الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عوامل القوة والضعف في المشروع الصهيوني

رمضان عيسى

2013 / 3 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


ظهرت الحركة الصهيونية كإفراز استعماري نتيجة استعظام للقوة ، واستصغار طموحات شعوب آسيا وإفريقيا واستبعاد امكانية تطورها واشتعال نضالاتها من أجل الحرية ونيل الاستقلال .
ومن هذه الذي التي أنكر الاستعمار حقها في السعي نحو الحرية والاستقلال ، شعب فلسطين . فنتيجة لظروف سادت أوروبا ظهرت مشكلة اليهود بوصفهم تجمعات وجيتوهات غير متجانسة مع المجتمعات في العديد من الدول الأوروبية .
ان الحياة الانعزالية للتجمعات اليهودية في العديد من الدول الأوروبية قد راكمت نظرة خاصة لليهود ، وأكثرت حولهم الكثير من الروايات المثيرة للسخرية ، مثل : التحزب والتعصب والبخل والمكر والتآمر والذكاء والجبن والكراهية للآخر . وهذا ما جعلهم هدفا إسقاطيا للكثير من المشاكل والنزاعات الاجتماعية في كافة الدول الأوروبية .
في هذه الظروف ظهرت الحركة الصهيونية كمنقذ لليهود من هذا التشرذم وهذا الاسقاط ، والذي جعلهم فئة منبوذة وتعيش على هامش المجتمعات الأوروبية . وهذا ما حفز بعض النابهين من اليهود الى تكوين حركة تحاول جمع اليهود ، وطرحت مشروعها لجمع شتات اليهود في العالم في وطن خاص بهم ، وأسفر هذا عن عقد المؤتمر الصهيوني بزعامة تيودور هرتزل في مدينة بازل السويسرية عام 1897 ، والذي حدد وجهته الى فلسطين من أجل بناء وطن قومي لليهود فيها .
فما كان من الدول الاستعمارية الفاعلة ، وخاصة بريطانيا ، والتي ظهر نجمها بعد الحرب العالمية الأولى إلا أن رحبت بهذا المشروع ، ووجدت فيه وسيلة ناجعة لإطالة سيطرتها على المنطقة العربية ، وتوجت قبولها له بوعد " بلفور " الذي نص على :
في الثاني من نوفمبر/ تشرين الثاني سنة 1917
عزيزي اللورد روتشيلد
يسرني جداً أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة جلالته ، التصريح التالي الذي ينطوي على العطف على أماني اليهود والصهيونية ، وقد عرض على الوزارة وأقرته:
"إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى إقامة مقام قومي في فلسطين للشعب اليهودي ، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية ، على أن يفهم جلياً أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين ، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد آخر".
وسأكون ممتناً إذا ما أحطتم الاتحاد الصهيوني علماً بهذا التصريح.
المخلص : آرثر جيمس بلفور – وزير الخارجية
لقد قيل وكتب الكثير عن الصهيونية والمشروع الصهيوني ، إلا أن هناك ثلاث علائم أساسية ارتكزت عليه الحركة الصهيونية لتطبيق هذا المشروع ، وهي أولا : الاعتماد على القوة والتحالف مع القوة . وثانيا : التنظير الديني واستخدام نصوص الميراث المقدس لليهود . ثالثا : تجاهل حقوق السكان الأصليين في فلسطين .
فالاعتماد على القوة نبع من التنظيم وظهور حركة صهيونية منظمة ومدعومة بالقوة المالية لليهود في العالم وقدرة هذه الحركة على التحالف مع القوة العسكرية العالمية الظاهرة في العالم – بريطانيا - وبالمقابل ضعف الجانب الفلسطيني في التنظيم والامكانيات بسب ما يقرب من أربعة مائة عام من الاستعمار العثماني الظالم والذي أفقد الشعب الفلسطيني التمايز والخصوصية الوطنية والاجتماعية ، بل كان أحد ولايات بلاد الشام الخاضعة للباب العالي العثماني .
كما اعتمدت الحركة الصهيونية على التنظير الديني والنصوص التوراتية لاقناع اليهود بالقدوم الى فلسطين بوصفها " أرض الميعاد " الذي وعدها الله لليهود .
كما بنت الحركة الصهيونية مشروعها على أساس أن هذه الأرض فارغة من سكانها الأصليين ، واذا وجدوا فيجب طردهم منها بكل الوسائل .
والآن ، وبعد اقامة دولة اسرائيل في فلسطين منذ عام 1948 م ، يأتي السؤال : هل نجح المشروع الصهيوني في ايجاد وطن هادئ ودائم لليهود في فلسطين ؟ الجواب : لا ، فهناك علائم آنية وفي الأفق تدل على فشل هذا المشروع الاستعماري ، ومن هذه العلائم :
1- كثرة الحروب المتلاحقة والمتكررة التي يجب أن تخوضها اسرائيل من أجل الحفاظ على وجودها ، ودمج الفئات اليهودية المتعددة المشارب والمتنوعة حسب اختلاف الدول التي قدمت منها الى اسرائيل .
2- الفشل في اقناع ساكني دولة اسرائيل بأبدية وجود اسرائيل .
3- عدم القدرة على انتزاع الخوف من نفسية سكان اسرائيل الذين يعيشون في حالة تهديد دائم داخلي وخارجي .
4- عدم قدرة دولة اسرائيل بديمقراطيتها علي انتزاع الروح الوطنية من فلسطينيي الداخل الذين ظلوا في فلسطين ولم يخرجوا منها على أثر حرب سنة 48 التي اضطرت أغلبية شعب فلسطين الى اللجوء الى قطاع غزة أو الى الضفة الغربية ، أو الى دول الجوار .
5- عدم قدرة اسرائيل في كل حروبها وتحالفاتها وأساليبها التهجيرية من اجتثاث الشعب الفلسطيني أو طرده خارج حدود فلسطين التاريخية .
6- انحسار المشروع الصهيوني ، فبدلا من كونه كان يهدف الى أن تمتد دولة اسرائيل من النيل الى الفرات ، فقد انحسر الى حدود فلسطين من النهر الى البحر .
7- اشتعال الروح الوطنية ، والخصوصية الوطنية لدى الشعب الفلسطيني بتكوين منظمات سياسية وعسكرية تقاوم وتناضل بكل الأساليب من أجل التحرر ونيل الاستقلال .
8- تزايد النمو السكاني لفلسطينيي الداخل والذي سيعادل أو يتفوق على عدد السكان اليهود في داخل حدود اسرائيل خلال عقدين قادمين . وهذا ما تنبأت به مراكز إحصائية صهيونية وهذا لن يطول كثيراً حيث سيشهد عام 2020 أغلبية فلسطينية بنسبة 58% ، واليهود 42% .
9- تزايد الهجرة المعاكسة من داخل اسرائيل الى أوروبا وأمريكا ، نتيجة لتكرار حروب اسرائيل مع جيرانها واستطاعة المنظمات الفلسطينية نقل الصراع داخل مدن وشوارع اسرائيل مما أدى الى تزايد القلق وافتقاد الأمان النفسي والاقتصادي للسكان اليهود .
10- عدم قدرة قادة اسرائيل على قراءة واقع الشعب الفلسطيني والبعد العربي والإسلامي لفلسطين كموقع وتاريخ ومقدسات .

