الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسمار المخابرات .. مطرقة الملك عبد الله II .. وصناعة النمو

خالد عياصرة

2013 / 3 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


خالد عياصرة - خاص
مازالت مقابلة – البروفايل - الملك مع مجلة أتلانتيك تتفاعل.
خلال الأيام الماضية ركزنا على ايجابيات المقابلة، وقلنا انها موجهة إلى الخارج لا إلى الداخل، وهو ما نجح فيه الملك فعاليا، الا أن الترجمة - الساقطة – عملت على توتير الاجواء المشحونة أصلا، وسببا في كل هذا اللغط.
اليوم سنتعرض الى العناوين الأبرز التي تناولها الملك في حواره الممتد مع الصحفي الامريكي جيفري جولبيرغ، حسب الأهمية لا الترتيب.
 المخابرات العامة
"خطوتان الى الأمام ثم خطوة الى الخلف "
"المخابرات صانعة المشاكل"
"مؤسسات وثقت بها لم تكن معي، لقد كانت المخابرات "
تقسم دائرة المخابرات حسب أقوال الملك الى جناحين :
الأول : جناح وطني بامتياز يقف بوجه كل ما يهدد بقاء الدولة الأردنية الواقعة في عمق المشاريع الدولية، وهذه التي انتقدها الملك.
الثاني: جناح توطيني يتبع مشاريع اقليمية يحاول تطبيقها، لكنها محاصره من أصحاب الجناح الأول، وهذه التي يفتقدها الملك، لأنها تنفذ أوامره، وتطبقها، لإيمانها بأفكار حاضر "سيدي".
إذن، المخابرات تضم اتجاهين متصارعين، كلا منها يريد إثبات شرعية نظرته لإيجاد ارضية صلبة للبقاء والعمل.
الى جانب ذلك هناك الحرس القديم الذي أصطف مع أصحاب التيار الوطني الأول وعمل جاهدا على منع اصحاب المشروع التوطيني الاقليمي من تطبيق افكاره، يقابلهم بطبيعة الحال اللبراليين الذين دعموا اعضاء الطرف الثاني، وهؤلاء هم اليوم المحسوبون على النظام والداخلين في حمايته.
هنا الملك يفضل الطرف الثاني على الأول، فيقطع حبل العلاقة التاريخية التي نشأت منذ تأسيس الدولة، فهؤلاء هم حراس النظام، بل النظام هو من أوجدهم وحماهم وشرع بقاءهم، مقابل ضمان استقرار الدولة والعرش، وفق علاقة نفعيه.
اذن يمكن تفسير قول الملك بما يلي : أن رجال المخابرات والحرس القديم حالو دون انجاح مشاريعي القائمة على توسيع دائرة الحضور الفلسطيني، لان هؤلاء يعتبرون وجود هؤلاء يشكل خطر محدقا بالدولة الاردنية وكيانها، ويعطي الافضلية للطرف الأخر.
سيما وان الدائرة لم تنتج شخصية مخابراتية بارزة منذ وفاة المشير سعد خير - رحمة الله - في ظروف غامضة في فينا، اللهم عدا تلك الفترة القصيرة زمنيا والتي شهدت صراعا مريرا بين الجناحين وعرابيهم ممثلا بمحمد الذهبي مدير المخابرات الأسبق– المسجون حاليا – وباسم عوض الله رئيس الديوان الملكي الأسبق المشاريع التي ذكرها الملك ويحاول تطبيقها، غير ذلك لم تشهد الدائرة قائدا يشار له بالبنان لا داخليا ولا خارجيا.
اضف الى ذلك، إن وصف الملك لدائرة المخابرات ورجالاتها بهذه الطريقة حتى وإن كانت موجهة للخارج، تمثل كشفا خطيرا لدورها الوطني، كونها عماد الدولة وأحد أهم أركانها.
فهل موافقة الدائرة الملك على مشاريعه، لأنه يعتقد بأهميتها دون الاخذ بالتوصيات الامنية يعني أن الدائرة وطنية، وهل عدم اطاعته الدائرة يعني أن الدائرة غير وطنية، وضد الاصلاح وضد محاربة الفاسدين.
هنا الرهان يكون على النوعيات العاملة في الداخل والتي تؤكد خوفها على البلد من عواصف التغيير اللامرغوب ضد البلد.
السابق يدعونا لتوقع التالي: إقالة مدير المخابرات الحالي برفقة عدد من ضباط المخابرات في الدائرة، بهدف جلب من يرضى القيام بتطبيق أفكار الملك، وبتالي سيطرة الجناح الأول ومشاريعه على عمل الدائرة.
أعتقد أنها بدأت منذ أيام !
الإخوان المسلمين والأحزاب
"منع الاخوان المسلمين من الوصول الى السلطة، هذا هو نضالنا"
" ذئاب في ثياب حملان"
" جزء من النظام وجزء من العملية"
