الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الالغاز الالهية وقصد الله

مجدى زكريا

2013 / 3 / 24
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


ماهو الامر الذى عندما لا يعرف المرء حله , يكون مسألة تثير الاهتمام , ولكن عندما يعرف حله , يصبح مسألة عادية ؟ انه اللغز.
فى المجتمع العملى جدا لهذا العصر , يميل الناس الى اعتبار التكلم بالالغاز لعب اولاد , لكن اللغز " كان امتحانا للحكمة " فى الازمنة القديمة , كما يذكر قاموس المفسر للكتاب المقدس.
والله , عوض ان يذكر مشيئته او قصده بوضوح , كان احيانا يبهم اقواله النبوية عمدا , مستخدما مشابهات , اقوالا مبهمة محيرة , او الغازا مربكة.وفى الواقع , فيما تستخدم الكلمة العبرانية التى تقابل كلمة لغز 17 مرة فقط فى الكتاب المقدس , تكثر الالغاز والامثال فى الاسفار المقدسة.
كان باستطاعة الملك سليمان ان يحل حتى الاسئلة الاكثر ارباكا او الالغاز التى تطرح عليه, كما هو مسجل عنه . (ملوك الاول 10: 1) وكان ذلك دون شك نتيجة حكمة معطاة من الله. واذا كان ماذكره المؤرخون القدماء صحيحا عن خسارة سليمان ذات مرة امام حورام ملك صور فى مسابقة لحل الالغاز , فقد حدث ذلك على الارجح بعد فقدانه روح الله بسبب لرتداده. وبشكل مماثل اظهر القاضى شمشون ولوعا بتطارح الاحاجى. ففى احد المناسبات اتاحت له احجيبة الفرصة ان يزرع الخوف فى قلوب اعداء الله, وكان ذلك بمساعدة روح الله.
ولكن ثمة الغاز كثيرة فى الكتاب المقدس تتعلق مباشرة بمقاصد الله. مثلا , تأملوا فى التكوين 3 : 15) ان هذه النبوة التى تضع الاساس لمحور الكتاب المقدس هى بحد ذاتها امر غامض و سر مقدس. وبالاضافة الى ان الرسول بولس قد اعطى رؤى وكشفا فوق الطبيعة , فقد رأى ايضا نواحى محددة لقصد الله فى " رؤية غبشاء " , او بعبارة حرفية " تعبير غامض ". (1 كورنثوس 13 :12 , 2 كورنثوس 12 : 1 - 4) وماذا عن التخمينات التى لا تنتهى حول العدد الغامض للوحش (ست مئة وستة وستين) , وهو عدد ظهر فجأة ودون تفسير فى سفر الرؤيا ؟ فمن يستطبع حل هذه الالغاز الالهية واى قصد تخدم ؟
ان البصر هو اعظم الحواس الخمس بالنسبة الى كثيرين منا. ولكن لولا النور لكانت الرؤيا البشرية غير مجدية تقريبا , ولكنا عمليا كالعميان. ويصح ذلك فى العقل البشرى. فهو يملك قدرة مدهشة على صنع المقارنات , استعمال المنطق , وبالتالى حل الاحاجى. ولكن يلزم اكثر من ذلك لكشف الاسرار المقدسة. رغم ان الاخرين يمكن ان يقدموا حلولا للالغاز المذكورة فى الكتاب المقدس , لكن مؤلفها فقط , اله النور , يمكنه كشف المعنى المقصود منها.
للاسف , غالبا ما يكون البشر متكبرين ومستقلين اكثر من ان ينتظروا الاجوبة من الله. واذ اثار الغموض اهتمام بعض الناس , طلبوا حلولا من خارج كلمة الله بسبب سعيهم الى الاثارة الفكرية وليس بالضرورة الى الحق. على سبيل المثال , ان مذهب التصوف اليهودى , الذى يتحدث عنه القابالا , تأمل فى المغزى السحرى للاعداد والحروف الابجدية العبرانية واليونانية فى محاولة لكشف المعانى السرية فيها.
