الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصراع على سوريا

نضال الابراهيم

2013 / 3 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


الصراع في سوريا وعلى سوريا ، قديم قدم سوريا ذاتها ، فلا يكاد يخلو تاريخ سوريا الطبيعية في اي مرحله من مراحله ، من الصراع الذي يبدو انه قدر سوريا ، ان تكون محل لصراعات بين شعوب غزت سوريا في غابر التاريخ ، ودول و امبراطوريات مختلفة تشابكت ، واختلفت مصالحها ، الى صراعات داخلية ارتبطت ملفاتها بالصراع الخارجي ، على مدى التاريخ القديم والحديث لسوريا الطبيعية ، والذي نتج عنه بعد انهيار الخلافة العثمانية ، تقسم وتقاسم ولاية سوريا من خلال الوعود والاتفاقات والمؤتمرات ، الاستعمارية للمستعمر القديم الجديد ابتداء بوعد بلفور ، الذي اقتطع جزء من (سوريا الجنوبية) لاقامة دولة الكيان الصهيوني عليه ، وهم ما تم فعلا بتقسيم باقي اجزاء سوريا ، على اسس اثنية وطائفية ومذهبية وجيو- سياسية ما بين فرنسا وبريطانيا ، بعد تنفيذ بنود اتفاقية سايكس- بيكو المشهورة .
ويعود ليبرز الملف السوري الان ، في عصر او عهد ما يطلق عليه ( الربيع العربي ) وانتفاضاته او ثوراته ، كما يطلق عليها ، ليكون الملف الابرز ، بعد ان انجزت الانتفاضات الشعبية ( الثورات) العربية في تونس ومصر وليبيا المرحلة الاولى ، من قيامها بتغير الانظمة او على الاقل رؤوس الانظمة ، التي كانت ولعقود جاثمة على تاريخ ومستقبل شعوب هذه الدول والبدء في صرعات من نوع جديد ، داخل هذه الدول ما بين ما يسمى قوى الثورة والثورة المضادة النموذج المصري ، وبناء الدولة والصراع على شكل ومضمون الدولة ، في النموذج الليبي وتغير جزء من بنية ، الدولة علماني او اسلامي ، والصراع حوله في النموذج التونسي . والنماذج الثلاث المذكورة للدول العربية الواقعة جغرفيا في منطقة وادي النيل وشمال افريقيا او المغرب العربي وهذا الامر له معطيات خاصة به ليس مجال بحثها الان .
مقابل ذلك اعتقد جازما ، ان الصراع على سوريا هو الاهم في سلسلة هذه الانتفاضات الشعبية ( الثورات) بالنسبة للدول العربية ، والقوى الاقليمية والدولية الكبرى .

نقمة الجغرافيا السياسية والاجتماعية على سوريا .

