الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مع مكاريد الاخرس( هل ليلى مكَرودة؟.)

مصطفى الصوفي

2013 / 3 / 20
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


لا أذكر المره الأولى التي ترتلت بها حكاية ( ليلى والذئب ) على مسامعي, ولا أذكر ماهو تأثيرها الأول على نفسي .. رغم هذا فأنا متيقن باني حينها كنت فاغرا فاهِ وأنا أُصغي بكل فضول لأمي وهي تسرد لي أحداث القصه, وهي تتنقل بي من مشهد الى اخر , ولربما كنت أرتعب حالما تتغير نبرتها بين شخصية المظلوم الى الظالم ..
بقي الخوف من الذئب يسكنني كل طفولتي , أنا أرتعد خوفا في الظلام من ذلك الذئب الشرير الذي خلق في خيالي , في حينها كنت اعتره حقيقة . واعتقد بانه يخرج من وسط الظلام وسيقفز عليّ ويباشر بألتهامي قبل أن أستغيث بأبي حتى ...
ولاحمي نفسي الححت على اهلي ليقتنوا لي مصباح أضاءه محمول يعمل على البطاريات , فأمسى هذا المصباح رفيق طفولتي الدائم حينما أخرج الى مكان ما في الظلام..
حكاية ليلى والذئب الكلاسيكيه هي أول ما قد يستمع اليه (ابن المدينة) من حكايات وقد تتلى عليه حتى قبل أن يتَكَون وَعيَه الفكري وينمو عقله بما يمَكِنَهُ من فِهم حقيقتها ..
من خلال هذه الحكايه يتعرف لأول مرة على رموز أزلية للصراع ، بين الخير والشر, بين الوحش والانسان, بين المظلوم و الظالم, بين المكرود و الجلاد.
ليلى في هذه الحكايه تصور نفسها على انها المكرود والمسكين الذي تعرض للاعتداء هي والمرحومة جدتها على يد الذئب الماكر المتوحش المخادع الذي انتهى امره بالقتل والتمزيق و(السحل كما يعبر العراقيين) و نبذ سلالته الوحشية على مدى التاريخ ليخلق عداءاً دائماً بين الاطفال و الذئب . لم يتمكن الاطفال من ابادة سلالة الذئب كونها تتمتع بقوى قد تكون خارقه أمام قواهم الضئيلة التي لا تقاوم وجود الذئب في مخيلتهم ونفسياتهم التي تعاني من فوبيا الذئب اينما حلوا و رحلوا ..
ادعوا القراء لتخيل هذه اللقطة.
أن يتقدم أحد ما نحو هذا الطفل. وبعد سنوات من التلقين وتكرار هذه الحكايه , ويخبره بقصة تختلف جذريا عن ما استمع اليه منذ اول ايام وعيه الفكري؟
و بأن القصة الحقيقية هي- قصة مقلوبة وسبب عدم تمكننا من ايصال الحقيقة اليك هو انك تعاني من فوبيا الذئب ايها الطفل الصغير!!: انت لم تر الذئب في مكان الا واشعلت النار في وجهه ورميته بالحجارة .. مثل مصطفى الصغير حينما كان يخيف ذئبه بأضواء ملونة ويرميه بالحصى.
هل سيقتنع هذا الطفل يا ترى ؟ هل سيُعيد التفكير ويُعلن الهدنة على الاقل لمجرد الإستماع للتفاصيل ؟..اتركها للطفل
من مقدمة الكتاب التي اجاد الاخرس ابتداءها بتلك القصة وهو يبشرنا بقفشته على نسخه من قصة ليلى والذئب!. لكن الحكاية هذه المرة لم تكن عن لسان ليلى(المنتصرة) التي ابادت الذئب انما عن حفيد الذئب الخاسر الذليل الذي نبذه الجميع . القصه الان مكتوبة بلسان المكاريد ولاول مره ..
اختيار هذه القصة كبداية يعكس ذكاء ورؤية عميقة لطبيعة العقل البشري و فهم لوعي الفرد العراقي.