ولكن هذا البحث قادهم الى مزيد من الطقوس او الخرافات الوثنية وابعدهم عن الحق الالهى. فقد فكر الغنوصيون : اذ كان العالم مليئا بالشر , فخالقه الله لا يمكن ان يكون الها صالحا. فهل هذا افضل استنتاج استطاعوا تقديمه ؟ يا لضعف المنطق البشرى. ولا عجب ان الرسول بولس , اذ كان يحارب افكار المرتدين التى طورتها لاحقا الفرق الغنوصية , حذر بشدة فى رسائله : " لا تتجاوزوا ماهو مكتوب ".
ولكن لماذا يتكلم اله النور باقوال مبهمة ؟
ان اللغز بطبيعته يتحدى خيال المرء وقدراته على الاستنتاج. لذلك فأن الالغاز المنتشرة فى الكتاب المقدس كالتوابل اللذيذة التى تزين وجبة طعام شهية كانت احيانا تستخدم فقط لتثير اهتمام الحضور او لتجعل الرسالة المنقولة اقوى. وفى حالات كهذه تقدم عادة التفسيرات بعدها مباشرة.
يمنح الله الحكمة بسخاء ولكن ليس بدون تمييز. تأملوا فى سفر الامثال , مجموعة موحى بها من اقوال محيرة كثيرة يمكن ان يعتبرها البعض الغازا. ان فهمها يستلزم الوقت والتأمل. ولكن كم الناس هم على استعداد لبذل الجهد ؟ ان الحكمة التى تحتويها هى سهلة المنال فقط بالنسبة الى من يرغبون فى استقصائها.
وبشكل مماثل , استخدم يسوع الامثال ليكشف الموقف العقلى لسامعيه , فقد احتشدت الجموع حوله , استمتعوا برواياته , واحبوا عجائبه. ولكن كم واحدا منهم كان على استعداد ليغير طريقة حياته ويتبعه ؟ يا للتباين بينهم وبين تلاميذ يسوع الذين سعوا مرة بعد اخرى الى فهم تعاليم يسوع وأنكروا انفسهم طوعا ليصبحوا اتباعا له.
يقول احد المصادر : " ان الاهتمام بالالغاز يبدو متزامنا مع فترات النهضة الفكرية ". واليوم لدينا امتياز كبير اننا نعيش فى زمن اشراق النور الروحى. فهل نستطيع انتظار الله بصبر ليكشف مقاصده وفقا لجدول مواعيده ؟ والاهم من ذلك , هل نعمل فورا على تغيير حياتنا عندما نعى كيفية صيرورتنا اكثر انسجاما مع مشيئة الله المعلنة ؟ اذا كان الامر كذلك , فسيبارك الله جهودنا , وكما تصحح النظارات الرؤية غير الواضحة , سيجعلنا روح الله نرى بوضوح بعيننا الذهنية اللوحة الجميلة للقصد الالهى , مقويا حدة رؤيتنا الروحية.
فى الواقع , تعظم الالغاز فى الاسفار المقدسة الله بصفته " كاشف الاسرار " وفضلا عن ذلك , انه فاحص القلوب ايضا. ولا ينبغى ان تدهشنا المعرفة ان كشف النقاب عن نور الحق الالهى كان دائما تقدميا. فعوض السعى الى معرفة الله عن طريق التصوف او الحكمة البشرية الضعيفة التى لا يمكن ان تؤدى الا الى البطل , لنعتمد بثقة على الله فى القاء نور الحق على اقواله المبهمة , معلنا مقاصده الرائعة لخدامه الامناء فى وقته المعين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نادين الراسي.. تتحدث عن الخيانة الجسدية التي تعرضت لها????


.. السودان.. إعلان لوقف الحرب | #الظهيرة




.. فيديو متداول لحارسي الرئيس الروسي والرئيس الصيني يتبادلان ال


.. القسام: قنصنا جنديا إسرائيليا في محور -نتساريم- جنوب حي تل ا




.. شاهد| آخر الصور الملتقطة للرئيس الإيراني والوفد الوزاري في أ