الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القصف الكيميائي جريمة بحق الحرية والإنسانية

بدر الدين شنن

2013 / 3 / 21
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


ليس مجرد مصادفة ، أن يسمى " غسان هيتو " الأميركي الجنسية والهوى ، رئيساً لحكومة معارضة سورية مؤقتة في الخارج ، وزيارة الرئيس الأمريكي " أوباما " لأكثر من دولة متاخمة لسوريا ، وعقد اجتماع لملوك ورؤساء تحت عنوان " الجامعة العربية " في دولة قطر الناشطة الأسوأ في الأزمة السورية ، وإطلاق المعارضة المسلحة صاروخها الكيميائي الأول على منطقة خان العسل ، المتصلة عمرانياً بمدينة حلب ، التي تعد الآن الجبهة الرئيسية في الحرب الدائرة في البلاد ، وذلك في وقت متزامن يشي ، أن هناك برنامجاً مترابط الحلقات ، لتشكيل مشهد سوري إقليمي جديد . ولعله ليس بعيداً عن هذه " اللامصادفة " ، عما تعده الولايات المتحدة من أوراق ستستخدمها في اللقاء المنتظر بعد أيام ، بين الرئيس الروسي بوتين والرئيس الأمريكي أوباما ، الذي تحتل المسألة السورية وتداعياتها الدولية خلاله ، دون أدنى شك ، مركز الاهتمام الأول من قبل الرئيسين .

على أن استخدام السلاح الكيميائي له مفاعيل أخرى ، على المستوى الميداني ، والوطني ، والإنساني ، لايجوز تجاوزها ، والتعاطي معها كشكل من أشكال المواجهات المسلحة الدائرة فوق الأرضي السورية . وقد أخطأت الجهات التي غطت إعلامياً وسياسياً ، باستخدام لغة التكاذب ، لإلصاق تهمة السلاح الكيميائي بالجيش السوري . فالواقعة على الأرض ، ومقدماتها الإعلامية ، والدعائية الالكترونية المتعجرفة ، ترمي على المجموعات المسلحة المعارضة لباس التهمة بشكل سافر .
احتمال ضعيف واحد ، أن الصاروخ الكيميائي لم يكن يستهدف المدنيين ، وإنما موقعاً للجيش السوري في مكان لايبعد عن المكان الذي سقط فيه الصاروخ سوى ( 300 ) متر . وهذا عذر أبشع من ذنب . وفي كل حال ، لم تكن الغاية من استخدام السلاح الكيميائي عسكرية وحسب ، وإنما كانت سياسية بامتياز . فأينما وقع الصاروخ حامل الجريمة الأبشع .. ولمن استهدف حقيقة .. ومن هم ضحاياه .. المحصلة .. الجريمة واحدة . فهذا الفعل قد أدى مهمته الدلالية ، على أن الجماعات المسلحة .. جبهة النصرة .. أو " الجيش الحر " .. أوغيرها .. أصبحت تمتلك ، وقادرة على استخدام سلاح فتاك ، سوف ينقل الحرب .. في .. وعلى سوريا .. إلى مستوى أكثر تدميراً بما لايقاس ، ، ويبعد الأزمة السورية عن الحوار السياسي .. والحل السياسي .. ويفتح المجال لمزيد من الضغوط الدولية " الحليفة " لانتزاع قرار دولي باستخدام القوة الدولية ، لإنهاء الأزمة السورية ، حسب الطريقة " الليبية " أو " العراقية " أو " اليوغسلافية " .

الواضح ، أنه لم يكن لدى ، من أعد ونفذ عسكرة المعارضة ، وفجر حرب التغيير بالتدمير ، ومن وفر مقومات ومكونات السلاح الكيميائي عند الجماعات المسلحة ، ولدى من درب ، وأمر ياستخدامه ، ولدى من نفذ ، أي اعتبار لإنسانية الإنسان السوري مدنياً كان أم عسكرياً ، ولم يكن عندهم جميعاً أي قيمة للمجتمع السوري .. وللوطن السوري ، ولم يكن للضمائر وللمشاعر الإنسانية ، التي أورثهم إياها عضوياً الآباء ، أي وجود . داسوا عليها كلها ، وبات همهم الوحيد .. القتل .. والثأر .. والتدمير .. والغنائم .. والرواتب .. وسلامة المصالح الدولية والإسرائيلية " الصديقة " .. بكلمة .. كانوا وحوشاً بكل معنى الكلمة ..

