الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أمهات السادة الضباط!

إكرام يوسف

2013 / 3 / 24
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


للعام الثالث على التوالي، يمر عيد الأم بلا طعم مهما حاولنا أن نحايل أنفسنا للاحتفال به، فالأمهات صرن بين أم شهيد، حرمت إلى الأبد من تهنئة ابنها بالعيد، ولم يحاسب قاتلوه حتى تخف آلام الثكل، وأم مصاب يتمزق قلبها حزنًا على ابن ـ أوابنة ـ فقد عينه أو عضو من أعضاء جسده أو أصيب بعاهة وهو "في عز الصبا " ستلازمه طوال، العمر وتحرمه من كل ما يتمتع به أقرانه في شرخ الشباب، أوأم رفيق لهذا وذاك، يؤمن أن الله ما أمد في أجله عن رفاقه إلا ليكمل مسيرتهم ويقتص لهم، وتموت أمه في اليوم مائة مرة قلقا على ابنها ـ أو ابنتها ـ الذي يشعر بالذنب لأن حق رفاقه الشهداء والمصابين لم يرد، ويصر على القصاص لهم؛ حتى لو كلفه ذلك حياته! بعدما قفز على الثورة أعداؤها، يريدون إجهاضها، ولا يتورعون عن التعذيب والقتل في سبيل ذلك؛ وتضع يدها على قلبها وهي تسمع كل عدة أيام عن خطف ثائر خرج يطالب بحقنا جميعا في عيش كريم، ثم عاد لأهله جثة تنطق معالمها بآثار وحشية مورست عليه!
وأكثر ما يحيرني، التفكيرفي إحساس أم ذلك الضابط، صائد العيون؛ عندما يقدم لها ابنها هدية عيدها بيديه الملطختين بدماء عيون أطفأ نورها إلى الأبد! أو أم قاتل محمد الجندي، أو كريستي، أوعمرو سعد، أو محمد الشافعي!! وقبلهم مينا دانيال وعماد عفت وعلاء عبد الهادي، وصابرين؛ أو من أصاب أحمد حرارة، أو كريم عبد العزيز، أو رنده سامي، وغيرهم مئات من الشهداء والمصابين!! كيف يستطيعون إخفاء الدماء التي تقطر من أصابعهم وهم يقدمون الهدايا لأمهاتهم؟ وكيف ستتلقى أمهاتهم هدايا العيد؟ وهل تصدق أي أم منهن أن ابنها الذي حملته ودللته صغيرا حتى فرحت بقبوله في كلية الشرطة، وتحسست بذلته الرسمية بفخر عندما وضع أول "دبورة" على كتفه، سيكون بهذه الوحشية؟ هل أقسمت عليه أن يراعي الله في عمله و ألا يظلم أحدًا أو يهين كرامة إنسان؟ هل تعرف أمهات القتلة والساديين ـ من يتلذذون بإهانة البشر ـ أن أبناءهن يعانون من عقد نفسية وانحرافات إجرامية تظهر عند تعاملهم مع العزل؟ هل يستطيع كل منهم أن ينظر في عيني والدته وهو يعلم أنه ألحق بها إهانات كثيرة، وطعن في شرفها مرات كثيرة، عندما أهان وطعن في شرف أمهات المحتجزين؟ لقد نهى الله سبحانه وتعالى ـ في سورة الأنعام ـ المؤمنين عن سب الكفار حتى لا يسبون الله عدوا بغير علم "وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ"؛ فهل نهت أمهات الضباط أبناءهن عن سب أمهات الناس، حتى لا يسبونهن ويطعنون في شرفهن ولو في سرائرهم؟ هل تعلم أم أي ضابط كم مرة في اليوم ترد لها الشتيمة واللعنة على أيدي المظلومين؟ وهل تعلم أن دعواتها ـ كأي أم ـ لله، أن يحفظ ابنها ويوفقه، يقابلها أضعافا مضاعفة من دعوات المظلومين كي ينتقم الله منه ويذله ويقصف عمره؟ هل تحتمل أم كل ضابط أن ترى ابنها مكان محمد الجندي أو عصام عطا؟ ألم تسمع كل منهن قول الله تعالى "وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ"؟
كتبت من قبل أنني أنتظر من أحد الإعلاميين الجادين، استضافة متخصصين في الطب النفسي لتحليل نفسي الضباط الذين يقترفون جرائم إهانة المعتقلين أو تعذيبهم؛ فربما يدفع ذلك بعضهم إلى طلب العلاج. وربما يؤدي إلى إنقاذ شباب آخرين من الوقوع في أيدي زبانية مرضى، أو ينقذ هؤلاء المرضى أنفسهم من مصير محتوم ينتظرهم عندما يفيض الكيل بالمظلومين ويهبون لنيل حقوقهم بأيديهم. وربما تلاحظ إحدى أمهات هؤلاء المرضى أعراض المرض على ابنها، فتدفعه للعلاج، لتنقذه وتنقذ ضحاياه أيضا.
احذروا غضبة المظلومين! فرغم جميع دعاوى السلمية التي يطرحها الثوار والساسة والمثقفون، هناك كثيرون لا يرون جدوى من مواصلة النهج السلمي في مواجهة استهانة الدولة بحقوقهم، وعدم مساءلة زبانية التعذيب والقتل! وعندما ينفد صبرهم لن يستمعوا لصوت العقل، وسيلبون نداء الثأر والانتقام. ويومها سوف ندفع جميعا الثمن.
لم يعد هناك بديل أمام الحاكم من محاسبة المسئولين عن جرائم التعذيب والقتل. ولا مفر من إعادة هيكلة وزارة الداخلية، وتطهير صفوفها من المرضى، وخدام كل حاكم! ولم يعد هناك وقت للمماطلة، أو المراوغة، أو حتى أنصاف الحلول؛ إما رد حقوق الشهداء والمصابين وتقديم الجناة للمحاكمة، وإما الفوضى والخراب! ليس هناك من حل سوى إقامة دولة القانون الذي يتساوى أمامه الجميع؛ فعندما يطمئن كل إنسان إلى أن حقوقه مضمونة وكرامته مصانة، سوف يلتفت إلى عمله بنشاط، يقدم للمجتمع كل جهده ووقته، من أجل بناء الوطن الذي نتمنى. ووقتها نستطيع الاحتفال بحق بعيد الأمهات، ويصبح لجميع العياد معنى..أما قبل ذلك، فلا تنتظروا استقرارًا أو هدوءًا أو تعقلا. ولن تؤدي المماطلة إلا إلى استفحال الموقف. ويومها لا تلوموا إلا أنفسكم.
أرى تحت الرماد وميض نار..ويوشك أن يكون له ضرام!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل وبخ روبرت دينيرو متظاهرين داعمين لفلسطين؟ • فرانس 24 / FR


.. عبد السلام العسال عضو اللجنة المركزية لحزب النهج الديمقراطي




.. عبد الله اغميمط الكاتب الوطني للجامعة الوطنية للتعليم التوجه


.. الاعتداء على أحد المتظاهرين خلال فض اعتصام كاليفورنيا في أمر




.. عمر باعزيز عضو المكتب السياسي لحزب النهج الديمقراطي العمالي