الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول حديث الملك لمجلة ذي اتلانتك الأمريكية.......(2)

مسَلم الكساسبة

2013 / 3 / 21
مواضيع وابحاث سياسية



إن الإلمام بالتاريخ ووضع أي مشهد ما في سياقه التاريخي والنظر له كجزء من ذلك السياق يساعد على فهم أعمق وأكثر وضوحا وإنصافا .. لذا كان لا بد من هذه الإلمامة التاريخية لنعرف ما هو السياق الذي في مجراه أتيح لأسرة حجازية أن تحكم شعبا شاميا .


ينتمي الملك عبدالله الثاني في الأردن لأسرة حجازية ..وعلى مدى قرون طويلة كان الشغل الشاغل لهذه الأسرة هو تحقيق حلمها باسترداد حقها المدعى في الوصول للسلطة وزعامة الأمة سياسيا ، والقصة معروفة جدا في التاريخ الإسلامي ، إذ بعد وفاة الرسول وتولي أبي بكر الصديق خلافته وهو ليس من أبناء عمومة النبي والذي ما لبث حتى خلفه عمر بن الخطاب وهو كذلك ليس هاشميا ثم تلاه عثمان وهو بدوره قرشي أموي .. وقد كانت بداية رائعة للتعاقب على السلطة وبإيحاء من النبي نفسه وموافقته (مروا أبا بكر فيصل بالناس) ، حيث وفقا لذلك النظام يتم اختيار الحاكم من قبل أهل الحل والعقد وليس توارثا بالحق الإلهي أو العرقي أو الديني ...الخ . وكان يمكن لهذا النظام لو استمر أن يتطور إلى شكل يضاهي الأشكال الحديثة للحكم ..

لكن منعطفا حادا وخطرا بعد مقتل عثمان قد حصل حيث وقعت فتنة عمياء شقت صف الأمة وأدت للاحتراب الذي استمرت نتائجه على شكل شرخ وصدع عميق بين مكونات الأمة حتى يومنا هذا (نشأ التشيع أصلا من دعوى الهاشميين هم ومن تشيع لهم بأحقيتهم في السلطة السياسية وزعامة الأمة ومن جراء الاحتراب الذي نشأ عن تلك الدعوى بالأساس).. هذا من جهة

ومن جهة أخرى ومن نتائج تلك الدعوى أن قضي على نظام التعاقب على السلطة (أهل الحل والعقد ) وتحول الحكم إلى ملك عضوض (وراثي) .. حيث انتصرت فيالق معاوية على جند علي وال الأمر لبني أمية دهرا طويلا ..

وبالنسبة للهاشميين فقد كان فشل محاولتهم في الاحتفاظ بالسلطة التي آلت لهم بعد مقتل عثمان حين تولى علي من بعده الخلافة وعودتها لبي أمية مجددا منعطفا آخر عمق إحساسهم بالظلم والاضطهاد أكثر وجعل همهم الوحيد هو استعادة ذلك الحق المزعوم سلبه ..

وكان دأب تلك الأسرة وسعيها الذي لم يكل طوال ذلك التاريخ الطويل هو الانتصاف لنفسها من ذلك الظلم الذي تأولته لنفسها وتأوله بعض المتشيعين لها والذي لم ينص عليه كتاب ولا سنة ..إذ لم يعرف عن الرسول عليه السلام انه قال بصريح العبارة أن الزعامة السياسية من بعده على الأمة هي لأقاربه وأبناء عمومته .. مما ولد لدى تلك الأسرة على مر التاريخ طباعا ومسلكيات خاصة بهم سيما بعد ما لقوا جراء السعي للسلطة من عنت ومصارع سوء مما عرف في التاريخ بـ (مصارع الطالبيين ) ..ومعروف أن من يدعي حقا حُرمه وشعر ان الناس والقدر قد خذلوه في الوصول إليه سيتأول لنفسه في السعي له ويطور على مر الزمن أساليب يشرعنها ويفتيها لنفسه بعد أن حاول الأساليب الأخرى ولم تفلح ..

