الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة نقدية في تداعيات الازمة السياسية الراهنة في العراق - 3

سليم سوزه

2013 / 3 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


اغلب تلك المنظمات والمؤسسات قد جرى ملاحقة مسؤوليها من قبل الحكومة مرة بتهم الارهاب واخرى بالفساد واخرى بالتسقيط السياسي، ومعركة الحكومة مع السيد فرج الحيدري رئيس مفوضية الانتخابات قبل سنتين تقريباً كانت خير مثال على ذلك التوجه الحكومي المبرمج، بعدها جرى الضغط على القاضي رحيم العكيلي رئيس مفوضية النزاهة في العراق ليقدم استقالته بعبارة "مثيرة" لا يسأل الكثير منا اليوم لماذا قالها، استقال واعتذر وقال "الدولة ليست متعاونة في محاربة الفساد"، قبل هذا كانت الحرب الاعلامية الكبرى ضد السيد موسى فرج الرئيس السابق للنزاهة، والذي هرب هو الآخر من جحيم الفساد وتغاضي الحكومة المتعمد في محاربتها، والرجل موجود الآن ويكتب بشراهة على مواقع النيت عن تصرفات وعمليات فساد كبرى لم تحرك الحكومة ساكناً في مواجهتها. فقضية عبد الفلاح السوداني وزير التجارة السابق لازالت شاخصة امامنا وكيف جرى اسقاط التهم عنه ليسافر الى الخارج بكل اريحية، وفي ايامنا هذه شاهدنا ايضاً كيف تمت "لفلفة" قضية صفقة السلاح الروسي لما اعلنت لجنة النزاهة البرلمانية بياناً صادماً على قنوات الاعلام بأنها ستنشر اسماء كبار من مسؤولين وتنفيذين كانوا ضمن اللجنة المفاوضة مع الجانب الروسي تورّطوا في عملية فساد كبيرة عند ابرام تلك الصفقة، لكن ماذا حصل بعدها؟ لم نسمع شيئاً عن تلك القضية سوى اتهامات يكيلها عزت الشابندر للاعلام مبرّئاً وزير الدفاع الحالي السيد سعدون الدليمي ومتهماً ضمناً اشخاص آخرين، بينما الدليمي يدافع ويلقي بالتهمة على آخرين كانوا في اللجنة معه، والحكومة ليس لها موقف واضح الّا الضغط كالعادة على "المشتبه به" لتقديم الاستقالة، وذلك ما فعلته مع الناطق باسمها السيد علي الدباغ حيث استقال ورجع الى الامارات سالماً معافى، رغم ورود اسمه كعنصر مهم في تلك العملية الفاسدة، طبعاً انا هنا لا اتهم احداً لكن من حقي ان اتساءل لماذا استقال ولماذا لم يتم التحقيق في القضية بصورة شفافة يراها الجميع؟

البنك المركزي هو الآخر مشكلة وقلق للحكومة طالما لم يرعوِ وينضم لقائمة الهيئات المستقلة تحت جناح المالكي نفسه، فهو رئيس الوزراء ووزير الدفاع والداخلية والقائد العام للقوات المسلحة والمسؤول المباشر عن المخابرات والامن واجهزة الدولة الحساسة برمّتها، لكن المال له سلطة وسلطته ربما اقوى من كل ما ذكرت، وعليه يجب التحرّك لتجريد الموظفين الكفوءين المحترمين امثال السيد سنان الشبيبي والدكتور مظهر محمد صالح، ليحل محلهما اشخاص ربما لديهم كفاءة ايضاً لكنهم غير مستقلين في قراراتهم وادارتهم لأهم مؤسسة مالية في البلد. العجيب ان قضية الفساد او شبهة الفساد التي لاحقت السيد مظهر صالح واُعتقل على اثرها شهور في زنزانة قذرة، لم تصمد طويلاً بل بعد ضغط الشارع الثقافي والاعلامي على الحكومة قررت الاخيرة اطلاق سراحه والغاء التهم الموجهة ضده، جميل جداً، لكن لماذا لم يتم تقديم اعتذار اعتباري له وهو امر يجري في كل بلدان العالم المحترمة، حتى غير المحترمة منها، فحينما يتم اعتقال شخص وبعد فترة تظهر براءته، على الحكومة ان تعتذر لهذا الشحص، خصوصاً اذا كان موظفاً كفوءاً وشخصية عامة عملت في مؤسسة محترمة ومهنية كالبنك المركزي. اما قضية مدير ذلك البنك الدكتور سنان الشبيبي فهي الاخرى لم تحسم حتى هذه الساعة وبقيت ضبابية ومعوّمة ولا نعرف الحقيقة فيها