ان وجود ( سوريا الدولة ) ، ونستخدم هذا التعبير ، للتميز بينها وبين سوريا الطبيعية بكياناتها الخمسة ، العراق وسوريا ولبنان وفلسطين والأردن في موقعها الجغرافي المميز ، كان ولا زال اقرب للنقمة عليها من كونه نعمة، وذلك بسبب تشابك مصالح قوى اقليمية على مدى التاريخ القديم ، ومعرفة هذه القوى اهمية السيطرة على سوريا، من خلال منع توحدها وهي القاعدة التي كانت ولا زالت ثابتة ، لكل هذه القوى التاريخية والمعاصر منها ، لان وحدة سوريا تعني بروز عملاق جغرافي وسياسي وثقافي واقتصادي ، لن تستطيع اية قوى اخرى مجابهته ، مما يقلم مخالب اية قوى تطمح بان تكون لها السيادة والنفوذ في كامل منطقة ما يطلق عليه الشرق الاوسط ، ويدمر حلم الكيان الصهيوني بان يكون القوى الاقليمية الاولى في الشرق الاوسط ، ويشكل خطر وجودي على هذا الكيان ، لكونه محتل لجزء من اراضي سوريا التاريخية ،وهي فلسطين والنتيجة ان شعوب هذه المنطقة ، هي صاحبة المصلحة الوحيدة بوجود وعودة سوريا الطبيعية ، لان تصبح كيان سياسي واحد ، وهو ما تفعل كل القوى الاقليمية وحلفائها ، من الفئات الاجتماعية والسياسية في المنطقة ، كل ما بوسعها لبقاء الحال على ما هو عليه ، لا بل لا مانع من تفتيتها اكثر ، ما دام ان ذلك يحقق مصالح هذه القوى الخارجية والداخلية معا ، وهذه الموضوعة كانت دائما على مدى تاريخ سوريا المدخل الرئيس لشن كافة اشكال الحروب السياسية والاقتصادية والثقافية ضد كل كياناتها ، او دولها بشكل يخلق هويات متناقضة بينها ، وصل الى حد شن الحروب الداخلية او الاهلية داخل هذه الكيانات لتثبيت " لحظة تاريخية " ، لا يمكن لأي مشروع توحد او اتحاد ان يكتب له النجاح ، بين دولها بسبب هذه الرواسب والنتئوات التاريخية ، التي اصبحت عماد هوية بعض كيانات هذه المنطقة ، والسؤال الان هل ما يجري في سوريا الدولة هو فعلا فقط ثورة شعب ضد نظام قمعي بوليسي ، من حق الشعب الثورة عليه واستبداله بنظام اخر ، يحقق حلم السوريين بالحرية والكرامة والعدالة والمساواة ، المؤكد ان اي مؤمن بالحرية لا يمكن لها ان يقف على الضد من طموح الشعب السوري ، لو كان الامر هكذا فعلا هو الخلاص من نظام ديكتاتوري ، مثله مثل كل انظمة العالم العربي ، ولكن اعتقد ان من السذاجة الاعتقاد انه يمكن تلخيص ما يجري في سوريا على انه كذلك .
والذي لا شك به وجود ثلاث مسلمات في الشأن السوري ، الاولى عفوية قيام الانتفاضة الشعبية في سوريا بعيدا عن نظريات المؤامرة ، والتي بدأها مجموعة تلاميذ مدرسة في مدينة درعا بترديد العبارة السحرية ، للثورات العربية ( الشعب يريد اسقاط النظام) وهم لا يعرفون معناها .
المسلمة الثانية هي بوليسية وقمعية النظام السوري والتي هي جزء من ايدلوجيا كل الانظمة الشمولية في ثنائيتهما التاريخية ( الحزب الواحد – القائد الواحد الابدي الملهم ) والثالة استهداف الدولة السورية بهدف تغير بنيتها وشكلها من جديد بما يؤائم مشاريع مختلفة قد تقاطعت اهدافها او تناقضت تحت مسيمات مختلفة (حرية للشعب السوري – الشرق الاوسط الجديد – الفوضى الخلاقة ) . قد لا يهم كثيرا المسميات بقدر اهمية الاحداث والوقائع على الارض .
وقد يكون ابرز الملفات المطلوب انجازها او صناعات المقدمات لانجازها ، بالنسبة للغرب وإسرائيل من جانب والقوى الاقليمة الرئيسية ايران وتركيا من جانب اخر هي الاتي :
- الملف الايراني وحزب الله .
- اتفاقية السلام بين سوريا الجديدة ولبنان والكيان الصهيوني .
- ملف المقاومة الفلسطينية .
حرب
النقاط او الضربة القاضية .
في الملاكة احد الخصوم اما ان يفوز بعدد النقاط او الضربة القاضية
وقد تم تجريب النظام الاول مع سوريا بمراحل مختلفة ، قبل وبعد اخراجها من لبنان بموجب قررات دولية على اثر اغتيال رئيس الوزارء اللبناني رفيق الحريري وما تلاه من ضربات صغيره ومؤثرة ، لم تصل الى حد اسقاط سوريه وجعلها ترضج لمتطلبات الاندماج في التشكيلة الجديدة المزمع بنائها في الشرق الاوسط ، وقد كان ما يسمى الربيع العربي وبديات ومقدمات الانتفاضة السوريه فرصه للغرب لاعادة انتاج مشروعه على اساس الضربة القاضية ، وهنا تقاطعت مصلحة الجزء الثأئر من الشعب السوري ، ومعارضة الخارج مع مصالح الغرب وإسرائيل ، لتحقيق الغاية من كل هذه الملفات مره واحده ، ويتبدو الصورة الان اكثر وضوحا من خلال المعطيات الاتية .