وهكذا كان ..فقد ظل هذا الظلم المدعى أو الحلم هو دأبهم وشغلهم الشاغل حتى هزلت الدولة العثمانية فأباحوا لأنفسهم التحالف مع الانجليز وانقضوا عليها مع من انقض من قوى غربية وشرقية وفي ذهنهم الخلافة التي ظلوا يسعون لها أربعة عشر قرنا.. لكن ومن جديد لم تسر معهم الأمور هذه المرة أيضا كما يشتهون ، فانتزع الفرنسيون سوريا من فيصل واستعاد العراقيون بلدهم من الأسرة الحاكمة هناك في مذبحة فظيعة رغم أن العراق موطن التشيع الأصلي وان أهلها هم من دعا الحسين بن علي أصلا للانتصار له على آل أمية وهم من حرضه على عدم المبايعة .. فكانت مذبحة كربلاء المعروفة في التاريخ الإسلامي قبل ذلك ..حتى أن بني العباس واقرارا منهم بخصوصية العراق قد نقلوا عاصمة ملكهم اليها من دمشق اقرار بهذه الحقيقة..ورغم كل ذلك فقد حصل لهم في العراق ما حصل وهو امر لا يتسع المكان هنا للنظر في اسبابه لكن لا بد ان العراقيين كشعب متدين محافظ قد صدم فيمن يفترض انهم حفدة علي والزهراء حينما راى ملكا يشرب الخمرة ويقود سيارته بجنون ويموت في حادث سير وهو مخمور كما في بعض الروايات والله أعلم..

أما في الأردن فقد كان الأمر مختلفا بعض الشيء ..فقد استقر الفرع الهاشمي في الأردن..اذ لم يعرف عن الأردنيين التطرف والعنف ، لكن لم تكن المملكة كما كان في ذهن عبدالله الأول الذي قتل على أبواب القدس .. فقد احتل الإسرائيليون فيما بعد الضفة الغربية من النظام ثم ما لبث الفلسطينيون أن أثمر سعيهم منذ مؤتمر الرباط إلى قرار فك الارتباط حتى أصبحت منظمة التحرير ممثلهم الشرعي والوحيد ، وحزموا أمرهم لتولي أمر النضال لاستعادة أرضهم بأنفسم بعيدا عن المظلة الهاشمية ، فانحسرت مملكة الهاشميين في شرق الأردن فقط وظلت هي البقية الباقية من حلم الخلافة الذي امتد السعي لأجله أربعة عشر قرنا ، ولتؤول الأمور إلى نظام يتحول إلى بائع بوتاس وفوسفات بدلا من أن يفكر كوارث هم وحلم كبير .وان يحترم الشعب والأرض التي استضافته وتوجته وقاتل معه أهلها لأجل حلمه سواء طائعين أو مكرهين .

أما الأردنيون فقد وجدوا أنفسهم متورطين في عُقد وتراث وتِـراتٍ عمرها يربو على أربعة عسر قرنا لا ناقة لهم فيها ولا جمل ، مثل من تُزَوّجُ مطرودا فتطرد بذنبه وهي لم تختره زوجا بخاطرها أصلا ولم تشاركه في ذنبه بالأساس ..

إن الإلمام بالتاريخ ووضع أي مشهد ما في سياقه التاريخي والنظر له كجزء من ذلك السياق يساعد على فهم أعمق وأكثر وضوحا وإنصافا .. لذا كان لا بد من هذه الإلمامة التاريخية لنعرف ما هو السياق الذي في مجراه أتيح لأسرة حجازية أن تحكم شعبا شاميا .


يتبع الحديث.......








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وثائقي -آشلي آند ماديسون-: ماذا حدث بعد قرصنة موقع المواعدة


.. كاليدونيا الجديدة: السلطات الفرنسية تبدأ -عملية كبيرة- للسيط




.. المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانييل هاغاري يعلن مقتل جنديين


.. مقطع مؤثر لأب يتحدث مع طفله الذي استشهد بقصف مدفعي على مخيم




.. واصف عريقات: الجندي الإسرائيلي لا يقاتل بل يستخدم المدفعيات