يتناول الملك في المقابلة نظرته الى جماعة الإخوان المسلمين، لا باعتبارهم شركاء في النظام كما صرح اكثر من مره ، بل باعتبارهم " ذئاب بملابس حملان، وحزب ماسوني" كونهم " يشكلون التحدي الاكبر" له ولبقاء المملكة، خصوصا بعدما تصدروا المشهد في مصر وتونس.
في الحقيقة هذا فيه إجحاف بحق جماعة الاخوان المسلمين، على الرغم من اختلافنا معهم، لانهم ببساطة غير ذلك، والملك يعي جيدا ذلك، كما الغرب الذي وجهت له المقابلة هذه.
فالإخوان هم التشكيل الأكثر تنظيما في البلد، شئنا أم أبينا، وهم تاريخيا أهم أعمدة العرش، وهذا يحسب لهم لا عليهم. فلا أحزاب فعليه عداهم على الساحة، ولا قوة تنظيمية سواهم.
السبب في ذلك يعود إلى قوة القبضة الأمنية التي حالت دون إنشاء أحزاب حقيقية، لذا عزف الشعب عن الانتماء لها، فغابت الثقافة الحزبية، وحضرت مكانها الثقافة المرعوبة من الانتماء للأحزاب، والمدعومة بأساليب الترهيب والتخويف التي اتبعتها الاجهزة سابقا وحاليا.
هذه الثقافة توارثها أبناء الأردن كابرا عن كابر، ومازالت تفعل الافاعيل، على الرغم من دعوة الملك مرارا وتكرارا لرفع يد القبضة الامنية عن الاحزاب والعمل الحزبي. الا أن الأجهزة ومن خلفها الوزارات التابعة لها، لم تكترث، فهي مازالت مثلا توقع الموظفين على تعهدات بمنع العمل الحزبي، ذات الأمر نجده عندما يوقع طلبة الجامعات على تعهدات بالامتناع عن ممارسة العمل الحزبي داخل الجامعات، بل ومنع العمل السياسي داخلها، والا فان العقاب جاهز لكل من تسول له نفسه القيام بذلك.
الملك الذي لم يكتفي فقط بالإخوان المسلمين من شلال انتقاده، بل ضم اليهم أحزاب محسوبة تقليديا على الدولة الأردنية، فهي من أوجدتها للقول أننا دولة ديمقراطية وتؤمن بالتعددية السياسية، لكن حسب وجهة نظرنا ومصالحنا نحن النظام، لا حسب حاجة الشعب، لذا بنيت هذه الاحزاب وسلمت دفة قيادتها الى المحسوبين على النظام.
هنا تحديدا ذكر الملك حزب التيار الوطني الذي أطلع على برامجه السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ليجدها تتناسب مع فكر الديناصورات التي تقودها، والتي بدورها وجهتها إلى الديناصورات الشبيه لها، مع اسقاط 70% من عموم الشعب الأردني.
فبرامج الحزب وجدت لإبقاء سيطرة الفئات المستفيدة من النظام على امتيازاتها، دون السماح للأخرين بالدخول اليها، لذا كانت الأحزاب بمثابة بنايات شاهقة لكنها لا تحوي لا طوابقا ولا غرافا، شكلا كرتونيا دون مضمون !!
الديناصورات والعشائر
"اليوم سأجلس مع الديناصورات القديمة "
وصف الملك قادة بعض العشائر بـ " الديناصورات " كتعبير عن امتعاضه من بعضهم، فافكارهم لا تواكب التطور، وبسبب تمسكم الرجعي بالأفكار القديمة الرافضة التحديث الذي يؤمن به.
هذا الوصف مستخدم في الغرب الذي يأخذه ويرضى به، لكنه غير مستخدم في الشرق الذي يرفضه، لدلاته على الموت والقدم وانتهاء الدور، وهنا يفهم في غير سياقه.
هذا ما حصل فعليا، فبمجرد سماع المصطلح حتى سارع "البعض" للقول أن الملك أهان العشائر الأردنية ورجالاتها، مع ظان الحقيقة غير ذلك للإنصاف، وانكار للواقع بل انقلاب عليه، فالرجل وصف عقليه البعض وأنتقدها، لكنه لم ينتقد العشائر، وهي ليست المرة الأولى التي يذكر بها الملك مصطلحات من هذا النوع فقد صرح بها أكثر من مره في أكثر من مكان.
في السياق عينه، يعد استخدام "الديناصورات " كوصف لرموز العشائر التابعة للنظام والمستفيدة منه، لكن الملك نسي أنه لم يجرب الا هؤلاء أو ابنائهم، ولم ينظر للشعب الأردني، لذا جاء المخرج الذي يدعي الحداثة كما الأخرين، فلا فرق بين الأبن وأبيه في هذه الحالة.
الى جانب هذا، طبق الملك بعضا من رؤياه فأستبدل هؤلاء بمن هم محسوبين عليه، فكانت النتيجة كذلك خيانة عظمى وقع ضحيتها الملك نفسه.
لان الفئات المستوردة هذه كانت أكثر أثرا على البلد وخطورة من السابقين، فأهم قادة الفساد، ومن سرقوا البلد وموارده منهم، وهم من باعوه بحجة التطوير والتحديث والخصخصة، فهزت اعمدته واستقرارها، لتفضيلهم المصالح الشخصية والأرصدة والامتيازات على مصالح الدولة العليا.