المطلب القديم الجديد للغرب " وتحالف الاعتدال العربي " من سوريا فك الارتباط من ايران وحزب الله ، يقابله تطبيع العلاقات الامريكية مع سوريا والضغط على اسرائيل للدخول بمفاوضات سلام مع سوريا ، على مبدءا الارض مقابل السلام والتطبيع الكامل ، ولكن الموقف السوري كان متعنت بالنسبة لهم ، وذلك بسبب عدم قبوله لتفاقية سلام تقتطع جزء من الجولان ، ولا تلتزم بقرارات الامم المتحدة .
الملف النووي الايراني وهذا الملف ، اسرائيلي وخليجي بامتياز فقد اجتمعت مصلحة اسرائيل ، ودول الخليج للانتهاء من هذا الملف ، الذي يسبب ارق سياسي لهم ، ايران النووية خطر يتهدد اسرائيل ودول الخليج والنفوذ الاميركي ، من سنوات عدة والمحاولات من الطرفين او لنقل الطرف الواحد كون دول الخليج وامريكا واسرئيل تتبنى استراتجية واحدة اتجاه هذا الملف لذلك اجمعت مصالحهم على منع ايران بأي وسيلة ، من المضي قدما في مشروعها النووي رغم كل التأكيدات الايرانية بان مشروعها هو سلمي ، لغايات انتاج الطاقة وليس اسلحة نووية ، ولكن ذلك لم يقنع هذه الاطراف ولا المجتمع الدولي بذلك ، ويبدو ان ايران قد خطت خطوات كبيرة في مشروعها النووي مما استفز هذه الاطراف وجعلها في تحالف مستمر بخصوص هذا الملف ولا ادل على ذلك من حالة الاصطفاف ، الذي مارستها دول ما كان يسمى محور الاعتدال في حرب 2006 بين المقاومة اللبنانية ، وإسرائيل والدعم والتحريض للقضاء على حزب الله الذي يعتبر بالنسبة لها ، احد اذرع ايران العسكرية والعقائدية في المنطقة، والقضاء عليه يفك عقدة ثلاثية بالنسبة لجميع الاطراف ، والمدخل الرئيس للقضاء على حزب الله هو اسقاط النظام السوري الداعم والمتحالف معه ، والنتيجة اسرائيل تتخلص من عدو ادمى اطرافها ويقض مضجعها ويهدد امنها ، من سنوات وانتصر عليها وانتزع الجنوب اللبناني المحتل منها ويقلم اظافر ايران في بلاد الشام ودول الخليج ، مما يضعف الموقف التفاوضي لإيران في ملفها النووي والاعتراف بها كقوى اقليمية رئيسة في المنطقة .
والتخلص من وجود المقاومة الفلسطينية في دمشق او ما كان يطلق عليه الفصائل العشر التي تعارض اتفاقية اوسلو وعلى رئسها القوة الضاربة حماس ، لغايات حصار هذه الفصائل للقبول بالامر الواقع او تصفيتها وتفسيخها ، خصوصا لو قامت سوريا بطردها من دمشق فاي دولة في العالم تجروء على استقبالهم دون مباركة امريكية اسرائيلية .
اما قضية السلام بين سوريا وإسرائيل ، فقد وقفت سوريا حجرة عثره في وجه الاشتراطات الاسرائيلية والأمريكية ، بإتمام صفقة السلام حسب شروطهم ، وهو ملف شائك للغرب وإسرائيل ، لا بد من الانتهاء منه ، ويبدو ان الانتهاء منه اصبح يتطلب وجود نظام في سوريا اكثر مرونة بالنسبة لهم طبعا ، يمكن ان يوقع اتفاقية سلام حسب المقاس الغربي – الاسرائيلي للسلام ، وخصوصا ان هناك اشارات مشجعة من معارضة الخارج السورية التي بيدو ان بعض فصائلها بدأت مبكرا بمغازلة اسرائيل ، من خلال القنوات الاعلامية ، بانه لا مانع لديها من الاعتراف بإسرائيل ، او عقد اتفاقات سلام معها دون بيان من هذه المعارضة الوطنية جدا اذا كانت سوف تفعل ذلك حبا للسلام وبشرط تحرير الجولان ، ام ان هناك الكثير ما وراء الائكمة واكبر من قضية الجولان والسلام المنتظر؟ ، وهو ما سوف يتضح في مقبل الايام .
ولا يخفى على احد ان ملف السلام البناني – الاسرائيلي مرتبط ارتباط عضوي بملف السلام السوري - الاسرائيلي ، فالنظام السوري الحالي ليس بدعا على من سبقه من الانظمة ، التي حكمت سوريا بعد الاستقلال ، والتي كانت جميعها تعتبر دولة لبنان خاصرة سوريا الاستراتيجية ، في الحرب والسلام ، اضافة الى تململ كل هذه الانظمة ، بالاعتراف بالدولة اللبنانية ، على انها كيان مستقل عن سوريا ، ليس لأسباب تاريخية فقط ، باعتبار ان لبنان كان ولا زال جغرافيا وحضاريا وحتى سياسيا ، جزء من سوريا التاريخية قبل تقسيم سايكس – بيكو ، بل لما يمكن ان يشكله من خطر على سوريا ، وجود نظام سياسي لبناني معادي لدمشق او تابع ، لأي قوة اقليمية او دولية ، غير حليفة لسوريا ، ولا تتقاطع مصالحها مع مصالح دمشق .
متى تكتمل الصورة