والواضح أيضاً ، أن كل هؤلاء ، لم يعد يهمهم بشيء ، ما يتمسك به البسطاء من شعارات " ثورية " رومانسية هي ارتداد لصدى ثورة أرادوها " سلمية " بناءة ، قد اختطفت منهم ووئدت بعد أسابيع من ولادتها ، ولم يعد يهمهم بشيء ، أن يعيش الإنسان هنا أو هناك فوق الأرض السورية أو يموت .

ما يمكن تسجيله في هذه الواقعة الكيميائية الكارثية ، أن من قام بها قد وضع نفسه إلى جانب أمريكا ، التي استخدمت هذا السلاح والأخطر منه في العراق ، وحولت المناطق العراقية التي استهدفها إلى عدم ، وهي تحتاج إلى ملايين السنين لتعود إلى طبيعتها الصحية . ووضع نفسه إلى جانب إسرائيل ، التي استخدمت مثل هذا السلاح في عدوانها على غزة فبل سنتين ونيف ، وخلفت عدا العدد الكبير من الشهداء .. خلفت إصابات وتشوهات لاتشفى مدى الحياة ، إذ أن المواطن السوري كان يتوقع ضربات أسلحة الدمار الشامل من أعدائه ، من الدول الاستعمارية ومن إسرائيل التي تهدده ليل نهار ، وليس من أبناء بلده المعارضين ، أو حلفائهم الذين يزعمون أنهم أصدقاء سوريا .

على أهمية وضرورة ، تحديد المسؤولية ، والمحاسبة الصارمة لمرتكبي هذه المجزرة الأبشع في مسلسل المجازر الإرهابية في سوريا ، فإن التوجه لمعالجة منعكساتها الإنسانية في الداخل السوري ، يكتسب اهمية شديدة الإلحاح . فالإنسان السوري .. الطفل السوري .. الذي خنقته السموم باسم " ثورة الحرية " لن يسامح المجرمين ، ولن ينسى من شاهدهم يموتون اختناقاً .. رجالاً .. ونساء .. وأطفالا ً .. أمام عينيه .

لقد ارتكب الذين استخدموا السلاح الكيميائي في الرب السورية جريمة بحق الإنسان السوري .. وبحق الإنسانية .. وارتكبوا أسوأ جريمة بحق الحرية .. مفهوماً .. ونضالاً .. وعيشاً كريماً آمناً . وأساءوا حتى لأنفسهم .. التي جردوها من قيم التمدن والإنسانية .. التي اكتسبها الإنسان بعد أن تجاوز مرحلة شريعة الغاب والتوحش .

لم يعد ذا قيمة إعلامية وسياسية وعسكرية في نظر الإنسان السوري ، التحايل المنافق لإلصاق تهمة الجريمة بهذا الطرف أو ذاك ، أو إدانة طرف لصالح طرف آخر . لقد انكشف المستور أمام بصيرة المواطن السوري . إذ لم يعد هذا المواطن يصدق ، أن الرصاص ، والعبوات الناسفة ، وتدمير بيوته ، ومدنه ، و أسباب معيشته ، وبنى بلده التحتية ، وأخيراً وليس آخراً السلاح الكيميائي .. سيوصله إلى الحرية .. وإلى الحياة الآمنة الكريمة .

لقد انقلب السحر على الساحر .. فالجريمة لم ولن تجلب لمرتكبيها سوى الإدانة الشعبية والدولية . وما كانوا يحلمون به ، من نصرة دولية تساندهم في برنامجهم الحربي التدميري لن يتحقق . وإنما سيجري البحث شعبياً ووطنياً عن طريق آخر .. لعودة الربيع السوري الحقيقي .. والحرية الأبية للشعب السوري ، الذي يستحق الديمقراطية والكرامة بجدارة .

ينبغي ألاّ تدمع عيوننا ألماً .. على الأطفال الذين ماتوا اختناقاً .. وعلى النساء النادبات الزوج والابن والشقيق .. ضحايا الجريمة الكارثة .. بل أن نمعن في البحث عن حل عادل مشرف .. يوصل السوريين جميعاً .. إلى شاطيء الأمان .. والتآخي .. والبناء ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تركيا تدعو سوريا -لاستغلال الهدوء- للتقارب مع المعارضة والتح


.. VODCAST الميادين | حمة الهمامي - الأمين العام لحزب العمال ال




.. غريتا ثونبرغ تنضم إلى آلاف المتظاهرين لأجل المناخ في هلسنكي


.. نيران تأتي على البرلمان الكيني إثر اقتحامه من آلاف المحتجين




.. ماكرون: -برنامج اليمين واليسار سيؤديان الى حرب أهلية في فرنس