الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كائن الرؤوس الكثيرة

ساطع راجي

2013 / 3 / 27
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


في أساطير بعض الشعوب وقصصها الخيالية، يوجد كائن متعدد الرؤوس يتصف عادة بالقوة وافتراس كل من يواجهه والمخيلة تجعل منه دائما كائنا مخيفا وهجوميا، وكثيرا ما ظهر هذا الكائن الخيالي في الافلام، الجمال اللافت في هذا الكائن الخيالي هو إن تعدد رؤوسه لايؤدي الى اي ارتباك في تصرفاته وقراراته ولا تحاول الافواه الكثيرة ابتلاع أي من الرؤوس، لكن يبدو اننا في العراق لانجيد تنظيم الكائن السياسي المتعدد الرؤوس، لاعلى مستوى النظام الديمقراطي ولا على مستوى القوى السياسية، بل ان هذه الرؤوس لاتفكر في شيء قدر التفكير في افتراس بعضها بعضا حتى لو ادى ذلك فيما بعد الى قتل الكائن/الكيان.
ائتلاف العراقية مثلا، خسر كثيرا بسبب صراع ومناورات رؤوسه الكثيرة ضد بعضها البعض، مصالح الرؤوس أطاحت بثقل العراقية الموحد لأن كل رأس يريد موقعا ومجموعة من المصالح وهذا يعني ان استحقاقات العراقية ككيان ضاع من اجل رغبات الرؤوس، وغياب هذه الاستحقاقات أطاح بمصالح القواعد الجماهيرية للعراقية، فحضرت الاصوات المتشنجة والمتشددة لاستقطاب الجماهير اليائسة التي تشعر بالغبن، هذا الامر أعاد العراق الى حلقة التوتر الساخنة، لذلك لامبرر لأن يفرح أحد بضعف العراقية وانقسامها الذي يساق أحيانا كنصر لائتلاف دولة القانون وهو حتى لو كان كذلك فهو خسارة كبيرة للبلاد لأنه يمهد لصعود طائفيين ومتورطين بالارهاب ويدفع شريحة عراقية كبيرة لليأس من النظام السياسي.
الأسوأ في صراع الرؤوس الكثيرة في العراقية إنها تؤدي الى فتح ابواب واسعة لاستنزاف الدولة ماليا وتشريعيا واعتباريا، فكل رأس له قائمة خاصة بطلباته ويبدو ان ائتلاف دولة القانون لا يتردد في الاستجابة لهذه الطلبات لكنه يهتم بابقاء الرؤوس كلا على حدة، وانطلقت رؤوس العراقية في اللعبة الى مالانهاية، هناك من يزعل وهناك من يرضى ولكل موقف ثمنه، وهكذا يتم ارضاء الزعامات وتجاهل الجماهير، انها لعبة السلطة ضد قيمة الدولة، السلطة ترعى مصالح حكام والدولة ترعى مصالح مواطنين، وهي لعبة تهدر قيمة الموقع الرسمي ولذلك لم تتمكن رؤوس العراقية من حماية نفسها رغم ما حصلت عليه من مواقع.
لعبة الرؤوس الكثيرة توسعت، لم تعد مقتصرة على الساسة، بل استهوت أيضا شيوخ العشائر ورجال الدين، وخاصة منذ انطلاق تظاهرات المنطقة الغربية، صار كل رأس ينهش غيره، ينتقص منه، يشوه سمعته، انها الاموال السائبة والمقاولات التي لاتنتهي، هي مائدة السلطة العامرة التي صار كل ما يقدم فيها يتحول الى سم قاتل لجسد الدولة ولمصالح المواطنين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل جنديين إسرائيليين بهجوم نفذته مسيرة لحزب الله | #غرفة_ا


.. صاعد المواجهات بين الجيش السوداني والدعم السريع | #غرفة_الأخ




.. نتنياهو: دخولنا إلى رفح خطوة مهمة جدا وجيشنا في طريقه للقضاء


.. أسامة حمدان: الكرة الآن في ملعب الإدارة الأمريكية التي عليها




.. مياه الفيضانات تغمر طائرات ومدرجات في مطار بجنوب البرازيل