الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دراما الصراع بين الموت و الحرية في فيلم - ما نموتش Mill Feuillesللنوري بوزيد // د. سمير الزغبي

سمير الزغبي
كاتب و ناقد سينمائي

(Samir Zoghbi)

2013 / 3 / 27
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


يبدو أن المخرج النوري بوزيد أراد أن يعايش تجربة الموت، وهو لا يزال على قيد الحياة . وهي لعمري تعبير عن عمق التجربة الأنطولوجية في أعمق معانيها. أراد النوري بوزيد من خلال مفردات سينمائية أن يكشف عمق التجربة الفنية. فالفنان يلج إلى عمق الوجود عبر طموح أنطولوجي لا يعترف بحدود. و يبدو الموت ضمن هذه الدراما أعمق تجليات أنطولوجيا السينما. الموت يتحول إلى فعل درامي، فيتخلص من طابعه المأساوي، ليكتسب طابعا أنطولوجيا- تجربة وجودية-
الموت لا يعبر عن النهاية ضمن هذه الدراما السينمائية بل إنها بداية و حياة جديدة قد تكون أكثر ثراءا. الموسيقى تبقي الأشياء حيّة لا تزول. ذلك هو المعنى المراد تبليغه من خلال العناصر الدرامية في فيلم مانموتش.
مواضيع الفيلم تتمازج في ما بينها، تبدو متباينة لكن تحويها وحدة درامية وجودية. الموت ،الثورة، الدين، المرأة ، الجسد،الحرية، الحجاب. الفيلم حافظ على التمشي الجمالي للسينما التونسية عموما. وخصوصية الإبداع لدى النوري بوزيد. من حيث غياب البنية السردية أي التسلسل الزمني الأحداث والتمسّك بالتوجّه الواقعي، و بسينما المؤلف، حيث أنّ المخرج هو الصانع الأساسي للفيلم . كما أنه لا بدّ من الإشارة إلى ظهور نوعية من اللقطة الكبيرة لم تعهدها السينما التونسية. قد تكون الغاية منها إظهار الوجه بكامل تفاصيله و إجلاء لقواه التعبيرية الخلاقة. إنّها " صورة – عاطفة كما حددها الفيلسوف جيل دولوز .
الصراع من أجل البقاء و الحرية تميزت به مفردات الفيلم. صراع بين الرغبة و الدين، صراع بين الحياة و الموت. المراة هي المحرّك الأساسي للدراما. حوار بين مطلب الحرية و المحافظة على ذاتها كإمرأة. ينتصر الفيلم بجرأة لموقف الحرية في كلّ معانيها. لكأنّي بالنوري بوزيد يريد إحياء رموز الفلسفة الوجودية، و بالخصوص في الشكل الذي برزت فيه من خلال المسرح الذهني للأديب الفيلسوف محمود المسعدي في مسرحية "حدث أبو هريرة قال". من حيث علاقة البطل الوجودي بالجسد و الرغبة والدين. إلا أن حضور المرأة في فيلم "مانموتش" يبدو أكثر فعالية. و لم تكن المرأة مجرّد تابع للرجل بل إنّها تضطلع بدور يخصّها بذاتها من حيث أنها إمرأة. النوري بوزيد لم يسع لتخليص المرأة من أنوثتها بل بالعكس أراد تكريس هذا الأمر من خلال العديد من اللقطات و المشاهد. فالمرأة ترتقي بذاتها وجوديا لتحافظ على ذاتها من حيث هي أنثى حاملة لمعني الجمال و الجسد.
الثورة لم تحضر في الفيلم كحدث بذاته. بل إنها المناسبة التي تدافعت أثنائها مسائل تتصل بحرية المرأة. و هذا الأمر يبرز أن النوري بوزيد لم يكن بصدد إنجاز فيلم خاص بالثورة ،بل إنّه بصدد مواصلة لمشروعه الفني التحرري، من حيث أن السينما تظل فنا أنطولوجيا يعالج المسائل الكونية بالأساس دون تغييب الخصوصية التونسية و الإنتماء للحضارىة العربية الإسلامية.











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مواجهات بين الشرطة ومتظاهرين في باريس خلال عيد العمال.. وفلس


.. على خلفية احتجاجات داعمة لفلسطين.. مواجهات بين الشرطة وطلاب




.. الاحتجاجات ضد -القانون الروسي-.. بوريل ينتقد عنف الشرطة ضد ا


.. قصة مبنى هاميلتون التاريخي الذي سيطر عليه الطلبة المحتجون في




.. الشرطة تمنع متظاهرين من الوصول إلى تقسيم في تركيا.. ما القصة