توسيع دائرة المشاركة الأردنيين من أصل فلسطيني
هنا يمكن إطلاق فكرة "صناعة المملكة الجديدة " لضمان استمرار الحكم على كرسيه، من خلال اعتماد أرضيات جديدة
توسع دائرة التشاركية والتكاملية من خلال زيادة جرع التمثيل للمكون الفلسطيني الاردني في المؤسسات السيادية، مع أن الامر يعتبر بمثابة الفتيل لبرميل البارود القابل للانفجار في أي لحظة.
الثقافة التي يروج لها الملك، قد يقتنع بها الغرب، لكن حتما لا يقتنع بها الأردني و الفلسطيني الوطني.
الغريب في الأمر أن الملك ذكر نصف المشروع، لكنه لم يذكر النصف الأخر فالمشروع يتطلب تعزيزه بواسطة رفده بدفعات جديدة متواجدة في الأردن غير مجنسه تقدر ما يقارب من مليون وربع فلسطيني. ومن ثم القبول بدخول فلسطيني سوريا ولبنان الى الأردن، ومنحهم هم الأخرين للجنسيات، مع منحهم كافة الحقوق، مقابل تخليهم عن حقوقهم !
وقد يكون هناك ثمة دورا أردنيا في الضفة الغربية، من أجل ضمان تطبيق المرحلة الثانية من المشروع الأحب لقلب اسرائيل القائم على يهودية الدولة.
هذا يعني بلا شك تماهيا مع مشاريع التوطينين، القائمة أساسا على تفريغ فلسطين واسقاط حقوق الشعب، وتأمين أسرائيل وضمان بقاءها.
الأردن في هذه الحالة لا يتعدى دوره أن لا يكون وطنا وأرضا بل ديمغرافيا، يضيق ويستسع حسب الحاجه، تستقبل أكثر مما تنتج.
إسرائيل ... الخوف عليها
"لا ريد أن تأتي حكومة وتقول : نحن نرفض معاهدة السلام مع اسرائيل"
"علاقتي مع نتنياهو قوية جداً ونقاشاتنا تحسنت فعلاً "
" أصبح الحل متأخراً لحل الدولتين فقد تجاوزناها فعلاً "
جوانب عديده تطرق لها الملك تحت عنوان اسرائيل، وعلاقته معها، حيث بدا بالتعاون بينه وبين بنيامين نتنياهو على كافة الصعد، في سبيل حماية الحدود، مرورا بالرفض المطلق لإلغاء معاهدة السلام الموقعة بين الطرفين عام 1994، لتصل الى حدود التشاور الدوري بين الرجلين، وهذه جميعها صبت في خانة تحقيق أكبر قدر ممكن من الأمن اسرائيل واستمراريتها في الوجود.
الا ان الملك يشرح ويؤكد أن الأمن المنشود لن يتحقق مادام الجانب الفلسطيني لم يمنح حقوقه، ولم تؤسس دولته، القائمة على خيار حل الدولتين، التي يراها قد انتهت وباتت بحكم الماضي، الا ان الملك يتناسى أن الفكرة بحد ذاتها تتعارض مع السياسة الإسرائيلية القائمة على تحقيق يهودية الدولة.
مع هذا، الملك يمهد للمشروع الدولة الواحدة التي تضم الجانبين، دون ذكر الدور المنوط في الأردن بهذه الحالة، وهل هو سيكون جزء من المشروع ام لا .
إخوانه ... والعائلة المالكة.
" كل الأخرين مستهلكين في العائلة المالكة"
" انظر الى بعض اشقائي يعتقدون أنهم أمراء"
" عائلتي لم تتفهم الامور بعد "
" لا يوجد أحد في العائلة المالكة لا يمكن استبداله "
تعرض الملك لعلاقته بإخوانه، الذين ينقسمون ما بين مؤيد ومعارض لمشاريعه، خاصة التي لها علاقة بتخليه عن العرش.
يمكن هنا شم نوع من عدم الثقة بينهم، فهو لا يفهمهم وهم لا يستمعون له. خصوصا وان الامراء يفضلون التمتع بامتيازاتهم الاميرية، مما يجعل الملك يقف بوجههم شخصيا، وان تطلب الامر يمنعهم بالقوة. حتى لا يكونوا سببا في إنتاج أزمات هو بغنى عنها.
لكن الامراء وازواج الاميرات لا يكترثون لهذه التوجيهات، يسيرون عكسها وعكس رغبة صاحبها.
هنا يمكن القول أن الملك تناسى الى أن أهم ملفات الكبرى التي يصمت عليها اليوم، وكانت سببا في ما آلت اليه الأوضاع في البلد سببها أما الامراء أو ازواج الاميرات أو العوائل الحاكمة المحيطة بالنظام.
لننظر مثلا الى مؤسسة نهر الأردن، الى مشروعات مدرستي، الى المهرجانات، الى الشركات، الى الموارد، التي يتدخل فيها الامراء بكل صغيرة وكبيرة، ومن قبل هذا ومن بعده، تدخل الملكة في هذه، مع أن هذه الأعمال يتوجب أن تقوم بها الوزارات ذات الصفة الدستورية.

