الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
حرمة المجلس التأسيسي
امال قرامي
2013 / 3 / 26مواضيع وابحاث سياسية
ما أيسر توشية الخطاب السياسى بعبارات من قبيل: الديمقراطية التشاركية، الشفافية، الحوكمة الرشيدة، التداول السلمى على السلطة، العدالة الانتقالية ... وغيرها من المصطلحات المتداولة بكثرة فى مختلف وسائل الإعلام فى مرحلة التحوّل نحو الديمقراطية. ولكن للقوم طريقة غريبة فى التعامل مع هذه المصطلحات والآليات إذ آثر أغلبهم اتخاذها وسيلة لتنميق خطابهم وكأنّهم تناسوا أنّ الحكّام العرب الذين ازيحوا عن السلطة كانوا هم أيضا يجيدون الحديث عن منظومة حقوق الإنسان، والديمقراطية، ودولة القانون...أفلا تتعظون؟
البعض يوشّى خطابه بمصطلحات لا يفقه كنهها ولم يكلّف نفسه عناء البحث عن تاريخ نشأتها وتطورها غاية ما فى الأمر أنّه استمع إليها فى هذه الندوة أو تلك أو تلفّظ بها خصمه السياسى فخشى أن ينعت بالرجعية فقرر توظيفها هو أيضا فى الخطاب. والبعض الآخر يتعمّد استعمال هذه المصطلحات رغبة فى إثبات أنّه ابن عصره وله ثقافة سياسية تؤهله للخوض فى الشأن السياسى فى محاولة لبناء صورته فى عيون الآخرين: صورة الحداثى الذى يفهم عصره. ولكن ألم يكن هذا شأن «نخب» باعت ذواتها للأنظمة السابقة، واكتفت بتوفير المخارج والحيل للحكّام وتشكيل ثقافة القشور والسطحى والمبتذل... أفلا تعتبرون؟
أمّا البعض الآخر فإنّه يوظّف هذا المعجم الاصطلاحى لنفى التهمة عنه فهو إسلامى معتدل يؤمن بالديمقراطية وما قامت عليه من أسس ومبادئ ولذلك نراه يجهد نفسه فى محاولة لإثبات انفتاحه على ثقافة العصر وإفادته من سنوات المنفى تدرّبا واستيعابا لتجارب برلمانية فى بريطانيا وفرنسا وألمانيا ... أو إفادته من تجربة السجن تأمّلا ومواكبة لأنساق فكرية مختلفة... ولكن أثبت التاريخ أنّ الهوّة بين النظرى والتطبيقى تتّسع فى عالمنا العربى يوما بعد آخر، وأثبتت التجربة على قصرها، أنّكم تقولون ما لا تفعلون. أفلا تعقلون؟
تحرّك منظّمات وجمعيّات المجتمع المدنىّ ما عاد يطاق فى نظر من أتقنوا احتراف الخطاب السياسى الحداثى المفعم بعبق الديمقراطية، والفضائح التى يتلهّى الإعلام بنشرها باتت تُضجر مرقد هؤلاء. ولذلك انفلت العقال فأضحت الممارسات تتجّه عكس التيّار.
شهد المجلس التأسيسىّ خلال الأسابيع الأخيرة انتقادات لاذعة وجّهتها جمعيّة «بوصلة» التى راقبت سير المداولات ونسبة حضور النوّاب وأداءهم وطرق التصويت على فصول الدستور ولكن قوبل تقرير بوصلة بهجوم شرس قاده من افتضح أمره حين وضع على محكّ الاختبار، رحم الله الجاحظ حين قال «كلام بكلام» أمّا كلام بفعال فلا. وكانت تعلّة من أزبد وأرعد «للمجلس حرمة لا تنتهك» و«نحن أعلى سلطة فى البلاد» فما هذا التطاول... إلى غير ذلك من المبرّرات التى تكشف هشاشة الممارسة الديمقراطية، وتصوّر الأعضاء لذواتهم ونزوعهم نحو إضفاء القداسة على أشخاصهم.
والبارحة منع رئيس منظّمة «عتيد» للشفافية من حضور عمليّة فرز الترشّحات لعضويّة المجلس الأعلى للهيئة العليا المستقلّة للانتخابات بدعوى أنّ اللجنة لم تتخذ قرارها بخصوص حضور جمعيات المجتمع المدنى ، والحال أنّ مائة ملف عرضت على الهيئة وبدأ النظر فيها.
تنمّ هذه الحالات وكيفيّة تعامل المجلس التأسيسى رئاسة ونوّابا مع المجتمع المدنى عن مؤشرات من شأنها أن تؤكّد مرّة أخرى أنّ المسار نحو التحوّل الديمقراطى يتعثّر يوما بعد آخر، وإن أصرّت الرئاسات على نسج خطاب مدحىّ يشيد بإنجازات الترويكا، ونجاح إدارتها للشأن السياسى. ذاك خطاب قد يتظاهر الغرب بتصديقه، ولكن أنّى لمن اكتوى بنار الإقصاء والتسلّط والتعنّت و...أن يصدّق؟ «ليس الخبر كالعيان» على حد قول البيرونى.
من ردّدوا مُنتشين طيلة سنتين: الشعب اختارنا فى أكتوبر ضمن انتخابات شفّافة ونزيهة تواجههم انتقادات تجاوزت المجتمع المدنى التونسى لتصبح مجال نقاش فى الأوساط العالمية التى تمثّل عين الرقيب . فبم ستبرّرون موقفكم؟
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الانتخابات الرئاسية الأمريكية: نهاية سباق ضيق
.. احتجاجًا على -التطبيق التعسفي لقواعد اللباس-.. طالبة تتجرد م
.. هذا ما ستفعله إيران قبل تنصيب الرئيس الأميركي القادم | #التا
.. متظاهرون بباريس يحتجون على الحرب الإسرائيلية في غزة ولبنان
.. أبرز ما جاء في الصحف الدولية بشأن التصعيد الإسرائيلي في الشر