الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا تعيش في العراق؟

ساطع راجي

2013 / 3 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


صديقي الصحفي والمثقف تلقى رسالة تهديد تطالبه بهجر منزله، الرسالة كانت موجهة باسم زوجته، ولأن صديقي الشيوعي من نفس طائفة المتهمين بتنفيذ عمليات التهجير فقد تمكن من القيام بجولة بين مكاتب الجهات المتهمة بالتهجير التي أكدت جميعها عدم مسؤوليتها عن رسالة التهديد المرفقة برصاصة، أكثر ما يؤلم في الحكاية هو اضطرار صديقي لشرح كيفية ارتباطه بإمرأة من عشيرته لكنها تنتمي لطائفة أخرى وكأنه يقدم اعتذارا غير مطلوب ولا احد ينتظره عن خطيئة لم تحصل أبدا، تصوروا إن شيوعيا يقدم تحليلات عشائرية وطائفية لحياته وارتباطاته الاجتماعية.
حكاية صديقي ليست الوحيدة، فهناك أماكن عديدة في بغداد تعرض سكانها لتهديدات تطالبهم بهجر منازلهم، وأصابع الاتهام تشير لجهات وتشكيلات تنفي بدورها هذه الاتهامات، أحد أعضاء مجلس محافظة بغداد يقول إن أهدافا تجارية وعقارية وراء التهديدات، لكن في كل الاحوال تبقى الحكومة وأجهزتها الامنية منشغلة بأشياء كثيرة تبعدها عن ملف التهجير المطل برأسه على أحياء العاصمة، ورغم ان تهديدات التهجير قد لاتكون صادرة عن تشكيلات سياسية أو ميليشاوية الا ان تجاهل الحكومة للظاهرة يمكن أن يؤدي الى إثارة المشاعر الطائفية ويمهد لتهجير مضاد في وقت يعبث الساسة باوتار الطائفية بطريقة لاتنتج الا أصواتا مزعجة، وأخشى أن يأتي يوم نضطر فيه جميعا لتقديم حكاياتنا التي تبرر وجودنا على قيد الحياة لاشخاص يقسمون إنهم غير معنيين بنا ولايريدون شيئا منا ولم يطرحوا علينا سؤالا عن سبب بقائنا على قيد الحياة، لكننا نعتقد إن حياتنا مرتبطة باشارة منهم، لأن الدولة تعيش غيبوبتها السعيدة.
صديقي المهدد بالتهجير كان يسرد قصته بعد يوم من افتتاح فعاليات بغداد عاصمة للثقافة العربية، حيث أكد المفتتحون بكلمات احتفالية على الدور الحضاري لعاصمتنا التي يتعرض بعض سكانها للتهديد بالتهجير بينما إضطر البعض الآخر للبقاء في منازلهم خلال عطلة عيد نوروز إنكسارا بموجة تفجيرات وخوفا من جديدة وقرفا من اجراءات الامن المشددة التي حصل الزوار العرب على اعتذار رسمي عنها من وزير ثقافتنا، ثقافتنا التي فشلت في تجسير الصلات بين أحياء العاصمة المحمية بالحواجز الكونكريتية الشاهقة، لكن وزارتنا الثقافية هذه تريد مد الجسور بين بلدان مختلفة، يقول رئيس وزرائنا في كلمته الافتتاحية "لقد كان العراق بما يمثله من تاريخ حضاري وموقع جغرافي حلقة وصل بين الشرق والغرب ومقرا وممرا للثقافات المختلفة"، لكننا كل ما نحلم به اليوم هو أن تتحمل حكومتنا مسؤولية الحفاظ على تعايشنا، ان تبقى بغداد على الاقل مقرا (للثقافات) لا أن يتحول التعايش الى ذكرى غابرة، وحكاية عابرة نستحضرها في احتفالاتنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل جنديين إسرائيليين بهجوم نفذته مسيرة لحزب الله | #غرفة_ا


.. صاعد المواجهات بين الجيش السوداني والدعم السريع | #غرفة_الأخ




.. نتنياهو: دخولنا إلى رفح خطوة مهمة جدا وجيشنا في طريقه للقضاء


.. أسامة حمدان: الكرة الآن في ملعب الإدارة الأمريكية التي عليها




.. مياه الفيضانات تغمر طائرات ومدرجات في مطار بجنوب البرازيل