الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في متغيرات الواقع العربي

محمد جوابره

2013 / 3 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


بقلم :- النقابي محمد جوابره
تثير الاحداث الجارية في الوطن العربي وعلى وجه الخصوص ما يحدث في سوريا ومصر وتونس الكثير من التساؤلات والتصورات والمواقف لدى كل مراقب ومتابع .ويجري في نفس السياق الخلط الحاصل بين المفاهيم والاحداث وما تتناوله وسائل الاعلام على اختلافها حالة من انعدام التوازن والهروب الى تفاصيل الحدث وبناء المواقف استنادا الى حالة انفعالية بعيدا عن منطق العقل العلمي وتحليل السياسات من منطلق فهم موازين القوى والمصالح والاهداف التي يراد تحقيقها من قبل كل الاطراف المحلية والعربية والدولية المنخرطة في الصراع الدائر , والذي يتسم بحيوية وخلق حالة متزايدة من الفعل على الأرض تجعل المراقب والمتابع في حالة من انعدام التوازن والبحث عن الحقيقة لبناء مواقف من شأنها أن تخدم مصالح الأمة وتقدمها وعدم الوقوع في تيه المصطلحات والمفاهيم والأحداث اليومية التي تسعى العديد من القوى ترويجها لمزيد من التشويه والبلبلة .
وحتى يكون لنا مساهمة فاعلة في فهم ما يدور من أحداث تتسم بطابع محوري قد يحدد مستقبل المنطقة العربية برمتها وقضيتنا الفلسطينية والتوازنات الدولية لسنوات قادمة قد تطول أو تقصر , كان لابد من الاشارة للقضايا التالية :-
1) مفهوم الربيع العربي :-
عملت القوى الامبريالية وفي مقدمتها أمريكا على ترويج هذا المفهوم كخطوة استباقية استندت الى قراءات عملية تؤشر الى امكانية الانتفاض الشعبي لدى جماهير امتنا العربية كرد طبيعي على حالة الاحباط واليأس والقهر الذي تعانيه هذه الجماهير جراء سياسات الأنظمة القائمة التي اتسمت بتبعية مطلقة للنظام الرأسمالي العالمي وتحولت الى ادوات لتنفيذ سياساته في المنطقة من ناحية وتأزم الأوضاع الاقتصادية وعدم قدرتها على معالجة اتساع معدلات البطالة والفقر وتكريس سيطرة الفئات الرأسمالية الفاسدة على موارد ومقدرات الأمة واستبعاد باقي ابناء الشعوب من ناحية ثانية , لذلك ولأن الدول الرأسمالية الكبرى تعتمد منطق العلم في التحليل فقد روجت للتغيير كخطوة استباقية تحت مسميات عدة كالشرق الأوسط الجديد والفوضى الخلاقة والربيع العربي وغيرها من المخططات التي كان الهدف منها احتواء أي عملية تغيير قد تحدث في الدول العربية وتحويلها الى وبال على اصحابها وكأن قدر هذه الشعوب أن تبقى اسيرة لمخططات الدول الرأسمالية وانعدام الثقة والأمل بالمستقبل نحو الانعتاق من التبعية واعتماد عملية تنموية قائمة على العدالة الاجتماعية .
2) القوى الدينية واستثمار الحالة الانتفاضية :-
استطاعت القوى الدينية وفي مقدمتها الاخوان المسلمين والتيارات السلفية من قطف ثمار الحالة الانتفاضية للجماهير العربية كقوة منظمة تفوقت على غيرها من القوى التي ساهمت بدور فاعل وحاسم في الحراك الشعبي , وهي بذلك تحاول أن تفرض منطقها وسيطرتها على الدول التي تقلدت فيها مفاتيح الحكم والسلطة والتأثير من خلالها على باقي الدول الاخرى والتأثير على مسار الاحداث فيها ... ومن أجل ذلك عملت هذه القوى على استرضاء قوى الرأسمال العالمي وفي مقدمتها أمريكا من خلال تقديم صكوك الولاء عبر الالتزام بسياسات تحافظ على مصالح الغرب والتأكيد على كافة الاتفاقيات الموقعة سابقا واساسها اتفاقية كامب ديفيد وغيرها من اتفاقيات التعاون الأمني والاقتصادي التي تعزز التبعية وتعمقها وتمنع أي امكانية لبناء مجتمعات حرة قادرة على بناء دولة ديمقراطية اساسها البناء الاقتصادي الذي يجعل منها قادرة على المواجهة والاستجابة لمتطلبات معالجة الأزمات الاقتصادية التي تعيشها . ان المنهج الذي اتبعته القوى الدينية بعد وصولها الى الحكم في أكثر من دولة عربية هو محاولة تكريس نفوذها وبقاء سيطرتها على كافة مفاعيل الدولة ومحاولة اقصاء كافة القوى الاخرى حتى لو كانت دينية ايضا لإنتاج ديكتاتورية جديدة قد تكون أسوأ مما سبقها ... وهي في نفس الوقت غير قادرة على مواجهة التبعية ولا على تقديم رؤية اقتصادية قادرة على معالجة الازمات بل قامت بتعزيز التبعية السياسية والاقتصادية من خلال بقائها في محور تحالفي رجعي عربي وامبريالي عالمي يعمق الازمات الاقتصادية عبر توجهها للبنك الدولي ومحاولة استرضائه بالموافقة على شروطه التي تعتمد الخصخصة والتبعية الاقتصادية والسياسية .