السيطرة الحكومية واضحة ايضاً على المؤسسات القانوية والقضائية، اذ ما ان حصلت مشكلة قضائية بين السلطات الثلاث او بين مؤسسات الدولة الدستورية الّا وسارعت المحكمة الاتحادية العليا بتبنّي وجهة النظر الحكومية وهو امر جعل الكثير ينظر بعين الريبة لتلك المؤسسة، بل يقود حتى احتجاجاً سلمياً ضاغطاً سواء من خلال مواقع التواصل الاجتاعي او في الاماكن الثقافية العامة في بغداد ليسقط مدحت المحمود بقاضية "اجتثاث البعث" بعد ان تم التأكد من انتماء الرجل للبعث في المرحلة السابقة الى الدرجة التي يقول فيها قولته الشهيرة التي اصبحت عنواناً لبرنامج شهير في تلك الفترة، "العدالة في فكر القائد" اي لا عدالة امام فكر القائد في الفقه الدستوري، كما انه لا اجتهاد امام النص في الفقه الديني
لكن ماذا جرى؟ المحمود يُستثنى من اجراءات المسائلة والعدالة ويعود لمنصبه بعد ان تم استنئاف الحكم اولاً ومن ثم الطعن به ليعود ثانيةً الى منصبه وكأن لم يحدث شيء ابداً؟

لطالما كان "اجثاث البعث" سلاحاً سخيفاً ترفعه الحكومة امام بعضٍ دون الآخر ولاسباب سياسية بحتة، فهناك دوماً بعث ابيض وآخر اسود، اخطرها البعث الرمادي الذي يتحوّل ابيضاً تارة واسوداً تارةً اخرى حسب ارادة الحكومة، البعث الابيض بعث مسالم و"جميل" لا يمكن اجتثاثه لانه لا يمثل خطراً على العملية السياسية الحالية، اما الاسود فهو بعث اجرامي ملطخة ايديه بدماء الابرياء وبحاول اسقاط الحكم الديمقراطي العراقي بعد عام 2003... افهم هذا جيداً، لكن ماذا عن البعث الرمادي؟؟ بعث "صالح المطلق" مثلاً، حيث يتحوّل الى بعث ابيض او اسود بحسب قرب المطلك او بعده من السيد المالكي وسياساته! قائمة البعث الرمادي تضم اليوم السيد مدحت المحمود وصالح المطلق وجمال الكربولي وقاسم عطا وعبود كنبر ومهدي الغراوي وآخرين كثر، بعضهم كانوا مسؤولين كبار في الدولة الصدامية الساقطة، هؤلاء يمثلون الآن البعث الابيض ولا اشكال فيهم طالما هم "موالون" للنظام الحالي! لكن لا ضمان ان لا يخرجوا منها الى قائمة البعث الاسود ان عارضوا توجهات معينة. اليس هذا كيل بمكيالين؟ اليس من حق المعارضين ان يخافوا على انفسهم مبكراً من هذا الاستخدام الخطير لسلاح الاجتثاث؟ اذ من السهل اتهامهم بهكذا اتهام طالما الحَكَم الفصل هي الحكومة وليست هيئة المسائلة والمعادلة التي يُفترض ان تكون مستقلة ومهنية وحيادية

يُتبع ......








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هكذا علقت قناة الجزيرة على قرار إغلاق مكتبها في إسرائيل


.. الجيش الإسرائيلي يسيطر على الجانب الفلسطيني من معبر رفح




.. -صيادو الرمال-.. مهنة محفوفة بالمخاطر في جمهورية أفريقيا الو


.. ما هي مراحل الاتفاق الذي وافقت عليه حماس؟ • فرانس 24




.. إطلاق صواريخ من جنوب لبنان على «موقع الرادار» الإسرائيلي| #ا