مأخذ على طريقة التعامل مع المقابلة.
الصحفي جيفري جولبيرغ سخر الجميع، اشغلهم من حيث يدرون ولا يدرون مع ان المقابلة "البروفايل" وجهت للخارج. الا ان تعامل معها في الداخل فشل فشلا ذريعا.
نستثني من ذلك كلا من الدكتور حسن البراري الخبير في الشؤون الاميركية والدكتور داؤود كتاب.
عدد غير قليل من الكتاب والاعلاميين اعتمدوا على دكتاتورية الكلمات في كتاباتهم لاسقاط الشرعية عن المقابلة، مع ان المقابلة حقيقية 100%
كنا نتمنى ان نشهد عصفا فكريا حقيقيا يقوده كتابنا الا ان امنياتنا ذهبت ادراج الريح.
في السياق عينه، من المؤسف خلال الفترة الماضية ان كبار الكتاب قاموا وعلى مدار ايام يطعنون الكاتب لا افكاره، بهدف شيطنة الكاتب وتكذيب طروحاته، فكان مقصهم اكبر من اقلامهم، غير مكترثين بحرية الرأي.
الى جانب ذلك، غابت خلال الايام القادمة ترجمة حقيقة للمقابلة يمكن الاعتماد عليها والاشادة بها
يبقى السؤال الاهم: هل يبقى الشعب يعول كثيرا على قيادة الملك في ظل المتغيرات التي تعصف في بنية المجتمع الاردني وافكاره؟
فهل يبقى الشعب يعول كثيرا على قيادة الملك في ظل المتغيرات التي تعصف في بنية المجتمع الاردني وافكاره؟

ختاما: هل يبقى الشعب يعول كثيرا على قيادة الملك في ظل المتغيرات التي تعصف في بنية المجتمع الاردني وافكاره؟ لكن ثمة ورقة واحدة بيد الملك لم تفعل الى الان، وهي ورقة الجيش، فهل يستخدمها ؟

خالد عياصرة
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مخاوف من استخدامه كـ-سلاح حرب-.. أول كلب آلي في العالم ينفث


.. تراجع شعبية حماس لدى سكان غزة والضفة الغربية.. صحيفة فايننشا




.. نشاط دبلوماسي مصري مكثف في ظل تراجع الدور القطري في الوساطة


.. كيف يمكن توصيف واقع جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة؟




.. زيلنسكي يشكر أمير دولة قطر على الوساطة الناجحة بين روسيا وأو