الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أوراق من المعتقل .. رسائل من الغربة الحديدية

باسم الخندقجي

2013 / 3 / 24
أوراق كتبت في وعن السجن




الرسالة الأولى : إلى شعبي اليانع دوماً..

في البدء لم يكن سواكَ أنت في مطالع الكلام… فإذا كان لا بد من مآل لي فليكن من كلمات اكتبها منك و في سبيلك..
شعبي الصامد.. كيف أنت؟ و إلى أين وصلت حكايتك في البحث عن حياة هادئة في هذا العالم الصاخب؟ يا لسؤالي الآتي إليك بغتةً في أول الكلام .. فكيف تكون الإجابة و أنا جزء منها و جزءٌ منك.. شعبي الصامد.. لا يحزنك بُعدي عنك و انقطاعي القسري عن الكتابة إليك.. ففي غربة تسعى إلى اقتناص و التهام أسمى ما فيّ منك تُعَدُّ الكتابة فعلاً يتجلّى فيه الصمود و الارادة و الالتحام الدائم معك.. و ها أنا اكتب لأطمئن عليك و أطمئنك عليَّ.. فإذا تكرّمت بالسؤال عني فانا لم أزل على قيدك.. و يحزنني أحياناً أنني لستُ معك في ميادين الوطن.. و احترق أكثر من شدة فجع الغربة و جحيم الاغتراب.. حيث لا أخبار منك تصلني و لا اسمع عنك شيئاً و كأنني لست منك و لست مني.. فاعذرني .. و لكن على أية حال فإنني حين اكتب أتحوّل على حين كلمة إلى طائر يُحلّق في سمائك.. و أشدو بأغانيك .. قصائد لم اعد اعلم الآن أما زالت صالحة للتداول و الغناء أم انتهت مدة صلاحيتها بفعل الرقابة الواقعية لأمانيك و تطلعاتك؟! شعبي الصامد.. كيف أنت؟ أفلا تجيب؟! ما بال ميادينك يُسيطر عليها حفل الظلال الماجن .. حيث تتراقص عليك الظلال و ترميك في غيبوبة الضلال.. و تُقيّدك بأكثر من التزام و تعهد و مشاريع فارغة منك..
أهذا هو حالك؟ و كيف هي الأشجار حيث أنت ؟ أما زال الزيتون يُغني في مهرجانات صمودك و ثباتك؟ لن أسالك أكثر يا شعبي.. يكفيني أنني منك و أنت مني.. يكفينني ما يُبقيني حياً من أمهات يزغردون بتطلّعهن المشغوف بالأمل بعد أن تطيّب الأمل بدماء الشهداء و أريج الأسرى.. شعبي الصامد.. لن أطيل عليك كثيراً في هذا الزمان الذي لن و لم يُحبّكْ حتى الآن لأسباب لا يعلمها سوى الله و ربما أنت.. ففي ختام هذا الكلام لا أوصيك إلاّ بك.. ابقَ شعبي الصامد و الحالم و المتطلع دوماً إلى الوطن الخالي من المحتلين و الأفّاقين ..و إلى نلتقي لك مني البقاء على عهدك و لي منك و من الأغاني في زمن لا يتقن سوى الضوضاء و الصخب العبثي.

الرسالة الثانية: إلى العائدين من النكران..

