الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وأنتصر العراق الجديد بأرتقاء الطالباني دفة الحكم

كامل السعدون

2005 / 4 / 10
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


لا شك أن لحظة صعود الطالباني إلى منصة القسم ولحظة التصفيق التي قوبل بها ، وهذا الإجماع الوطني الكبير في البرلمان العراقي على تكليفه ، هي لحظة من تلك اللحظات المفصلية الخالدة في تاريخ الشعوب .
لحظة أكبر من أن تكون زمنية حسب مثل المليارات من اللحظات التي تعد بوحدات قياس الزمن المعتادة ، لا بل إنها في قناعتي لحظة ذات وزن نوعي ثقيل جدا وشفيف بذات الآن .
لحظة ذات كثافة رهيبة ، لحظة إنقلابية ، لحظة تجلي حقيقي ، لحظة أنتصار الجغرافيا والتاريخ على الإديولوجيا والطائفة والعرق والقومية .
أقسم أن تلك اللحظة سيخلدها التاريخ العراقي إلى أبد الدهر ، ولا ينبغي إلا أن نفعل جميعا ، عربا وكردا وقوميات منتآخية أخرى ، أن نخلد اللحظة .
لحظة أنتصار العراق على نفسه أولا ، قبل أن يكون إنتصارا على الأخرين من أعدائه الكثر ، في الداخل والخارج .
لحظة إنتصار المولود الديموقراطي إذ خرج من رحم الحرب والإرهاب والردة وهو معافى بشكل رهيب ، وقوي بشكل خارق .
لحظة إنتصار الوطنية العراقية الحقة التي أرادها كل النبلاء الذين رحلوا والذين لم يقيض لهم زمنهم أو أزمانهم فرصة تحقيقها ، مع الإختلاف في الرؤية لديهم جميعا ، أعني عظماء العراق الحديث الكبار ، البارزاني الكبير وعبد الكريم قاسم والملوك النبلاء الذين سبقوه والمرحوم الجادرجي وجعفر أو التمن والجواهري الكبير والمرحوم الخالد فهد و...و....و...الخ .
لقد أنتصر العراق الحقيقي الوطني ، عراق الكرد والتركمان والعرب والآشوريين والصابئة واليهود والأيزديين وغيرهم ، إنتصر على نفسه ، على تشرذمه وتيهه وضلاله وقسوته بحق نفسه وبحق أعضاء جسده الخالد المقدس ، أعني أبناءه المتميزون كُل بهويته الخاصة الصغيرة الجميلة التي تشكل جزءاً عضويا من اللوحة ، ولا يمكن إلا أن تكون في صميم هذه اللوحة لا في الإطار ولا في الخلفية .
إنتخاب السيد الطالباني ، الجميل للغاية بروحه وبوطنيته العراقية وبإنتماءه الكردي العذب وبديموقراطيته ورحابة صدره وحكمته الكبيرة وعشقه للعراق وللعرب وأحترامه الكبير لكل المكونات العراقية ، إنتخابه هذا هو الثمرة الناضجة لهذا الفعل الحضاري الرائع الذي حصل في التاسع من نيسان الخالد ، أعني إجتياح الأمريكان للعراق وتحريره من الفاشية الهمجية القبلية الطائفية المتخلفة المعيقة لحركة التاريخ الإنساني في هذه المنطقة .
حقيقة كنت قلقا وخائفا من المطالب أو بعض المطالب التي رفعها أخوتنا المفاوضون الكرد ، حقيقة كنت كذلك وأنتقدت ببعض القسوة المنضبطة ، ولكنني لم أشك في وطنية أخوتنا الكرد ولم أشكك في حقوقهم القومية العادلة ، إنما أن يرفع سقف المطالب في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ العراق وحيث الأرهاب على أشده ، وحيث الأعداء متربصون بنا وبالذات في دول الجوار ، فهذا والله ما كان يرعبني ، إذ آمنت أو أوشكت بإن هناك مؤامرة جدية لتفتيت العراق ، والإضرار بالكرد قبل العرب أو التركمان أو الآشوريون ، والأخوة الكرد وكلنا يعلم كانوا أبرز ضحايا النظام ، ولا نتمنى لهم أن يكونوا ضحايا جدد لتفتيت مرعب للعراق ، تكون محصلته إجتياح تركي أو إيراني او تحالف بين الأطراف الثلاثة لخنق التي لديها شعب كردي ضمن نسيجها الوطني .
