الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يتحسس

سماح عادل

2005 / 4 / 8
الادب والفن


قصة قصيرة
عندما رأت الفتى يحوط بذراعه جسد الفتاة, مختلسا بعض اللمسات السرية, متجهين بوجهيهما نحو النيل, أبدت سامية اندهاشا من انحدار الأخلاق, ووصول الشباب إلى مرحلة لا يلتزمون فيها بالقيم. لم يرد حامد عليها, مفتعلا حديثا مع سائق التاكسي. توجه بتفكيره نحو الحاجة, التي تنتظرهما في البيت, هل كانت جميلة في شبابها ؟ صوتها يدل على ذلك, فهو يحوي بعض دلال الأنثى, رغم تجاوزها سن الستين.

وقف التاكسي أمام البيت. أمسكت بيديه. رحبت الحاجة بهما. تعللت بإحضار الطعام. لتتركهما منفردين.دخلا غرفة النوم. أجلسته على السرير.حملقت في عينيه الزائغة.

- أنت حلوة كده ليه.

- يا سلام وعرفت ازاي.

تحسس جسدها. تشبث به مقبلا كل ما يقع عليه فمه. أبعدته رافضة.

- لاءه . لاءه .

لمساته الطائشة تنفرها أكثر مما ترغبها.هل هي تحبه فعلا. ربما في البداية.على الهاتف . مع تخيل ملامح وهمية لصوت رجولي.أما بعد رؤيته. ومعرفة كل شيء . تحول الحب الهاديء لخجل من إحراجه. ليس هذا فقط. فلتواجه نفسها.هو أيضا سيقوم لها بخدمة كبيرة. لو ساعدها, سوف تضمن لأطفالها الثلاث مبلغا يفيد في مصاريف دراستهم, فهو صحفي معروف. يستطيع خدمتها. كما انه خفيف الدم. يملأ فراغ حياتها. لكنه ليس رجلا تستند عليه في الوحدة. ستكتفي بما يقدمه. فهي معه على الأقل مرغوبة كأنثى. بعد أن كانت قد يأست من جاذبيتها. ترهل جسدها الأربعيني. واطفالها الثلاث. وفقرها . أسباب كافية لقتل أية جاذبية. كما أنها ليست جميلة. أو رقيقة .

كل زملائها, في عملها الحكومي, يعاملونها كأرملة طروب, لم يبد أحد, حتى أكثرهم شقاوة, رغبة فيها. هي لا تتدلل عليهم. ولا تعرف كيف تفعل ذلك.

ادخل يديه لتلمس جلدها. يحتضنها بقوة. تجاوبت نصف مستمتعة. خلعت الملابس. فتشت عن أية سخونة في دمائها. لمساته المتخبطة سبب ثان لعزوفها عن الاستمرار. ولهاثه وحركاته السرعة جعلتها تصرخ.

- سيبني دلوقت .

لو كانت ملامحه وسيمة لكان ذلك تعويضا. هو أصلع. وملامحه مضحكة, وقصير, ولا يجيد التعامل بهدوء, ومداعبة. ارتدت ملابسها سريعا. متحججة بأنها لم تعتاده بعد. وأنها لأول مرة تلمس أحدا, بعد زوجها المرحوم, بعد أن تيقن من رفضها. ارتدى ملابسه محتارا. لو كانت لا ترغبه لماذا وافقت على مقابلته ؟ والمغامرة بموعد سري في منزل صديقتها. الحاجة . وتأكيداتها الملحة أن منزل الحاجة آمن. لأنها محبوبة من جيرانها. ولأنها امرأة صالحة. حجت بيت الله. وتعيش بمفردها. وأنها صديقتها الوحيدة. وتستأمنها على اسرارها.وكذلك صوت الحاجة .كان مطمئنا ومرغبا له للحضور معها.

- تعالى يابني زورني معاها .أنا عازماك على أكلة حلوة .أنت وهي زي ولادي.

لماذا بعد كل ذلك.وفي لحظة اللقاء ترفض التجاوب .ظن أنها تحس بالذنب .أو تتردد في تنفيذ الخيانة.وماذا غير ذلك. عندما هاتفها منذ يومين, قالت له أن عم الأولاد عندها, وكانت الساعة وقتها الثالثة صباحا.كيف يأتي في هذه الساعة؟ ربما يكون زوجها حيا. وتخفي ذلك . لم يهتم. فالحاجة أيضا فرصة ثانية. ويمكن أن يستمتع بهما الاثنتين. وكذلك هو لن يستمر طويلا. سوف يؤدي الخدمة, التي وعدها بها, ويرحل سيفعل ذلك بالتدريج. سيخفف أولا من مكالمات الليل, التي تمتد لساعات. ويمتنع عن مقابلتها. بأية حجة. وهي وحدها ستنساه.



