الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محطات التغيير في مصر

محمود الفرعوني

2013 / 3 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


يحتوي تاريخ الأمة المصرية خلال المائة عام الأخيرة على 5 محطات رئيسية حدث فيها تغيير محسوس وهي: ثورة عرابي 1882 وثورة 1919 وانقلاب/ثورة يوليو 1952 وثورة التصحيح 1971 وثورة 25 يناير2011. في ثورة عرابي 82 وقبلها مجلس شورى القوانين ثم دستور 79؛ كل هذه الأشكال كانت التعبير عن تزايد أحلام كبار ومتوسطي ملاك الأرض في المشاركة في إدارة البلاد بجانب الخديوي. إذن ما حدث في 82 كان تعبيرًا عن مشكلة داخلية طرفاها الطبقة الجديدة بكل تطلعاتها المستقبلية وسلطة الخديوي المستبد؛ كان سلاح الطبقة الجديدة في مواجهة الحاكم هو ما نطلق عليه اليوم الديمقراطية والحكم النيابي؛ لتقليص مساحة الحكم المطلقة وذلك لصالح النخبة الجديدة والتي تبنت بجانب ذلك الدعوة إلى إلغاء السخرة. إذن كان هناك إشكالية تبحث عن حل؛ والحل هو الدستور والبرلمان؛ ولكن في الخارج يقف الاستعمار في عنفوانه يسعى لاحتلال البلاد؛ ولم تكن قوى الداخل الراغبة في التغيير قوية بحيث تستطيع هزيمة المحتل الخارجي ومن هنا كانت هزيمة عرابي واحتلال الإنجليز لمصر.
في ثورة 1919 كانت النخبة من كبار ومتوسطي الملاك قد تبلورت أكثر وتمصرت أكثر؛ وتفتحت شهيتها للمشاركة خاصة بعد سنين من المكاسب المالية بسبب صعود أسعار القطن المصري في الأسواق العالمية. عادت إذن الإشكالية الداخلية للبحث عن حل؛ والحل أيضًا الاستقلال والدستور؛ لكن الخارج صار مختلفًا واجتاحت العالم دعوى حق تقرير المصير بزعامة أمريكا؛ ورغما عن تخلي أمريكا بعد قليل عن السير في هذا الاتجاه إلا أن النار كانت قد اشتعلت؛ نار الرغبة في تقرير المصير. إذن كانت هناك إشكالية داخلية تلتقي مع رغبات خارجية تقويها وتدعمها على عكس ما حدث في 82؛ لذلك كانت ثورة 19 ثورة للداخل والخارج معًا، وهو الأمر الذي قواها وأعطاها شعبيتها وجعلنا نقول أنها ثورة الأمة المصرية؛ كانت ليبرالية ثورة 19 النتيجة المنطقية لقيادة كبار ومتوسطي ملاك الأرض لها. يهمنا أن نشير هنا إلى أن المشروع الفردي الذي بدأه سعيد باشا كان هو الذي صنع القاعدة الاقتصادية التي قامت عليها ثورة 19.
في 1952 كان الوضع مختلفا كلية؛ أولاً كانت النخبة قد غزاها جيش تعداده 350 ألف موظف وصارت ريفية الهوى، وبالتأكيد غير ليبرالية تكره الغرب وتعادي حضارته، وترى أنها تمتلك البديل الإسلامي، والشيوعيون كانوا يعومون في نفس الاتجاه خاصة بعد قيام دولة إسرائيل 48؛ الأمر الثاني هو الرغبة الأمريكية في وراثة الإمبراطورية البريطانية العجوز من أجل البترول. الأمريكان لا يعرفون الطرق السياسية والحل العملي عندهم هو الانقلابات العسكرية؛ وجيش الموظفين الذين استولوا على النخبة لا يعرفون السياسة أيضًا ويكرهون الأحزاب؛ والإخوان ومن معهم يرون الديمقراطية كفرًا، والشيوعيون يكرهون البرجوازية وأحزابها الرجعية. لذا كان هناك في الداخل إشكالية تبحث عن حل؛ والحل هو الانقلاب العسكري والخارج الأمريكاني يبارك هذا الحل؛ مرة ثانية ثورة 19 وثورة 52 يلتقي الخارج والداخل في حل واحد؛ واستولت البيروقراطية على الحكم بتأييد أمريكاني، لكن وفق أجندة بيروقراطية واضحة.
في 1971 كانت أمريكا قد غادرت المسرح الناصري وحل محلها البيروقراطية السوفيتية، وعندما اعتلى السادات الحكم سعى للتغيير في اتجاه تقليص القطاع العام لصالح الاقتصاد الحر؛ كانت البيروقراطية قد وصلت إلى حد أنها صارت أخطبوطًا يمتص كل الناتج القومي، وصارت الدولة هي المستثمر الوحيد، وكانت هذه هي الإشكالية التي تبحث عن حل؛ والحل كان تشجيع القطاع الخاص والاستثمارات الخارجية؛ والتقى الحل الداخلي مع رغبة خارجية أمريكية تحديدًا في استعادة النفوذ الذي فقدته خلال حكم عبد الناصر؛ وللمرة الثالثة يلتقي الخارج مع الداخل والقضاء على حواري عبد الناصر في الحكم كان الهدف وهو ما تحقق فعلاً.
في ثورة 25 يناير كان الوضع مختلفاً كلية؛ فمع وصول مبارك للسلطة كان هناك جزء من الشعب المصري تقوده نخبة من الناصريين واليسار يحلم باستعادة دور الدولة الأبوية الراعية للمواطنين من المهد إلى اللحد عن طريق توظيف المواطنين وزيادة جيش الموظفين الذي وصل إلى 6 مليون موظف لا عمل لهم سوى حل الكلمات المتقاطعة؛ وفي نفس الوقت تخلقت نخبة جديدة مع زيادة الخصخصة الاقتصادية معظمها من جيل الشباب والتي تتطلع للحريات الفردية وتقليص دور الدولة الشمولية؛ وبالرغم من التناقض الواضح بين من يبحث عن دولة بابا وماما وبين من يحلم بدولة ليبرالية حديثة من خلال المشروع الفردي في الاقتصاد إلا أن الجميع أجمع على أن النظام بممارساته الغبية قد وصل إلى طريق مسدود ولم يكن هناك حل سوى الثورة وهو ما حدث بالفعل.
الوضع الحالي: ما هي المشكلة التي تبحث عن حل: المشكلة أن الأخوان المسلمين وحلفائهم من مرتزقة الأديان علاوة على عدم امتلاكهم أي رؤية للتقدم لافتقادهم للخيال السياسي بسبب تكوينهم وتربيتهم على السمع والطاعة فهم أيضا يشكلون خطرا على هوية الدولة المدنية وخطرا على وجود الدولة ذاتها لاعتبارهم مصر وسيلة لمشروع الخلافة الوهمية وليست غاية في حد ذاتها وولائهم للتنظيم الدولي وليس للأمة المصرية مما يجعلنا نبحث عن حل؛ والحل بالطبع هو ما بعبر عنه معظم الشعب المصري وهو إسقاط الاحتلال الاخواني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل 5 أشخاص جراء ضربات روسية على عدة مناطق في أوكرانيا


.. هل يصبح السودان ساحة مواجهة غير مباشرة بين موسكو وواشنطن؟




.. تزايد عدد الجنح والجرائم الإلكترونية من خلال استنساخ الصوت •


.. من سيختار ترامب نائبا له إذا وصل إلى البيت الأبيض؟




.. متظاهرون يحتشدون بشوارع نيويورك بعد فض اعتصام جامعة كولومبيا