الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من الكوفة الى الأنبار

عبدالحميد برتو
باحث

(Abdul Hamid Barto)

2013 / 3 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


كنّا قلّة متمسكين بحبل الوطنية العراقية وسط بحر هائج من الدعاية السوداء المحكمة التي تُشكك بالوطنية العراقية وقوتها في نفوس العراقيين، وكنّا نؤكد منذ البدء على خطر الإحتلال ومفاهيمه وسلوكه وأهدافه في وقت بلغت فيه الوقاحة عند البعض حد قلب المفاهيم حيث باتوا يدعون الإحتلال تحريراً، وسرقة المال العام شطارة وعودة للحقوق، وإنتهاك الحقوق والكرامات ديمقراطية...
مرّت أيام موحشة على شعب العراق، وبعد عشرة أعوام مازال الطارئون على حياة المجتمع العراق يبشرون الناس بالحرب الأهلية ويقرعون طبولها.
خلال تلك الأعوام المرّة أثبتت فئات الشعب الحيوية، وبصفة خاصة العمال والطلاب وأعداد من المثقفين أنهم الأكثر وعياً وإدراكاً للمخاطر التي إخترقت عروقهم وعروق وطنهم أيضاً.
خلال سنوات القهر الغادرة كان العمال العراقيون يدركون أين يكمن الخطر، وأين تكمن مصالحهم الوطنية والمهنية، وقدموا صورة جميلة في أوقات قاسية جداً، تفيد تلك الحالة أو الصورة بأن العراق يعيش في ضمائرهم متحدين عتاة الشحن الطائفي والعرقي، وكذلك خطط المحتل وزعماء الطوائف، خاصة من نُزوعت منهم الروح الوطنية وحتى الروح الإنسانية، وكانت نشاطات الفئات الحية هي الومضة واللوحة المشرقة والساحة الأولى للمواجهات التي أعادت الأمل، والتأكيد على ضرورة العمل من أجل أن يتعافى الوطن.
لقد بدأ عمال النفط في البصرة أولى التحركات العمالية ذات السمات الوطنية فحقائق حياتهم وحياة عوائلهم أقوى من أن تُعطلها أوهام المحتل أو من هم في خدمته، وما هي إلا أيام حتى هب عمال طاسلوجه في السليمانية، وكذلك عمال كي ثري في الأنبار وبغداد ليقولوا جميعاً وبصوت واحد: إنه العراق.
أعترف بأن هذا المشهد العراقي الأصيل لم يراه الكثيرون، وربما لا يريدون الإعتراف به أصلاً وعن سبق إصرار.
واليوم جاءت حادثة طلابية معبرة للغاية عن تلك الروح العراقية، وهي حادثة تمنح الوطنية العراقية زخماً إضافياً، على الرغم من الجهود والنشاطات التي تبذل لنفيها أو تدميرها كلياً أو جزئياً، ويصب في المسعى التدميري والإنتقامي عمل ونشاط عدة جهات.
طلاب جامعة الكوفة الحمراء يوجهون رسالة بسيطة الى زملائهم في جامعة الأنبار، ولكنها رسالة تُمثل إبداعاً عراقياً أصيلاً في زمن مازال الدور الرئيسي في مصائر البلاد بيد كارهيه، تقول الرسالة "لا تصدقوا ما تسمعون عنا فنحن أخوة"، وهذه لغة التاريخ الكبير للحركة الطلابية التقدمية العراقية.
بدأ مشروع الرسالة الطلابية الذي يحمل رسائل وتواقيع طلاب الجامعة بملصق بسيط حتى وصل الى عشرين متراً طولاً في وقت قياسي، وتجاوز في وقت لاحق الخمسين متراً طولاً، هذه الرسالة التي أكدت على الوطنية العراقية ونبذ الطائفية قد تجاوزت حتى تقديرات معدّيها من حيث سعة الإقبال عليها.
لا غرابة أن تنطلق المبادرة من مدينة عراقية عريقة كانت واحدة من أهم إثنتين في علوم اللغة وقواعدها، وكانت العاصمة الخاتم للدولة الراشدة، لتوجه خطابها الى ثاني عاصمة من عواصم دولة العباسيين. إن هذه الرسالة الطلابية عززت القناعة بأن الوطنية العراقية أقوى من المحن، ولا يُمكن أن توضع في موازنة مع أهداف مريضة وضارة، وهي في الوقت عينه تدعو الى مزيد من الإبداع الصميمي المتفاني لإنقاذ العراق كل العراق من ريح صفراء تهب عليه بقوة من أكثر من مكان ولأكثر من هدف.
إن طلاب جامعة الكوفة يريدون أن تكون رسالتهم الى زملائهم في جامعة الأنبار الأطول لتدخل موسوعة غينيس للأرقام القياسية في تحد واضح للعتاة الذين أدخلوا العراق في موسوعة غينيس في أكثر من مجال وإختصاص: كالإرهاب والقمع الدمويين؛ كواتم الصوت؛ السيارات المفخخة؛ الموت في السجون؛ عدد الأرامل؛ المدارس الطينية؛ الإبتزاز، الكذب؛ والجشع السياسي...
إن رسالة طلاب الكوفة الى طلاب الأنبار ستدخل الموسوعة العالمية بطولها، ولكنها ستدخل قلوب العراقيين بمضمونها النبيل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأحزاب الانفصالية في كتالونيا تخسر الأغلبية في الانتخابات ا


.. بلينكن: الاجتياح الواسع لرفح سيزرع الفوضى ولن يؤدي إلى القضا




.. ترقب في إسرائيل لأمر جديد من محكمة العدل الدولية في قضية الإ


.. طائرتان مسيرتان عبرتا من لبنان إلى إسرائيل وانفجرتا في منطقة




.. الإعلام العبري يرصد التوتر المتصاعد بين إسرائيل والولايات ال