ان تطورات الاحداث في سوريا على مدى السنتين الماضيتين ، وما وصل اليه الامر من دمار وتدمير على الارض ، وارتفاع عدد القتلى من طرفي الصراع ، الدولة السورية ومقابلها ما يطلق عليه الجيش الحر ، وحليفه المؤقت من التنظيمات السلفية ، التي اصبحت لا تقاتل فقط بل تمارس دور الدولة في المناطق التي تسيطر عليها ، والتجاذبات الاقليمية والدولية التي وصلت حد التخبط او المؤامرة ، بترك الاحداث على الارض تقرر موقفها ، في تقديم تصوراتها لإنهاء هذا الصراع ، الذي اصبح اقرب الى الحرب الاهلية .
كل هذه المعطيات يمكن ان ينتج عنها الان ، او بوقت قريب في حالة بقاء النظام السوري وخروجه منتصرا ، وهو فرض اصبح بعيد الاحتمال ، او في حالة انتصار المعارضة المسلحة وجيشها الحر ، مع حلفائهم من التنظيمات السلفية ، هو دمار الدولة السورية كما هي قبل هذه الازمة او الثورة او الحرب الاهلية ، وكل هذه المسميات تصلح للتوصيف احداث سوريا والدمار ، هنا قد لا يكون في ما يذهب اليه كثير من المحللين ، وهو تفتت وتقسيم الدولة السورية ، فهذا احد اشكال الدمار ، ولا اظن ان مصالح القوى الاقليمية الفاعلة ، في الصراع تسمح بمثل هذه النتيجة ، ليس حبا بسوريا دولة وشعبا وخوفا ، ولكن بسبب تأثير التقسيم ان تم على مصالح هذه الدول ، بشكل قد ينقل الصراع الى داخلها بسبب التداخلات ، الاثنية والطائفية التي تربط الشعب السوري بدول المحيط الجغرافي والذي سوف يهدد استقرارها .
وعليه يبدو ان الصورة الاكثر ملائمة ، هي بقاء الاقليم السوري موحدا ، بشرط تغير النظام ولا نقصد هنا فقط النظام السياسي اي حزب البعث ونظام الاسد ، فهذا وحده لا يكفي بل تغير شكل ومضمون النظام والدولة ، فلا بد من تغير تركيبة القوى الاجتماعية والسياسية ، الحاكمة في المرحلة اللاحقة لسقوط النظام في سوريا ، ولا يبدو ان هناك نموذج مشابه ، ويمكن استحضاره اكثر من النموذج العراقي ، مما يعني اعادة بناء الدولة السورية ، على اساس التقسيم الطائفي ، حتى لو كان تحت غطاء قوى سياسية علمانية وليبرالية جميعها يرفع شعار دولة مدنية لكل السوريين ، حتى فصيل الاخوان المسلمين السورين ، ولكن تجارب المنطقة اثبتت ان الشعارات والوعود شيء والممارسة والمخطط له على الارض شيء اخر .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تركيا تدرس سحب قواتها من سوريا


.. أوضاع إنسانية صعبة في قطاع غزة وسط استمرار عمليات النزوح




.. انتقادات من الجمهوريين في الكونغرس لإدانة ترامب في قضية - أم


.. كتائب القسام تنشر صورة جندي إسرائيلي قتل في كمين جباليا




.. دريد محاسنة: قناة السويس تمثل الخط الرئيسي للامتداد والتزويد