الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة نقدية في تداعيات الازمة السياسية الراهنة في العراق - 5

سليم سوزه

2013 / 3 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


أخيراً تأتي العصبية والتشنج وعدم الحكمة في خطاب السيد رئيس الوزراء بعد اسبوعين تقريباً من "انفجار" الشارع السني في مظاهرات عارمة تشهدها المحافظات السنية اجمعها، حيث فقد السيد المالكي في لقاء على قناة العراقية توازنه وبدا عليه عدم الانضباط لما خرج عن لياقة المسؤول الاول للبلد في تصريحاته حين وصف المظاهرات بانها "فقاعة عفنة" ستزول قريباً، وليس هذا فحسب بل هدّد بفضّها بالقوة ان لم يتم انهاءها بارداتهم، وأي عاقل لا يقبل بهكذا تصريح استفزازي، فضلاً عمّا يمكن ان تحدثه من ردة فعل غير محسوبة من الطرف الآخر، لان مثل هذه التصريحات هي من تجعل "طاردي" القاعدة سابقاً متعاطفين مع عنفهم اليوم ربما، او سترمي بهم مجدّداً في احضان العرب ومجاميع الارهاب مرة اخرى لا سمح الله

باعتقادي، الجمهور "السني" العريض الذي يتظاهر اليوم ضد الحكومة غير بريءٍ هو الآخر من تهمة الطائفية وانه هو ايضاً صورة لطائفية الطرف الآخر وبشكل ربما اكثر وضوحاً من غيرهم، طالما شاهدنا تلك الخطابات المستفزة واللغة العنصرية من على منصة مايسمّونه بساحة العز والكرامة، نعم فتصريحات الشيخ سعيد اللافي وعلي حاتم السليمان وشيوخ صلاة الجمعة لم تكن تصريحات منضبطة وافقدتهم حماسة ودعم التيار العقلاني "الشيعي" والليبراليين المستضعفين الذين اصطفوا مع المطالب لا المذاهب، حيث احرجهم ذلك الخطاب غير المسؤول والمُرمّز بشفرات طائفية مفضوحة، من قبيل وصف التشيّع بالحية الرقطاء، رأسها في طهران وذيلها في البحرين ولها بيوض في العراق وسوريا ولبنان. قد يراها بعضهم سقطة في خضم جو حاشد ومجنون ليس من السهل السيطرة على الالسن فيه، لكنها بالنتيجة هدية مجانية للاطراف الحكومية ان تستخدمها باتقان في اعادة انتاج وبعث "خطاب الهيمنة" من جديد لاثارة ابناء الجهة "المقابلة" واللعب على وتر الطائفية في حروب كسر العظم بين المذهبين، اذ كلما كانت شعارات المتظاهرين رزنة وخالية من اثارة النعرات الطائفية، كان الطرف الحكومي غير فعالاً في تهييج شارعه الطائفي، والعكس صحيح ايضاً. هذا ما حصل بالفعل يوم تمّ التعدي والتجاوز بالفاظ نابية على شيوخ عشائر الوسط والجنوب الشيعي الذين زاروا ساحة المتظاهرين قبل شهرين تقريباً وارادوا الدخول على خط الازمة ومحاولة ايجاد حل سلمي لها، لكن سرعان ما فقدوا تلك الحماسة بعد ان تجاوز بعض المتظاهرين عليهم ولا اقول كلهم بالتأكيد، ممّا زاد من حدة هجوم الطرف الحكومي وجمهوره القابض على جمرة حسب وصف بعض الاصدقاء

لم يكن التحالف الكردستاني متفرّجاً في تطوّرات المشهد السياسي الحالي، بل صلّى لربه صلاة الشكر على تحويل الانظار من مشكلة موقوتة قد تنفجر باي لحظة بوجه الجميع، اَلَا وهي كركوك، الى مشكلة سياسية بين عرب "التشيّع" و"التسنّن"، ابناء القومية الواحدة الذين لطالما هدّدت وحدتهم الشكلية مطامح الاكراد بضم كركوك واعلان الدولة الكردية المستقلة. فالكردستانيون وببرغماتية رائعة لعبوها صح كما يُقال واظهروا حنكة سياسية فريدة تجاه مصلحة اقليمهم حين استطاعوا سياسياً كسب المكوّن السني العنيد (الذي كان بالامس اشد معارضة من الشيعة تجاه قضايا الاكراد) الى جانب قضيتهم على حساب تحالف استراتيجي قديم بين الشيعة والكرد يمتد جذوره الى ايام المعارضة لحكم صدام، فالمكوّن السني اليوم اكثر ليونة في قضية المناطق المتنازع عليها ومنها كركوك، واكثر تقارباً مع السياسة الكردية منه الى سياسة المركز بقيادة المالكي، وهذا طبعاً يُحسب للكرد انهم استطاعوا تحييد "السنة" وتحويل انظارهم بعيداً عن مشاكل المادة 140 وتبعات تطبيقها

الكرد كانوا على خلاف كبير مع المركز في الكثير من القضايا الادارية ومنها مشكلة تصدير النفط والسماح للشركات الكبرى بالتنقيب عنه واستخراجه وبيعه بعيداً عن سلطة المركز المتمثلة بوزارة نفطها، ومازلنا نتذكر جيداً المناوشات الاعلامية وحرب التصريحات بين السيد عبد الحسين الشهرستاني، وزير النفط العراقي، واعضاء التحالف الكردستاني في قضايا تراخيص الشركات النفطية العاملة في مناطق كردستان وقضية التنقيب والتصدير وغيرها من الامور المُختلف عليها في السياسات النفطية بين حكومة الاقليم والحكومة المركزية، وكل هذا ساهم في ابراز خطاب متشنّج بين السيد مسعود البرزاني رئيس اقليم كردستان والسيد نوري المالكي رئيس وزراء العراق ممّا ادى الى شرخ التحالف الشيعي السني لدرجة لم يستطع فيها الخطاب العاقل للسيد جلال الطالباني رئيس الجمهورية من احتواءها، لينضم الاكراد عملياً الى جبهة المعارضة مع القوى السنية في العراقية وتيار مقتدى الصدر، الذي بصراحة لا استطيع حتى هذه اللحظة ان افهم سياسته، حيث بالرغم من معارضته الواضحة للمالكي علناً، الّا انه في ذات الوقت باقيٌ في حكومته ولم ينسحب حتى وقت كتابة هذه السطور، وتلك علامة استفهام كبيرة في اداء الصدريين السياسي، ينبغي لهم الاجابة عليها، ليس من اجلي طبعاً، بل لجمهورهم ذاته

يُتبع .....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إمام وحاخام في مواجهة الإنقسام والتوترات في برلين | الأخبار


.. صناع الشهرة - كيف تجعل يوتيوب مصدر دخلك الأساسي؟ | حلقة 9




.. فيضانات البرازيل تشرد آلاف السكان وتعزل العديد من البلدات عن


.. تواصل فرز الأصوات بعد انتهاء التصويت في انتخابات تشاد




.. مدير CIA يصل القاهرة لإجراء مزيد من المحادثات بشأن غزة