3) سوريا محور اساسي يحدد مسار الامور مستقبلا :-
لقد تجاوز الموضوع السوري حدود التغيير الديمقراطي وتحولت سوريا الى ساحة حرب بالوكالة بين قوى ومعسكرات تمتد عربيا واقليميا ودوليا وهو بالأساس امتداد لصراع بين معسكرين معسكر المقاومة والممانعة ومعسكر التبعية والاستسلام .. والهدف مما يدور في سوريا اليوم هو الدولة بكل مكوناتها وارثها التاريخي والحضاري .. وعلى الرغم من التأكيد على أهمية وضرورة التغيير الديمقراطي كمطلب وحاجة شعبية ملحة الا ان صيرورة الاحداث ومفاعيلها تؤكد كل يوم ان الهدف هو ضرب المعسكر المقاوم والممانع في المنطقة العربية .. وتستخدم في هذه الحرب كل الوسائل الممكنة والمتاحة وفي المقدمة منها تغييب العقل والمنطق وسيادة روح العدمية الاصولية المدعومة من انظمة رجعية فاسدة وديكتاتورية ودول رأسمالية كانت ولا زالت سببا رئيسيا في تخلف الامة العربية وابقائها في دائرة التبعية السياسية الاقتصادية .
4) فلسطين... قلب الصراع :
منذ بدايات التفكير بإقامة كيان مصطنع على ارض فلسطين كان الهدف منه تجزئة المنطقة العربية والحيلولة دون أي امكانية لإقامة وحدة عربية تجمع المشرق العربي والمغرب العربي ولازالت هذه استراتيجية قائمة لدى قوى الرأسمال العالمي وان تعددت اشكالها ومفاهيمها وادواتها .
وان ما يحدث في فلسطين اليوم من اليات تهويد وتجزئة ومحاولات طمس الرواية التاريخية الفلسطينية التي استند عليها كل النضال القومي والوطني الفلسطيني تسعى الى ضرب جوهر الفكر المقاوم في محاولة جديدة لاستيعاب الكيان الصهيوني والقبول به كأمر واقع ومقبول لم يعد يمثل اولوية لدى جماهير امتنا بعد انجاز ذلك على مستوى الانظمة والحكام العرب .
ان تعزيز نفوذ الكيان الصهيوني "اسرائيل" يحتاج الى المزيد من تجزئة الوطن العربي وتحويله الى كينونات تقوم على اساس العرق والدين والطائفة والقوانين سهلة الاختراق من اسرائيل وبناء علاقات معها بما يعزز هيمنتها على المنطقة لإطالة امد بقائها والحفاظ على امنها والاستمرار في الدور المطلوب منها .
ولأن الهدف الرئيسي للامة العربية وشعوبها يتمثل بوحدتها فان الهدف المقابل للقوى الاستعمارية يتمثل بتعميق وتعزيز تجزئتها مما يجعل امكانية بناء وحدة عربية امرا مستحيلا .. الامر الذي يتطلب القبول بدولة الكيان الصهيوني كأمر واقع ولا فائدة من الصراع معه والبحث عن سبل للتعايش معه بل التواطؤ معه لتسهيل القيام بدوره في خدمة استمرار الهيمنة الامريكية والرأسمالية العالمية على مقدرات الامة العربية وامكانياتها السياسية والاقتصادية .
بعض الخلاصات
- ان ما يحدث هو استمرار لحالة صراعية بين معسكرين ( مقاوم وممانع من ناحية وتابع ومستسلم من ناحية ثانية ) وهو امتداد لموازين قوى دولية يسعى كل طرف فيها تعزيز نفوذه والحفاظ على مصالحة .
- ان الشعوب العربية التي انتفضت على الدكتاتورية والقهر الطبقي والسياسي تجاوزت حدود القبول بالأمر الواقع لان الواقع المعاش بإشكالاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية بحاجة الى معالجات جادة وليس انتاج الازمات بأشكال جديدة
- ان التحايل على العقل العربي بمفاهيم مخادعة مهما كان مصدرها لن يساهم في تغييبه او تسكينه لأن الاحداث كل يوم تعطي المزيد من الحقائق التي تظهر اتجاهات التغيير المطلوب .
- ما زالت عملية التغيير والحراك قائمة ولم تعطي أي طرف الحق بامتلاكه الحقيقة أو القدرة على فرض منطقه الخاص
- ان أي مشروع للتغيير لا بد ان يتمتع بالقدرة على استيعاب كل المكونات الاجتماعية للامة وعدم الوقوع في فخ البحث عن صيغ ذاتية تحقق مكاسب انية ولكنها خاسرة ولا مستقبل لها
- سيبقى عنوان مشروع التغيير لدى شعوب الامة العربية مواجهة التبعية والتنمية كمدخل اساسي لأي بناء وحدوي قادر على النهوض
- لا خوف على فلسطين فمها طالت يد الغدر لن تنقص ذرة تراب منها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الروسي يستهدف قطارا في -دونيتسك- ينقل أسلحة غربية


.. جامعة نورث إيسترن في بوسطن الأمريكية تغلق أبوابها ونائب رئيس




.. قبالة مقر البرلمان.. الشرطة الألمانية تفض بالقوة مخيما للمتض


.. مسؤولة إسرائيلية تصف أغلب شهداء غزة بالإرهابيين




.. قادة الجناح السياسي في حماس يميلون للتسويات لضمان بقائهم في