وتلك الأحزاب الكردية الستة على (العامل الخارجي)في التغيير السوري.تجسد ذلك التصدع في اسقاط مرشحي هذين الحزبين لانتخابات هيئة الأمانة العامة للاعلان التي جرت ذلك اليوم في اجتماع المجلس.كان هذا التصدع قد سبقه انتقال (الاخوان المسلمين)في حزيران2006إلى تشكيل(جبهة الانقاذ)مع نائب الرئيس المنشق عبد الحليم خدام،ولكن من دون أن يتركوا الاعلان بشكل رسمي.أفقد هذا التطوران "اعلان دمشق"صفته العريضة،بعد أن أصبح مقتصراً عملياً على الليبراليين والقوميين الأكراد،وفقد عضوية مكوناته الناصرية والماركسية ،مع نأي اسلامي،قبل أن يقرر (الاخوان)ترك الاعلان من خلال تجميد نشاطهم المعارض في 7كانون ثاني2009أثناء حرب غزة،واتجاه (حزب الاتحاد الاشتراكي)و(حزب العمل الشيوعي)و(الحزب اليساري الكردي)،وهما منضويان منذ20نيسان2007مع تنظيمات ماركسية أخرى في "تجمع اليسار الماركسي"،إلى اجراء محادثات من أجل تشكيل "الخط الثالث"بين السلطة و(الاعلان)،استمرت محادثاته بين الشهر الأول من عام2008وتموز2010،وشارك بها مستقلون أيضاً من الاتجاهين القوميين:العروبي والكردي،وماركسيون،وحزب كردي ثاني هو(الحزب الديمقراطي الكردي- البارتي)بقيادة نصرالدين ابراهيم ،وهو غير (البارتي)المرتبط بمسعود برزاني الذي ظل في"اعلان دمشق".في 30كانون أول2009اتجهت الأحزاب الكردية السورية إلى تجمع كردي عريض فئوي خاص أسمي باسم "المجلس السياسي الكردي"ضم ثمانية أحزاب كانت موزعة المدارات لعقود خلت بين مسعود البرزاني وجلال الطالباني،وكان ملفتاً للنظر عدم انضمام (حزب الاتحاد الديمقراطي)،الذي هو امتداد سوري فكري- سياسي لحزب العمال الكردستاني، إلى هذا التجمع الجديد للأحزاب الكردية،وهو عملياً أقوى حزب كردي سوري منذ تأسيسه في 20أيلول2003.
من دون هذه المحطات لايمكن القبض المعرفي على عملية الأداء السياسي للمعارضة السورية في فترة مابعد اندلاع الأزمة السورية منذ يوم الجمعة 18آذار2011انطلاقاً من درعا:في يوم9أيار2011عرضت ورقة كتبت بين دمشق وباريس ،من قبل معارضين سوريين مستقلين،على القوى السياسية السورية المعارضة:(اعلان دمشق) و(حزب الاتحاد الاشتراكي)و(المجلس السياسي الكردي)و(حزب الاتحاد الديمقراطي)و(تجمع اليسار الماركسي)،وعلى مستقلين أفراد .كان ملفتاً استثناء(الاخوان المسلمين).هدفت هذه الورقة إلى تشكيل تحالف عريض من القوى والشخصيات المعارضة لملاقاة الأزمة السورية التي نتجت عن حراك شعبي بدأ يعم العديد من البلدات والأرياف والمدن السورية من خلال تحرك عفوي غير منظم باستثناء الوسط الكردي.تراوح نفس الورقة بين طرحين اصلاحي وتغييري،ولم تصل إلى طرح اسقاطي للنظام.
عملياً،كانت ورقة 9أيار2011هي الأساس الذي انبنى عليه تأسيس(هيئة التنسيق)في يوم25حزيران2011،الذي وقع على وثيقتها التأسيسية (حزب الاتحاد الاشتراكي)و(تجمع اليسار الماركسي)وأربعة أحزاب من أحزاب (المجلس السياسي الكردي) و(حزب الاتحاد الديمقراطي)ومستقلون . بشكل أوبآخر كانت (الهيئة)نتاج ذلك الجنين الذي نما بين 2008و2010في محادثات(الخط الثالث)،مع إضافة نوعية تمثلت في(حزب الاتحاد الديمقراطي)،ولتكون تمثل عملياً اليسارات العروبية والكردية والماركسية. في صيف 2011عاد(اعلان دمشق)للتلاقي مع(الاخوان المسلمين) وقد تلاقيا على طرح يتجاوز الطرحين الاصلاحي والتغييري باتجاه طرح ينادي ب(اسقاط النظام)،مع تنويع جديد عليه يتجه إلى المراهنة على (العامل الخارجي للتغيير)كماجرى في ليبيا .في الأسبوع الأول من أيلول2011جرت محادثات ثلاثية في الدوحة بين (الهيئة)و(الاعلان)و(الاخوان)من أجل تشكيل تجمع عريض ،وضعت مسودته وكان مقرراً، لووافقت الكيانات الثلاث عليه ،اعلانه في يوم الأربعاء 14أيلول من دمشق تحت اسم(الائتلاف الوطني السوري). فشلت المحادثات وولادة الائتلاف بسبب رفض (الاعلان)و(الاخوان)لطلبات المكتب التنفيذي للهيئة، باجتماع الأحد11أيلول، في تضمين وثيقة تأسيس "الائتلاف"ل:(رفض التدخل العسكري الخارجي- لاللعنف من أية جهة أتى- الاعتراف بالوجود القومي الكردي وايجاد حل عادل للقضية الكردية).