هو يحب السيدات في مثل هذه السن. لأنهن لا يطلبن الزواج. ولهن خبرة بالرجل. ورغبة في علاقة غير معقدة. ولا تمتليء بمطالب ومسئوليات. الحب لن يحصل عليه بسهولة. أحب مرة ولم تكن الفتاة تعلم. أو على الأدق كانت تراوغه. وتستغل مشاعره. لن يتزوج عمياء.ولن يجد فتاة ترضى به .لم تعد تؤذيه هذه الأفكار. فقد نضج, كفاية, ليدرك انه, وهو في أوائل الثلاثين, لن يتاح له اتصال بالمرأة, إلا بهذه الطريقة. أن يرافق امرأة اربيعينة. وربما خمسينية لفترة. ثم يتركها – أو تتركه – ويبحث عن أخرى. بمثل هذه المواصفات. ولا مانع من مداعبات مع الشبات. ولمسات خبيثة لا تتجاوز حد الغزل اللعوب..وقد يتحسس ماهو ابعد من الذراع, التي يستند عليه. لذا هو يختار مرافقة, له لتقرا وتكتب. فعمله الصحفي يعتمد على ذلك. وهو قياسا لمن هم في مثل ظروفه, يعد متميزا, يستطيع أن يسير في الشارع وحده. يحفظ الطرق جيدا. يعبر العربات مهتديا بأصوات سيرها. وينشر له في أكثر من جريدة . ويحقق نجاحات في تحقيقاته الجريئة. كما انه يرى من زاوية عينيه اليسرى, بضوء شاحب وجه الفتيات.



فقد بصره عندما كان في العاشرة. نتيجة مرض وراثي. أصاب أخته أيضا. لذا هو يعرف الألوان, والملامح, وأشياء كثيرة. ورغم بعض العوائق, يعيش حياة جميلة. يسهر ليلا على مقاهي وسط البلد . وكثيرا ما يشرب خمرا. ويعود متوطحا في آخر الليل. يقوم بعمل موضوعاته الصحفية بانتظام. ويحتفظ بعلاقات مع مصادر هامة وعديدة. كما انه يمتلك ذاكرة حديدية. تناول الوجبة الدسمة, التي أعدتها الحاجة, وانصرف على وعد بلقاء آخر.

***

- أخبارك إيه .

- الحمد لله .

- كنت متضايقة من اللي إحنا عملناه .

- بس ما اتعودتش عليك .

- طب مش هاتتعودي .

مع الوقت .

- إحنا بقالنا شهور بنسهر مع بعض كل ليلة .

- أنت مستعجل ليه .

- علشان حاسس انك ست حكاية.

- أصل أنا أول مرة اعمل ده في السر.

- على فكرة الخدمة اللي أنتي طلبتيها خلصت .

- بجد . يبقى لازم اعزمك على أكلة حلوة.

- عند الحاجة ؟

- ماشي .

***

ممتنة له, قررت سامية أن تشعر به كرجل, هو رغم ذلك طيب القلب, وحلو اللسان. هي تحتاج لذلك. مرت سنوات دون أن يلمسها رجل. نفضت عن ذهنها كل الأفكار.حاولت أن تجاري رغبته . وسرعة أدائه. طالبته بالهدوء . وبتناول جسدها ببطء. أخذ يتحسس أجزائها. كان جسدها محايدا. لم يفهم هل لها رغبة؟ أم تستجيب وفقط. تبادل معها الحديث. ليتحسس في صوتها . ما لم يفهمه من جلستها نصف المستريحة. فوق السرير. وهي تتعرى إلا من صمت بارد..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة أخيرة - صدقي صخر بدأ بالغناء قبل التمثيل.. يا ترى بيحب


.. كلمة أخيرة - صدقي صخر: أول مرة وقفت قدام كاميرا سنة 2002 مع




.. كلمة أخيرة - مسلسل ريفو كان نقلة كبيرة في حياة صدقي صخر.. ال


.. تفاعلكم | الفنان محمد عبده يكشف طبيعة مرضه ورحلته العلاجية




.. تفاعلكم | الحوثي يخطف ويعتقل فنانين شعبيين والتهمة: الغناء!