الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بصدد المثقف الخبزي

عبد الغني سهاد

2013 / 3 / 22
مواضيع وابحاث سياسية




أصبحت صورة المثقف الملتزم والمناضل تتلاشى تدريجيا لتزول وتحل محلها صورة اقل ما يقال عنها كونها باهتة الوانها ...فارغة مضامينها .صورة للمثقف الخبزي ...حيث لم يعد للمثقف ذلك الدور الفاعل في التاريخ الذي كان له في العهود المنصرمة .( والقرون الخالية )
عهود كان للمثقف مشاركة طليعية في الاحداث والوقائع التاريخية الكبرى ..يصنعها ويهندسها اوعلى الاقل يوجهها وجهتها الصحيحية .وكان المثقف في طليعة الاحداث .
ماركس كان ينظر-من التنظير- للثورات الاشتراكية ويحرض العمال في كتاباته العديدة عليها ..ولينين الذي هندس للتغيير في أكبر إمبراطورية في روسيا الممتدة الاطراف ..ونيتشة الذي إحتقر الحداثة وأسس لنقدها وقضى نحبه وهو يدعو الى هدم الاصنام والاوهام الوثنية عندالانسان الاوروبي ...وروزا لوكسمبورغ التي دفعت حياتها ثمنا لمناهضة الحرب الكونية ...وغرامشي الذي يقضي نحبه في سجون الفاشية ...ارنست همينجواي الذي
و قف في وجه الديكتاتور فرنكو وفي صف كاسترو....بريخت الذي يحدد مهما المثقفين إتجاه الثورات ......وجورج أورويل الذي حارب في صفوف الحمر باسبانيا وفضح الانظمة الشمولية التي تتجسس على كل مواطنيها في رواية 1984...واندري مالروا الدي ندد بالاستعمار ...جون بول سارتر الذي وقف في صف الثورة الكوبية ..يوسف إدريس الدي تطوع طبيبا في صفوف ثوارالجزائر ...بابلو بيرودا الذي ناضل مع اليندي ضد الفاشية العسكرية ...عبد اللطيف اللعبي يقلب العالم على راس النظام المغربي وهو في المعتقل ....اوكتافيو باث يستقيل من منصبه كسفير بالهند لكون الحكومة المكسيكية تقمع الطلبة في بلاده ..وعمر بن جلون يدفع حياته ثمنا لفكرة ...كذلك احمد فؤاد نجم يترهل في سجون السادات ..وعبد الرحمن منيف يتشرد في العالم بسبب فضحه لمجتمعات النفط ...وغيرهم كثير ....
كان المثقف خلال الازمنة المنصرمة في وضع رائع يعتقد ان له مهما جسيمة تجاه شعبه وكان اعتقاده هدا عاما .....واستمر ذلكالى حدود الثمانينات من القرن العشرين ....كانت الاحزاب والنقابات والمجلات الثورية انفاس –الثقافةالجديدة –الجسور – اقلام-وغيرها تضع المواضيع وتحددمهام المثقف الممثلة في تفكيك الايديولوجية البورجوازية وتطوير النظريات الثورية وتحديد مواقعهم الامامية داخل طيقتهم الاجتماعية .....وقد نفد المثقفون المغاربة الكثير من هده المهام بحماس غير مسبوق غير ان ميولهم المتبرجزة كانت تنتصر على خياراتهم الما قبل ثورية ....
قليلون منهم اليوم من لا زال يهتم بتنفيذ تلك المهام وتبنيها ..فمثفق العقود الحديثة ليست لهم الجراة على الفعل الثوري والانضمام الى النضال من اجل اهداف طبقية محضة ..وهاهو اللعبي يصرح بتواضع يتناسب مع سمة المرحلة – الشاعر يعبر فقط ..وقافلة الحضارة قد تخطو في اثره وقد تتبع طريقا اخر ...من هو الشاعر الذي يمكن ان يدعي ..فيقول : انا اقود القافلة ...؟لا احد الان على الاقل ....-----
ان هدا التراجع في وظيفة المثقف الاجتماعية لا يمكن عده امرا نشازا بل انه حتمية لانتصار اقتصاد السوق وانتصار النظام الرأسمالي الكاسح ..وهدم أركان الستالينية البيروقراطية ..التي توجهت بدورها الى السير في سكة نفس النظام الذي لا مشروع لديه غير الربح ..وقد اغوي اقتصاد السوق فرانسيس فوكوياما ليعلن نهاية التاريخ .ولعل هدا الانتصار غير المتوقع غير موقع الاشياء وزوايا النظر اليها .....
يقول ريجيس دوبري محدد التغيرات الحاصلة في السلطة الفكرية في العقدين الاخيرين من القرن العشرين..: (حدث نوع من الانهيار لما كان من استقلال في الجهاز الجامعي .تمركز في الوسائل الاعلامية ..انحطاط فيما هو سياسي ..تراجع الدولة امام السوق ..تراجع الذاكرة الوطنية امام الداكرة المسماة عالمية ..وهي ذاكرة امريكية بشكل واسع (. هذه الداكرة الامريكية (نمط عيش معين ) التي تروجها شركات الكوكاوكولا والماكدونالد ..والمالبورو..لفرض صورة مجتمع الرفاهية والاستهلاك على مجتمعات فقيرة ومنهوبة ....ان الخلاصة التي يمكن الخروج بها من هذا التحليل هي ان مثقف المرحلة لم يعد عضويا ......
هذه الصورة العامة تنطبق الى حد ما على الكتاب الشباب في مغرب اليوم هذا اذا ابتعدنا عن الكلام عن المثقف الذي غير معطفه وبدل من مبادئه تمشيا مع التغيرات السريعة التي عرفتها المرحلة ....المثقفون الشباب اصبحوا اكثر تواضعا واقل تفاؤلا...تضغط عليهم المطالب اليومية المعيشية اكثر من الاحلام الكبيرة التي غلفت العقود السابقة ...ويمكن ان نضيف الى هذا المنحى الخبزي كون الكتاب الشباب يتصفون بخاصيتين أساسيتين ...الاولى هي ضعف مستواهم الثقافي مقارنة مع الاجيال السابقة .ويظهر ذلك في ضعف الاطلاع على تاريخ الادب العالمي وإهمال القراءة باللغات الاجنبية ..والدليل على هدا الضعف هو تلك الكتابات ذات الطابع الانشائي والتي تتخفى خلف لغة شعرية بكائية دون ان تقول شيئا ....
والخاصية الثانية ان هؤلاء المثقفين الشباب أقل تسيسا مما كان عليه الامر في الستينات والسبعينات من القرن المنصرم ..ففي تلك المرحلة تحملت الشبيبة مسؤوليتها كاملة في الفصول الدراسية وفي الصحافة ..وقد اهتمت بالادب وانتجبت ادبا تميز بنفس واثق بالشعب ..مؤمن ومرتبط بقضاياه وهمومه ....(...) الكتاب الشباب حاليا هم خلاف دلك لدى غالبيتهم عداء يكاد يكون فطريا اتجاه السياسية السياسوية بل يعتبرون الساسة سبب نكبتهم ....

=======








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الانتخابات الرئاسية الأمريكية: نهاية سباق ضيق


.. احتجاجًا على -التطبيق التعسفي لقواعد اللباس-.. طالبة تتجرد م




.. هذا ما ستفعله إيران قبل تنصيب الرئيس الأميركي القادم | #التا


.. متظاهرون بباريس يحتجون على الحرب الإسرائيلية في غزة ولبنان




.. أبرز ما جاء في الصحف الدولية بشأن التصعيد الإسرائيلي في الشر