عملياً،كانت هذه الطلبات الثلاث ،وخاصة الطلبين الأولين،هما السبب في انقسام المعارضة السورية بين (الهيئة)و(المجلس الوطني السوري)الذي اتجه (الاخوان)و(اعلان دمشق)إلى تأسيسه في يوم الأحد2تشرين أول2011باسطنبول،وقد كانت المراهنات على التدخل العسكري الخارجي من (الناتو)،بجناحيه الغربي والتركي وخاصة منذ دعوة أوباما للرئيس السوري بالتنحي في 18آب2011لأول مرة بعد نشوب الأزمة السورية ،ثم اتخاذ (الاخوان) في تشرين أول2011القرار بالعودة إلى استعمال العنف العسكري المعارض على طراز مافعلوه في أعوام1979-1982،هما السبب في تأسيس(المجلس) لكي يكون المظلة السياسية لذلك.
اصطدم هذا بالحائط الدولي لماأعلنت روسيا والصين في يوم الثلاثاء4تشرين أول2011عن رفضهما لتكرار سوري للسيناريو الليبي من خلال استخدامهما للفيتو في مجلس الأمن في نيويورك.كان هذا تدويلاً للأزمة السورية جعل من غير الممكن أميركياً واوروبياً وتركياً التدخل العسكري في سوريا وجعل (العنف المعارض) في مواجهة عنف السلطة محكوماً بموازين وبسقوف صراع الكرملين مع البيت الأبيض على الأرض السورية،هذا الصراع الذي كان ومازال ليس أساساً صراعاً على سورية وإنما صراعاً في سورية من أجل رسم خارطة جديدة للعلاقات الدولية يريد الكرملين من خلاله كسر القطبية الأحادية،وأيضاً لوحة اقليمية جديدة وهو مايفسر ،إضافة لروسيا وأميركا،مشاركة ايران وتركية والسعودية في هذا الصراع على الأرض السورية في أكبر أزمة دولية-اقليمية شهدتها العلاقات الدولية في مرحلة مابعد انتهاء الحرب الباردة.
فشل مجلس اسطنبول في أجنداته المتمثلة في (استدعاء التدخل العسكري الخارجي)ثم منذ تموز2012 في(استعمال العنف المعارض وسيلة لاسقاط النظام)بعد انسداد الخيار الأول.لم تلامس تسديدات كرات هذا المجلس شباك المرمى ولامرة واحدة وكذلك لم تصل أيضاً ولولمرة واحدة إلى الأخشاب الثلاثة للمرمى،لذلك كان طبيعياً أن تقف وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون في يوم31تشرين أول2012بالعاصمة الكرواتية زغرب لكي تعلن"انتهاء صلاحية المجلس"وتدعو إلى تشكيل كيان سياسي جديد ولد في يوم11تشرين ثاني تحت اسم"الائتلاف الوطني السوري"،أرادت الولايات المتحدة أن يكون ذراعها السوري في التسوية الأميركية- الروسية التي بانت ملامحها منذ بيان جنيف الصادر بيوم30حزيران2012.
عملياً،منذ خريف2012أصبحت المعارضة السورية مقسومة بين (أنصار الحل السياسي للأزمة)،وهو مايضم (الهيئة)وبعض قيادات (الائتلاف)مثل الشيخ معاذ الخطيب والصناعي رياض سيف وأيضاً الأحزاب الكردية التي اتجهت في28تشرين أول2011إلى تأسيس(المجلس الوطني الكردي) وقامت بالانسحاب ماعدا حزب الاتحاد الديمقراطي الذي ظل في (الهيئة) حتى الآنمن عضوية(الهيئة)و(المجلس)منذ الشهر الأول من عام2012بعد رفض طلباتها حول"تقرير المصير"من كلا الكيانين السوريين المعارضين،وبين (انصار الحل العسكري المعارض)وهو مايشمل (الاخوان)و(اعلان دمشق) وغالبية "المعارضة السورية المسلحة" :لم يعد انقسام2011-2012حول(التدخل العسكري الخارجي)قائماً عملياً في عام2013،ولوأن طرفا ذلك الانقسام هما ذاتهما، مع تنويعات جديدة، بين ضفتي(الحل السياسي)و(الحل العسكري المعارض).
تدل المؤشرات على أن "الائتلاف"سيكون مصيره مثل (المجلس) بعد أن أثبتت الأزمة الناشبة بين (الاخوان)و(اعلان دمشق)مع الشيخ الخطيب، بسبب قبوله بالتسوية السياسية للأزمة، بأن هذا الكيان السياسي الجديد ليس مؤهلاً أوقادراً على تلبية المتطلبات الأميركية التي كانت السبب في ولادته القيصرية بالدوحة في يوم11|112012 من أجل أن يكون المركب الخاص بواشنطن في بحر التسوية الأميركية- الروسية. ربما يقود ذلك إلى انقسام "الائتلاف"وإلى تقارب جناحه القابل بالتسوية السياسية للأزمة من (الهيئة)،وإلى خريطة جديدة للمعارضة السورية يجعلها متحددة بين ضفتين:القابلون للحل السياسي للأزمة في مواجهة أنصار (الحل العسكري المعارض)،وخاصة مع تشكل مناخات قوية،مع تولي جون كيري للخارجية الأميركية، تدل على نضوج التوافق الأميركي- الروسي على حل سياسي للأزمة السورية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حلقة نار من تحدي الثقة مع مريانا غريب ????


.. الجيش الروسي يستهدف تجمعات للقوات الأوكرانية داخل خنادقها #س




.. الطفل هيثم من غزة يتمنى رجوع ذراعه التي بترها الاحتلال


.. بالخريطة التفاعلية.. القسام تقصف مقر قيادة للجيش الإسرائيلي




.. القصف الإسرائيلي المتواصل يدمر ملامح حي الزيتون