الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة نقدية في تداعيات الازمة السياسية الراهنة في العراق - 1

سليم سوزه

2013 / 3 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


اعرف جيداً أن لا وجود للانسان خارج الانساق وانها (الانساق) هي من تفكّر بالنيابة عنا وتقرّر ما يمكن ان نكون
فكلٌ منا محكومٌ بنسق يسهل تفكيكه بمجرد استخدام معول النقد وبعض ادوات التشكيك المستفزة، وهذا ما سأحاول تسليط الضوء عليه في السطور القليلة القادمة
بداية ً اقول، من السهل على اي انسان ان يحلّل او يعطي رأياً في اي ميدان معرفي، وطبعاً في عالم السياسة كذلك، لكن الصعب هو احراز مقدار من الاستقلالية والحياد في ذلك التحليل، وقطعاً "الحشد" احد اهم تلك الامور التي تؤثر سلباً في التحليل السياسي، ذلك لانها نتاجاً جمعياً، غالباً ما يكون عاطفياً وليس علمياً، يرى ما يراه المجموع ويغفل عمّا يشخّصه النخبة

فالتعبئة الشعبوية تغيّب جزءاً مهماً من الحقيقة في حين مهارة اللغة واستخدامها المتقن تحرّف جزءها الآخر، والاثنان محكومان بقوالب جاهزة للتبرير تكون حاكمة على نكهة الانسان في التحليل ومحاولة الوصول للحقيقة، فهل هناك امكانية الحياد مع هذا المركّب البنيوي المرعب؟
بالتأكيد لا ... وليس انا من اكتشف هذا بل هو المجنون ميشيل فوكو الذي علّمني ان اكون مجنوناً اركيالوجياً مثله، لا يقف مع النص بمجرد كونه نصاً محترفاً او منمّقاً، بل علّمني كيف افخخ ثنايا النص بعبوات معرفية لاكتشف سر تأثيره وقوته على الآخرين كبديل اكاديمي عن ثقافة الاضطجاع لرمزية زائفة يحملها هذا النص او ذلك الخطاب

من هنا تأتي اهمية التحليل السياسي البعيد عن القوالب والانساق الجاهزة التي تسبق التشخيص وتقتل الحياد في مهده، وكقارئ بنيوي اعرف صعوبة التمرّد على تلك الانساق، لكن هناك دائماً هامش من الديناميكية المفيدة داخل زنازينها، ولعلها تكون حافزاً مشتركاً لنا جميعاً في التحرك لمعرفة الحقيقة المغيبة قسراً في ادغال الجهل او الجهل المتعمّد، بدلاً ان نُشكل على الآخر او ندلّس عليه ما قد لا يعنيه في نصّه مستخدمين مهارة اللغة في التلاعب في الالفاظ وتحريف المعاني، نعم، فاللغة منتج رديء واساس كل ادلجة، ومن يمتلك قدرة التلاعب بها هو من يهيمن على الشعور الجمعي ويحرّك المجموع ادنى اليمين او اقصى الشمال

الاحداث الاخيرة التي يمر بها العراق خيرُ دليلٍ على ثقافة "الحشد" وكيف ان النص يُميّع باتجاه ما نؤمن به سلفاً، اذ ان الجميع (ربما حتى انا) يحلّل ما تراه "الايديولوجيا" وليس ما يراه هو كأنسان له رأي حر وسط كل هذا الصخب، طبعاً لا اقصد ان الانسان حر تماماً، هذا نسفٌ لما قدّمت له انا في بداية المقالة من حيث اني لا اؤمن بشيء اسمه الحرية في عالم الانساق، لكن اقول الحرية في حدود تلك البنى الحاكمة، وهي ليست مهمة مستحيلة، على الاقل، محاولة في فهم الآخر بهدوء والتعرّف على الايقونة المحركّة له حتى يتسنّى لنا مناقشة تلك الايقونة والوصول الى افضل المشتركات قبل ان نتهم بعضنا بعضاً بتهم وافتراضات

ما يهمني هو ما وصل اليه الوضع في العراق اليوم، من هو السبب في ايصال الامور الى هذا الحد؟ وكيف تحوّل فجأة الوضع من جيد نسبي الى سيء ثم اسوأ، او حتى انهيار كما يراه بعضنا! الجيد النسبي في السنتين العاشرة والحادية عشرة بعد الالفين، والسيء للاسوأ بدأ بعدهما وحتى لحظة كتابة هذه المقالة؟
يُتبع بمقالة اخرى....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس: البدأ بترحيل مهاجرين أفارقة الى بلدانهم، فما القصة؟ |


.. هجوم إلكتروني على وزارة الدفاع البريطانية.. والصين في قفص ا




.. -سابك- تستضيف منتدى بواو الآسيوي لأول مرة في الرياض


.. السياحة ثروات كامنة وفرص هائلة #بزنس_مع_لبنى PLZ share




.. المعركة الأخيرة.. أين يذهب سكان رفح؟ | #على_الخريطة