ورُب متسائل يقول ، ما دامت هذه العوامل تدل على فشل المشروع الصهيوني ، فكيف استمرت اسرائيل في الوجود حتى الآن ؟
ونجيب ، استمرت في وجودها لأنه الى جانب علائم الضعف والفشل التي تحيط بالمشروع الصهيوني ، فإنه توجد علائم قوة تدفع بهذا المشروع الى الاستمرارية والوجود حتى الآن وهي :
1- القوة العسكرية الديناميكية الحديثة القادرة على نقل المعركة داخل حدود الخصم .
2- قوة التحالفات الاسرائيلية واليهودية العالمية التي من شأنها انقاذ اسرائيل من أي ورطة عسكرية أو مالية ، أو سياسية .
3- الضعف العربي العسكري لكل دولة عربية على حدة .
4- نظرا لاختلاف النظم السياسية في الدول العربية المتاخمة لاسرائيل ، فإنه يتعذر تكوين قوة عسكرية موحدة .
5- نظرا لاختلاف النظم السياسية في الدول العربية ، وتحالفاتها الخارجية الضاغطة لصالح اسرائيل ، فانه قد تعذر وجود نية فعلية لتحرير فلسطين .
6- وجود الشعب الفلسطيني موزعا في بين داخل اسرائيل وداخل الضفة الغربية وبين الشتات في العديد من الدول العربية والعالم .
7- تشتت نوازع شعب فلسطين السياسية حسب وجودهم في الشتات .
8- ظهور منظمات سياسية فلسطينية مختلفة التحالفات الخارجية ومتعددة التوجهات والبرامج السياسية .
9- ظهور صراعات دموية متعددة ، فلسطينية ، عربية ، وفلسطينية ، فلسطينية ، مما شوه الطريق لتحرير فلسطين ، وشتت القوى والنوازع الفلسطينية ، وأهدر طاقاتها .
10- عدم وضع الرجل المناسب في المكان المناسب في مراكز متعددة داخل أطر منظمة التحرير ، مما أدى الى الاهدار المالي وتفشي الفساد ، وتشويه المسيرة الوطنية للشعب الفلسطيني .
والظاهر أن عوامل القوة لدى المشروع الصهيوني لا زالت أقوى من عوامل الضعف ، لهذا فأن اسرائيل موجودة .
الى جانب كل هذا فإن هناك عوامل ثانوية لها تأثيرها في تقوية عوامل القوة أو إضعافها ، أو تقوية عوامل الضعف أو اضعافها . وهذه العوامل اما محلية أو عالمية .
فمثلا تفكك منظومة الدول الاشتراكية بزعامة الاتحاد السوفياتي قد دعم مواطن القوة للمشروع الصهيوني ، حيث كان الاتحاد السوفياتي المساند الدائم لطموح الشعب الفلسطيني وحقه في تقرير مصيره .
وأيضا تتالي الأزمات في النظام الاقتصادي في أمريكا كحليف لإسرائيل يلقي بظلاله على كمية المساعدات الأمريكية لإسرائيل ونوعيتها ، سواء مالية أو عسكرية ، وهذا يوحي بضرورة البحث عن حل للصراع الفلسطيني الاسرائيلي .
كما أن التغيرات السياسية والاجتماعية في الدول العربية تترك بصماتها التأثيرية سلبا أم ايجابا على مواطن الضعف أو مواطن القوة في المشروع الصهيوني . فمثلا ، كان لصعود نجم الاخوان السياسي وتمسكهم بمعاهدة " كامب ديفيد " ، وعدم القدرة على الخروج من عباءة السياسة الأمريكية قد أخرج مصر نهائيا من مشروع تحرير فلسطين عسكريا .
وأيضا فإن حروب اسرائيل المتكررة على شعب قطاع غزة قد أكسب قضية فلسطين تعاطفا شعبيا عالميا ، مقابل إضعاف التعاطف الشعبي العالمي مع الدعاية الاسرئيلية التي تظهر الشعب الاسرائيلي في موقف الضعف أمام المحيط العربي .
إن ديناميكية ادارة الصراع وفهم عناصر القوة والضعف في الزمان والمكان هي التي تحدد الشكل الذي سينتهي عليه شكل الحل للصراع الفلسطيني الاسرائيلي ، هل سينتهي الصراع بتوافق سياسي ، أم بحل عسكري ينهي وجود احد الطرفين ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مشروع فاشل
عبد الرضا حمد جاسم ( 2013 / 3 / 26 - 15:35 )
فاشل لانه اوجد دوله في غير محلها وهو فاشل لان نجاحه يقارن بفشل الاخرين اي انه ناجح لان المحيطين به فاشلين وليس لانه يملك مقومات النجاح
هل النجاح في ان يزداد اعداءه من عدة الاف الى اكثر من مليار
هل النجاح في انه يقيم دوله محاطه بالاسيجه من دون كل دول العالم
هل نجاحه لانه موجود في محيط لا يحترمه و لا يحبه
هل نجاحه في انه لملوم من اشخاص ثنائيي الجنسيه اي بمعنى كما نقول في العراق(الجماعه عله رحيل) اي حازمين حقائبهم للمغادره
هل النجاح لانه لليوم لم يستطيع ان يُقبل في محيطه
هل نجاحه في انه من حرب الى حرب الى اخرى وستستمر
هل نجاحه في انه مجتمع غير متجانس حتى في مطبخه او ملابسه اي تراثه
هل نجاحه في انه يمتلك(اشك في ذلك) ترسانه تبيده قبل ان تؤثر على غيره(اسلحه نووية)هذه الهل تجعل منه مشروع فاشل او الى فشل ولن مهما حاول او اراد او قتل او حارب او دافع ان ينتج مقومات نجاح
عليه ان يبحث عن شيء اخر و يلغي مائة عام