حقيقة الامر ان حكاية ليلى والذئب لا تختلف كثيرا عن حكاية المكاريد الذين هاجروا الى اطراف بغداد من ناحية المظلومية، وطريقه تعامل افراد المجتمع مع حكايتهم لن تختلف ابدا عن طريقة تعامل الطفل البشري مع الحكايه المشهورة (ليلى والذئب) ,فالعقل البشري يعمل بالطريقة نفسها ولا اختلاف الا بزيادة سعة هذا الاطار وارتقاء الوعي والحس ، و لن يتمكن العقل البشري من الاقتناع بوجهة نظر حفيد الذئب, الا حينما تجعله يرى تلك الصورة بعين الذئب وتجعله يشعر بألمه وبحزنه وبفرحة تشاركه
تاريخ الذئب و اصواته تخبره عن سبب نواحه الدائم بصوت حزين عالي وهو يقول ( اهووووووو) ، فاذا كان الكتاب بين يديك فاعلم انك امام رحله شيقة لعناق المكرود و مصالحته ، ستضحك، ستبكي، سترقص فرحا ،ستنوح حزنا، ستشارك المكرود ايامه تحت الشمس التي تحرق جلده وهو يتناول لقمه الصغيرة المغمسة بدموعه وهو يحاول النجاة من رصاص الموت الذي يتطاير لخطف روحه اثناء ملحمته في هذه الحياة..نحن امام تجربة ووجهة نظر انسانية لخصها لنا الاخرس في كتابة وها انا ذا ساحاول نقل وجهة نظري لكم في سبعة مقالات , باعتباري ابن مدينة تربى على قصة ليلي والذئب الكلاسيكية والان سيبدأ رحلته لاستكشاف قصه حفيد الذئب ..
يقول محمد الاخرس في مقدمة كتابة :-
(الكتاب بالتأكيد يحاول تتبع كثير من ملامح الشريحة التي همشت طويلا . أيام فرحهم وأيام تعاستهم , خيباتهم و امالهم , اغانيهم ولطمياتهم , لغتهم العامية و امثالهم , نكاتهم السوداء والبيضاء , محنتهم, حروبهم, هروبهم المتكرر من امام الخنازير التي تظهر تارة على شكل حكومات وتارة اخرى على شكل افكار تذوب الجماعات. الكتاب يحاول تتبع بعضا من هذا وبعضا من ذاك بلغة تستعير من المساكين سحنتهم و ملوحة وجوههم , تلك السحنة التي رسمها التأريخ الرسمي بوصفها سحنه ذئب ارتبطت به كل الرذائل والشرور..
نعم الذئب لم يكن ذئبا كما ترسمنا ملمحه المخيف في السالوفة القديمة , لم يكن وحشا ريفيا يتجول خلف السدة وفي الصرايف ( الشاكرية و الميرزة ) بحثا عن المدينة ليأكلها . بالمقابل لأن المدينة لم تكن طيبة ومتسامحة كما اقنعتنا جداتنا وهن يقصصن القصة المسرودة الرسمية طوال مائة عام , ولا ليلى كانت طفلة مسكينة , الهامش لم يكن هامشا والمتن ظل متنا).
هناك مع حديث الاخرس في اركان الكتاب .
صورة صريفة ترفع عليها رايات ثلاث كل وحدة تمثل شيء. وفي داخل الصريفة تجلس عشتار (ام العراقيين) متشحة بالسواد كأي ام مكروده تغسل فوطتها بدموعها على ابنائها المفقودين , وصوت داخل حسن ينوح على ما تبقى من هذا العالم...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حرب غزة..احتجاجات جامعات أميركية | #غرفة_الأخبار


.. مساعدات بمليار يورو.. هل تدفع أوروبا لتوطين السوريين في لبنا




.. طيران الاحتلال يقصف عددا من المنازل في رفح بقطاع غزة


.. مشاهد لفض الشرطة الأمريكية اعتصاما تضامنيا مع غزة في جامعة و




.. جامعة فوردهام تعلق دراسة طلاب مؤيدين لفلسطين في أمريكا