رفيقي الشهيد عامر عبد الله .. رايتكْ لم تكن نجمة تضيء الدرب بل كنتَ السماء .. سماءٌ لازوردية أبدية.. بكامل زينتكَ كنتَ يا رفيقي العائد من غربة الأرقام الباردة إلى مقبرة المخيم و إن كان مخيماً.. إذ يكفي أن اللجوء هنا حيث إخوتك له عدة مزايا من أهمها مشاهدة القبر في أعلاها سورة الفاتحة و اسمكَ الذي يُعَمِّرُ فيَّ .. و له ميزة زيارة امك لك في العيد و ورد العيد و حلوى العيد رغم الأزقة و اللجوء.. عامر : كم كنتُ انتظرُكَ يا رفيقي .. منذ الفاتح من تشرين ثاني من عام 2004 .. كنتُ أترقب تلك اللحظة التي نزفّك في أجوائها مدة أخرى إلى الخلود فكم أنتَ سماء..
رفيقي العائد.. تعود أنتَ إلى تُربةٍ من مؤقتٍ و حنين.. نعم لم تعد إلى حيفا الآن و لكنك في افقها تعيش.. و تتلقّفكَ فيها أيادٍ ناعمة من بحرٍ و كرمل .. تعود أنت من غربة الأرقام و تمسح رقمك و تُزيل عنك رِجْسَ النكران و المجهول الذي ألقوه عليك.. تعود و تعود و تعود.. و أنا السعيد بعودتك أتوق الآن أكثر من أي وقت مضى إلى عودتي من هذه الغربة الحديدية .. أليست عودتك توطئة عودتي ..؟
آهٍ يا أيها الشهداء العائدين من أطراف الوطن المطموس.. العائدين من تربةٍ يسعى الاحتلال إلى جعلها نكرة .. كم انتم قدّيسيون.. بصمتٍ ذهبتم.. و بصخبٍ خجول تعودون تاركين وراءكم ما تبقى لنا من شهداء..
فيا سادة الفعل المقدس من نكون نحن في حضرتكم .. يا عامر .. يا رفيقي ابن المخيم.. يا ابن السبع عشرة وردة أقولها الآن لك.. أقولها للشهداء: انتم لستم الكواكب بل انتم السماء كل السماء..

الرسالة الثالثة : إلى الطفلة الشامية:

اسمكِ الذي لا اعرفه.. بل اعلم و اشعر به يخنقني و يُدميني و يُحيل صدري إلى بركان مرارة و أحزان..
اسمكِ يا اسمَ الله عليك براءة و نور فأنتِ شام كل الشام.. غاليتي.. كم كانت قاسية قُبْلَةُ إخوتك عليك حين أرْدوا جبينك الطاهر بشظية يا ليتها كانت عبثية.. أفيُحزنكِ تَشوّه وجهك؟ بل يحزنك تشوّه إخوتك و ضياعهم في غياهب المصالح الفئوية و الشعارات الكاذبة و عمليات الإصلاح و التجميل.. فهل ستكبرين لتعرفي على من سيكون الحق و من سيدفع الثمن ؟ و ماذا يعني النظام و المعارضة..؟ هل ستكبرين لتتدركي معنى الثورة و مناهجها و هل ستجيبين عن السؤال: هل ما يحدث في الشام ثورة؟
غاليتي شام.. لا تنادي فكل من حولك موتى .. و لا ترسلي الصور فكيف يُبصر العميان في عالم أَنارَ كل ما حوله سوى قلبه المتأبد في الظلام..
و عليه فلا احد معك يا غاليتي سواكِ في لعبة يا ليتها كانت أرجوحة أو عروسك الصغيرة ليكون نصيبك منها خدوش طفولة بريئة .. فمن زَجَّكِ فيها.. في لعبة الدم الحرام و من منح جبينك الشظية..
غاليتي.. كم أنا قاسٍ لأرسل لكِ هذه الرسالة المزدحمة بالأسئلة الكبيرة يا صغيرتي.. و لكن سامحيني.. فانا مثلك مُحاصر و لا أملك من أمري شيئاً سوى الكتابة.. إذ اكتب لكِ الآن و أزفّك بأكثر من مقطوعة و قصيدة لأنني احبكِ و إن ازداد وزنك شظية..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العضوية الكاملة.. آمال فلسطين معقودة على جمعية الأمم المتحدة


.. هيئة التدريس بمخيم جباليا تنظم فعالية للمطالبة بعودة التعليم




.. كلمة أخيرة -ماذا سيحدث في الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم ا


.. تونس: ما أسباب توقيف سعدية مصباح رئيسة جمعية تدافع عن المهاج




.. هل تجهض أميركا عضوية فلسطين بالأمم المتحدة ؟ |.. سامويل وربي