الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في ذكرى 23 مارس

وديع السرغيني

2013 / 3 / 21
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


في ذكرى 23 مارس

حيث وجب التخليد لمرتين، مرة وفاءا لشهداء الانتفاضة الشعبية المجيدة 23 مارس 1965 بالبيضاء وبغالبية المدن المغربية الكبرى.. والمرة الثانية احتفاءا بتأسيس أول منظمة سياسية اتخذت لنفسها المرجعية الماركسية اللينينية كسند وموجه لعملها النضالي، منظمة 23 مارس التي تشكلت وأعلنت عن نفسها ذلك اليوم بالذات من سنة 1970.
ردّا على القرار التصفوي والطبقي الذي أصدره النظام، عبر وزيره السيئ الذكر "بنهيمة"، والقاضي بمنع التكرار في الصفوف الابتدائية التعليمية، ووضع الحواجز في وجه التلاميذ كبار السن من الالتحاق بالإعدادي لإجبارهم على الالتحاق بمؤسسات التكوين المهني التي قذفت بأفواجها وخريجيها للشارع دون عمل مضمون.. ردّا على هذه السياسة الطبقية التي قتلت أحلام الجماهير الشعبية العريضة التي راهنت على تعليم أبناءها كي ينالوا الشهادات اللازمة لنقلهم لمستوى اجتماعي ومعيشي أحسن.. انتفضت الجماهير التلاميذية والطلابية معلنة عن الإضراب الوطني العام الذي تجاوبت معه بسرعة، قطاعات عمالية عريضة، خاصة بمدينة البيضاء.
وبفعل الدور التأطيري العظيم الذي كان يقوم به حينها الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، نجح الالتحام التلاميذي الطلابي العمالي الشعبي، بقوة وبسرعة فائقة كالنار في الهشيم.. لم تنفع معه سوى الدبابات والهليكوبتيرات والرصاص الحي الذي مزج بوحشية الدماء مع بعضها، دماء الشباب والشيوخ والكهول، دماء الرجال والنساء، دماء جميع الفئات والطبقات الشعبية المحرومة التي وجدت نفسها فجأة وجها لوجه مع حقيقة الاستقلال المغشوش، وحقيقة من استفاد من مغادرة الاستعمار الفرنسي والاسباني لبلدنا المغرب، وحقيقة الحكومات المتعاقبة، وحقيقة النخبة السياسية..الخ
بعد حملة الاعتقالات والمحاكمات والتصفيات الإجرامية الكبرى لعناصر المقاومة وجيش التحرير، وملاحقة ما تبقى منهم والدفع بهم لمغادرة الوطن.. إضافة للأزمة الاقتصادية المتفاقمة وانفضاح الوعود التي قدّمت لجيل مقاومة الاستعمار كان القرار "البنهيمي" بمثابة النقطة التي أفاضت الكأس أو القشة التي كسرت ظهر البعير.. أعلنت خلالها الجماهير عن ميلاد حقبة جديدة، حددت خلالها موقفها من النظام والمَلكية وأحزاب الحركة الوطنية..الخ
كانت الانتفاضة بمثابة الانطلاقة لنقاش قوي، نظري وسياسي حول مستقبل الوطن، ومصير الشعب المغربي.. خاصة بعد تخلي القوى السياسية الإصلاحية عن الجماهير التي لم تضمد جراحها بعد، ولم تحصي شهدائها ومعطوبيها ومعتقليها ومختطفيها.. بعد، حتى هرولت هذه الأحزاب للتفاوض مع القصر وكأنها تتبرء مما فعله "الغوغاء" المنتفضون!
انطلق النقاش داخل المؤسسات التعليمية بجميع أنواعها، ثانويات وجامعات ومؤسسات التكوين المهني حول طبيعة النظام، وطبيعة الثورة المنشودة والحزب الثوري والنظرية الثورية والتشكيلة الطبقية، وقوى الثورة..الخ بتأثر كبير بالثورة الفلسطينية وانطلاق العمل الفدائي المسلح، وبتجارب الصين وفيتنام، وانتصارات شعوبها ضد الاستعمار وعملائه المحليين..الخ
تشكلت النواة الأولى بداية من القواعد الشبابية، الطلبة والتلاميذ، قواعد الأحزاب الوطنية، الاتحاد الوطني للقوات الشعبية أساسا، لتنتقل عدوى النقاش لحزب التحرر والاشتراكية، خاصة بعد هزيمة 1967 العربية، التي تم اعتبارها بمثابة هزيمة للأنظمة العربية المسماة تقدمية، وهزيمة بالتالي لجميع أحزاب البرجوازية الصغيرة، الإصلاحية والتحريفية، المدافعة عنها.
عوامل أخرى كالثورة الثقافية في الصين، والثورة العالمية للطلاب سنة 68، والصراع داخل الحركة الشيوعية العالمية بعد المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفياتي.. عجّلت بتحويل هذه الحركة الشبابية من تمرد على القيادات، إلى حركة سياسية واعية عزز صفوفها بعض المثقفين والمناضلين داخل حركة المقاومة، معلنة القطيعة الفكرية والسياسية والتنظيمية مع هذه الأحزاب السياسية الإصلاحية والمتخاذلة التي تتجلى عن المعارك الجماهيرية في بداية الطريق لتختار دروب المساومات والمفاوضات..الخ
هذا بشكل مختصر ما أردت أن أقوله في هذه الذكرى بالنظر للحيف الذي لحق هذه المنظمة الثورية "منظمة 23 مارس" والذي لا يعطي أدنى اعتبار لما قدمته للحركة الماركسية اللينينية المغربية في إطار النقاش النظري والسياسي، وفي إطار الكفاح الميداني والتنظيمي.. حيث يتم التركيز في الغالب عن المراجعات والارتدادات والانحراف..الخ دون نقاش للتجربة وتناولها من جميع جوانبها، تقديرا لجهودها وتضحيات مناضليها في السجون رفاق الشهيد رحال رمز الطبقة العاملة المغربية المكافحة.
فتحية بهذه المناسبة لكل الشهداء المجهولين، الذي سقطوا برصاص النظام خلال هذه الانتفاضة ومناسبات أخرى.. تحية لجميع الأطر الذين وضعوا اللبنات الأولى لحركة فكرية سياسية بيّنت للشباب، ولأول مرة في تاريخ المغرب الحديث، أن هناك ماركسية غير الماركسية التي روّجت لها التحريفية داخل حزب التحرر والاشتراكية - الشيوعي سابقا -، وأن هناك اشتراكية مغايرة للاشتراكية التي دعت لها بعض الأنظمة العربية وممثليها في المغرب حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية..
تحية لجميع من ساهم وراكم من داخل هذه المعارك الطبقية الكبرى، في الفكر والسياسة وفي النضال الميداني.. بهدف تطوير تجربة الحركة الماركسية اللينينية المغربية، وتقوية عودها بما يخدم مصلحة الكادحين المغاربة، عمال وفقراء الفلاحين، تجار ومستخدمين صغار، معطلين وباعة متجولين..الخ ويطور نضالاتهم من أجل البديل الاشتراكي الذي لا بديل عنه، حيث الكرامة بحق، والمساواة بحق، والديمقراطية بحق، والعدالة الاجتماعية بحق..الخ

وديع السرغيني
19 مارس 2013








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -