الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التعددية الثقافية

محمد الأحمد

2005 / 4 / 10
الادب والفن


من بعد ان خبر المثقف جيداً مساحةُ العالم الجديد، تحت ظل عالم الثورة المعلوماتية، وكان متطلعاً بعمق إلى اغلب موروثاته، وموروثات الأمم الأخرى، صار مستشرفاً على ما يجري من تغيرات على خريطة العالم الذي كان رازحاً تحت نير -الحاكم بالدكتاتورية المفرطة، إذ كان موقناً بان ما من حال يدوم، فثمة أنظمة اتخذت من الديكتاتورية سدّا منيعاً لتطبع أنظمتها الثقافية، على أساس (بأنك تستطيع أن تقيد الناس بسلاسل أقوى من الحديد عن طريق أفكارهم هم أنفسهم- ميشيل فوكو)، صار المثقف يرى اقرانه منقسمون الى جهتين متعاكستين في الاتجاه، الآخر إلى أقصى اليمين تطرفاً، واليسار إلى أقصى اليسار تطرفاً، فالقلق والأمل صنوان لعملة واحدة على الرغم من تعارضهما. قلقهم في التغيرات المتينة للمستحدثات التقنية التي تفرضها القاعدة التكنولوجية، والتي تسير قدما بلا تأخر لتكتسح كل ما حولها، وما كان قديما في الفكرة والاستخدام يجده قد تفتت إلى نتفٍ صغيرة، وربما باتت لا تعني أحدا ابد، (فالفكرة الجيدة لا تذهبها سوى الفكرة الأفضل) والقسم الثاني من المثقفين قد وجدوا أنفسهم أمام عاصفة قوية من الإقتلاعات والأجتثاثات، فصار لزماً عليهم أن يتمسكوا بما كانوا يؤمنون به، أو ما كانوا يعملون به، يطوروه إلى الأفضل، و إلا عليهم بان يسلموا لما استحدث. فالثقافة وعياً في الوعي، والأداة، والمكان، والزمان. والمثقف هو من يعمل وفق نظام ما يكون عليه لزما الحضور في زمنه، ومكانه، مدافعاً بعلمية عما يراه جاداً، وجدياً، وفيه طموح لأن يطور ما كان يستحق التطوير، مستحدثا أنظمة غالبا ما تكون متداخلة من ثقافة الآخر، وربما، يكون المحتوى نفسه يسير حثيثا داخل المتعارضات بالتسميات، ويصبان في هدف واحد هو كيفية توسيع القاعدة لكل منهما على حساب الآخر. يكون المستشرف لما يجري أمام ناظريه، وقد أنجز ما يسمى بالتعددية الثقافية، كونها استعراض مقارن ما بين خيارات معرفية للأنظمة الثقافية؛ التي تشمل وحدات المعرفة بكل ما يتناوله الإنسان المعاصر، فهناك زلازل تهزّ هزّاً عنيفاً كل ضعف، وهي أنظمة (العسكرة) العلوم العسكرية، ونقلها إلى حقل الثقافة، أو بتعبير أصح، إلى بقية المجتمع والتاريخ، فتم تعميم مفهوم (العسكرة) الثقافية بحيث لم يعد مقتصراً على غزو الجيوش، هناك غزو عام.. غزو التجارة والسلع والأجهزة الالكترونية، وهناك غزو للقيم والعادات والتقاليد تتنافس في تحقيقه الفضائيات، ووسائل الدعاية. تعددت وسائله، وصار المثقف ينظر إلى مفهوم الغزو الثقافي في معانيه العديدة، وإتساعاته المفاهيمية، قلقاً بشأن وجوده، و مبهماً فيما يطرح عليه من جدل مفاهيمي بين قوى الحداثة وقوى التقليد، فالتيارات القومانية استخدمت هذا المفهوم أيضاً، دفاعاً عن ما كانت تطرحه لجمهورها، كشعارٍ سياسي ضد التيارات الاشتراكية في الخمسينات والستينات، وراحت العسكرة تغلف هذه المفاهيم كلما اشتدَّ الصراع بين الأطراف المتصارعة على الثروات والمواقع الإستراتجية، كذلك في ظل الصراع السياسي بين التيارات الأصولية والتيارات الليبرالية في العقدين الأخيرين من القرن العشرين، كان العامل الاقتصادي على الدوام هو المحرك لهذا المفهوم (الشعار)، والمثقف المحايد يأخذه الذهول مما يكون عليه من تعدد في المفاهيم، وبين التطبيق الذي يجري عليه، وعلى أقرانه بمختلف المناهج، ولتستثني القيم الحقة، كونها أقنعة من اجل أن تعبر بالخطابات إلى ما تريد. ففي نهايات القرن التاسع عشر تنوعت الثقافات، الثقافة القدرية، والثقافة الاستعمارية، والأفكار المستوردة، والعقائد الدخيلة، وغيرها من الصيغ والشعارات التي تكرس لاحقاً في تعبير العسكرة الفكرية. تنتمي إلى الصراعات السياسية والصراعات الأيديولوجية. من اجل الهيمنة على الثقافة والهوية والتاريخ، والجغرافية، والثروة، وصارت قيم التنوير والنهضة والعقلانية والحداثة التي ظهرت لدى الآخر تسمى من الآخر غزوا ثقافياً، من بعد أن أصبحت قيماً كونية، و تراشقت التهم على (فلان) مثلاً داعية للآخر ومنبراً من منابر الغزو الفكري حين دعا إلى الشك (الفلاني)، وتطبيقه في تفكيك تقنيات الثقافة الأخرى. بينما (فلان) يتصدر الواجهة القريبة، كونه من نظام لا يختلف، ويكون الإنسان على الدوام هدفاً، لأجل أن يدجن بواسطة خطابات منظمة، تعسكره ساعة تريد، وتطويه كورقة عمل تأجل العمل بها، ولكن هيهات ذلك على المثقف.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مسرحية -شو يا قشطة- تصور واقع مؤلم لظاهرة التحرش في لبنان |


.. تزوج الممثلة التونسية يسرا الجديدى.. أمير طعيمة ينشر صورًا




.. آسر ياسين يروج لشخصيته في فيلم ولاد رزق


.. -أنا كويسة وربنا معايا-.. المخرجة منال الصيفي عن وفاة أشرف م




.. حوار من المسافة صفر | المخرجة والكاتبة المسرحيّة لينا خوري |