لكن بحمد ربك وبحكمة الأطراف جميعا ، أعني القوائم الفائزة مضافا لعقلاء الطائفة السنية ، بحكم هذا نجح العراق في جهاد النفس وأنتصر على إرثه الشوفيني ، ودفن أسمال العروبية الظالمة والشوفينية الدينية الجائرة وسلم مفاتيح مقبرة الفاشست للسيد الطالباني ، ليكون أمينا على العراق وحارس كهف الماضي ومقبرة الإرث القميء .
بصراحة ( وليس إنتقاصا من أحبتنا أهل السياسة في العراق ) ، لولا الأمريكان ما تحقق هذا النصر الذي شهدناه في هذا الإسبوع النيساني الجميل الخالد .
ليس لأن أهلنا في النخبة السياسية لا يمتلكون الإرادة والحكمة والقوة ، ولكن لأن من الصعب عليهم أن يحسموا الإرث الشوفيني لوحدهم ، فهو أرث عمره يفوق عمر الدولة الوطنية العراقية .
إنه يمتد إلى مئات إن لم نقل آلاف السنين من الحكم الشمولي الأجنبي ( تحت لواء الإسلام أو العروبة ) ، وبالتالي من الصعب على أي طرف من الأطراف ممن أعتاد على هذا الإرث منذ مئات السنين أن يقبل بأن يأتي غير العربي ليستلم سلطة العراق .
صحيح أنهم كانوا يجيزون للتركي أو الفارسي أو الألباني المملوكي ذلك ، ولكن كان هذا يأتي لا كألباني أو تركي أو كردي ( أي بجذره وهويته الإجتماعية القومية الحقيقية ) ، بل كمسلم فقط ، وكان غالبا ما يلتجيء إلى بضع ألاعيب كأن يغير إسمه يإسم عربي ، أو أن يغير دينه ، ليغش الناس وما أسهل ما كان الناس يغشون بالمظاهر البائسة التي لا تنطلي في زمننا هذا على أبسط فلاح أمي .
أما أن يأتي كردي ويقول أنا كردي ولقوميتي الحق في المشاركة في السلطة فهذا جديد على الناس .
جديدٌ عليهم أن تسمى الحقائق بأسمائها الحقيقية وبلا تزويق .
بلى ...جديد علينا أن نتخلص من إرث قيمنا الفاسدة التي من أبرزها الكذب والنفاق والظلم المقنع بأقنعة التقوى .
مبروك لنا جميعا ، عربا قبل الكرد أن تنتصر طلائعنا الكردية العراقية على إرث الماضي وأن تكرمنا بزعيم عراقي رائع هو السيد الطالباني ، ومبروك على الكرد تلك القيادة الفذة المتنورة المتماسكة .
ومبروك للعراق إنتصاره على نفسه .
مبروك للجغرافيا والتاريخ قرانهما ، ومبروك لنا هذا الوليد الجديد الذي أسمه الوطنية العراقية والأمة العراقية الواحدة الخالدة .
وشكرا للأمريكان على كل هذا الذي فعلوه من أجل العراق والشرق كله ومن أجل مستقبل الإنسانية جميعا بتحريرنا من صدام حسين والبعث الشوفيني الفاشي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا يتظاهر المعارضون لخدمة التاكسي الطائر في باريس؟ • فران


.. إسرائيل - حزب الله: أخطار الحسابات الخاطئة • فرانس 24




.. أحدها انفجر فوق شاطىء مكتظ.. لحظة هجوم صاروخي أوكراني على جز


.. بوريل يحذر من أن الشرق الأوسط على أعتاب امتداد رقعة الصراع م




.. روسيا تستدعي سفير الولايات المتحدة للاحتجاج على استخدام القو