2 - عوامل القوة لاسرائيل
عتريس المدح ( 2013 / 3 / 26 - 17:24 )
إن أحد عوامل القوة الرئيسية والذي دار حوله الكاتب وذكره تلميحا خجولا، هو ضعف المثقفين العرب وعدم جرأتهم بالقول الصريح بأن دولا عربية بعينها وزعامات وملوك عرب تآمروا بكل السبل الممكنة والمتاحة لاجهاض أية مشاريع عربية وحدوية وتحررية ضد إسرائيل، فالملك فيصل السعودي طالب الغرب ياسقاط عبد الناصر الذي كان أحد نقاط برامجه الرئيسية تحرير فلسطين، كذلك ملك الاردن الذي لعب بكل خبث ودهاء من أجل اجهاض المقاومة الفلسطينية، ..والامثلة كثيرة كذلك لعبت تنظيمات اسلامية منذ نشأتها دورا عدائيا ضد كل من نادى بالقتال ضد اسرائيل مثل دور الجماعات الاسلامية والاخوان المسلمين ضد فصائل م.ت.ف ودور حماس ودور السعودية وقطر الحالي في تمرير السياسة الامريكية لانجاح مشاريع الاطلسي باعادة السيطرة على المنطقة عبر مشروع الشرق الاوسط الجديد بواسطة الفوضى الخلاقة التي تدمر دول مثل مصر وليبيا وسوريا
وتونس لاجل مصلحة اسرائيل


3 - حقائق تاريخية
زرقاء العراق ( 2013 / 3 / 26 - 18:33 )
مع أحترامي للكاتب فأن محتوى المقالة لم يكن محايداً وتم الغاء العديد من الحقائق التاريخية
١- تم قرار تقسيم فلسطين حسب نسبة سكانها من العرب واليهود
(واقصد اليهود اللذين سكنوها لمئات السنين)
٢- التاريخ يؤكد ان الامبراطورية العثمانية قد هجرت العديد من اليهود في فلسطين بالقوة الى دول عربية
٣- لم يطالب الشعب الفلسطيني يوماً (قبل وعد بلفور ) بأنشاء وطن فلسطيني كما جاء في المقالة
٤- اذا افترضنا بأن للفلسطينين فقط حق تاريخي في فلسطين, فلم لا نقول ان لليهود حق تاريخي في خيبر؟ (اذا تماشينا مع نفس الفرضية
٥- اغفل الكاتب عن ذكر حقيقة تاريخية بأن بلفور اعطى اليهود ٣ خيارات; فلسطين, أوغندا وارجنتينا فأختاروا فلسطين لأنها ذكرت في توراتهم
يرجى الامتناع عن الشتائم والتهديدات لمن يرغب في الرد على هذا التعليق, فتهمة انني صهيونية موسادية ماسونية لن تضيف شيئاً في البحث عن الحقائق التاريخية


4 - حديث باثر رجعي
محمد البدري ( 2013 / 3 / 26 - 19:18 )
المقال اغفل أمور كثيرة اكثرها علي جانب ما يسمي بالعرب. فهذا المقال كان من الممكن ان يكون ضمن البروباجندا السياسية في القرن الماضي للنظم القومية العروبية ومعها مشيخات البداوة العربية التي نعلم الان مدي مسهمتها في اقامة دولة اسرائيل.

اخر الافلام

.. جمال نزال: وجود السلطة في غزة رهن بحل شامل يتضمن انسحاب إسرا


.. نهضة بركان يستقبل الزمالك في مهمة رد الاعتبار | #هجمة_مرتدة




.. جامعة سيول تضم صوتها للحراك الطلابي العالمي المتضامن مع فلسط


.. استشهاد رضيع وأمه جراء قصف إسرائيلي على منزل بمدينة غزة




.. مراسل الجزيرة: مستوطنون إسرائيليون يحرقون منزلا لعائلة الدوا