الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شُعل الديمومة

نصيف الناصري

2013 / 3 / 25
الادب والفن


دافع عظيم للفضيلة ..
الموّسرون منّا يزرعون دراهم كثيرة في نسيم الربيع
ويحصدون أذى حقولهم بحبور . هؤلاء الأجلاف ، ليس
بمقدورهم ذرف دمعة واحدة على ما نرسله الى دفء
شجرة حياته المنتصبة تحت الاعصار . يغدقون علينا في
الأيّام التي تشح فيها خمرة الآبار ، أبوابهم التي يعضّها
توحشهم ، ويغرق طرقنا سباب وسعار طويل منهم . البعض
منهم يبتهل في إبر نومه الى ما يهلكنا ، ويأنس الى ثغاء
دراهمه وهي مقطّعة الأنفاس ، لكن الحرمان الذي نعانيه ،
يغلّف سقوف منازلنا بثمار عديدة للسنة ، ويكسونا بحياء
مفعم في ضروعه الكبيرة . في الليالي التي نخرج فيها الى
الصيد ، نمعن النظر طويلاً في رماد أشجار دراهمهم التي بالت
عليها الطرائد . ننصب شباكنا بين جدائل النجوم ، ونعود في الفجر
محمّلين بمؤن تكفينا الصيف كلّه . جرائم تقترن بما يخلّفه السفّاح
في آثار أقدامه على المنحدر الاخلاقي ، نجتثها بدافع عظيم للفضيلة
ونحني الكراهية الى الهاوية التي يتطاير فيها فزع الضواري من
الجوع . تنقض أصداء خلاّبة لغيلان على سهر الجشعين في صفّهم
للذهب الذي تحوم فوقه اليراعة ، ولا أحد يبشرهم بالخلاص من
المهانة . انتظارنا للراصد في الفيافي ، يحرّرنا من طاعتنا للمفاتيح
المتهدّلة على رقابنا ، وكلّ ما نزدريه في العوالم الخالية من الشموع ،
يشعرنا بضراوة عسل الوجود .





شُعل الديمومة ..





جاءوا الينا بالمشاعل ، يسبقهم عبير أسلحتهم المزيّتة ،
دم قتيلنا المسفوح على بلاطات الحصن ، تُنقّب فيه
العصافير عن السنبلة الخائنة والتي تسْتعطي الزمن .
اختطفوا أجمل أشجارنا التي نضفر الساعات تحتها في
الغروب ، وذهبوا تلاحقهم معاولنا والأبواب . قتيلنا
الذي يضيّق الأفق علينا في تلويحته المنعَّمة ، يطلق
صوبنا حجارة حادّة ولا يخطىء في إصابتنا واحداً
واحداً . نجتاز فراغات صيف متأخرة في توسّدها
للأشياء السائبة ، ونواري ما نترنّح منه بسبب الأعداء ،
أسفل الأبنية التي نوقظها في التقاطنا الثمار المقضومة .
نشيجنا الذي نحرثه طويلاً بين الأنقاض على من أُطيح
به في سرعة شبابه ، لا يُنسينا خيوط أيّامنا التي تتفطَّر
في الرنّات المُعزّية للمناجل . كلّ نهار يشربه الليل ، عدوّ
يترصدنا ويمزّقنا شظية سوداء . وفزعنا من سيلان
اللحظة على اللطائف الغريبة للسأم ، نتجرّعه بإهانة
وهوان المُحتجبين عن شُعل الديمومة .



تحت مراكب النجوم ..






صعدنا معهم الظهير المتلألئة لثمرة السرّ ، وعصرنا ثياب
كثيرة للغرقى تحت مراكب النجوم . تعهداتهم لنا بالحفاظ
على الشجرة التي تغفو في أغصانها الخليقة ، يمنحنا الشعور
بالقدسي ، ويميل باحساساتنا صوب الملمس الحيّ للعطر
الخفيض في الزوال . إيقاظنا لهم في حرير البركان ، محاولة
أخيرة لردعهم عن غيّهم وعبثهم بالغدران التي نخفي فيها وصية
مَن يموت منّا ، وأصوات نذورنا تنأى عن ما يعذّبها في
الطريق . كلّ إشارة تنقضي ، تقرّبنا من الشقاء وأولئك الذين
افترقنا عنّهم في صعودنا ، يخفون ندمهم عن الآلهة ولا يشدّون
الريشة الى الميزان . خرائب عامرة بالذور وتنصّت الأنفاس ،
يعوزها ترنّح الغرقى بين المحراث والسنبلة ، ندبغ فيها السنوات
ونندفع بمساندتنا لِمَن توهمناهم الأدلاء . الرقاد تحت السقوف
المفجعة للزمن ، يباعد بيننا وبين مَن توقفوا في وداعة الماضي .






2013 / 3 / 25








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05


.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر




.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب