الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التدمير في العودة للوراء

وسام صابر

2013 / 3 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


التدمير في العودة للوراء
وسام صابر
في المجتمعات العربية والعراقية نجد الكثير من الازواج يتشاركان الطعام من نفس القدر لكنهم لا يتشاركان الطعام من نفس الصحن. وقد يتشاركان النوم تحت سقف واحد لكنهم لا يتشاركون نفس السرير او نفس الغرفة. قد لا يتبادلان الحديث لكنهم بالتأكيد سيتبادلان الصراخ .هم أزواج امام الناس لكنهم ليسوا أزواجاً امام الله!
غالباً ما تكون الزوجة تعيسة من هذه الحالة لكنها لا تملك تغييرها بل لا تريد تغييرها لأنها تخاف من المجهول. كيف ستتدبر امورها بعيداً عن البيت الذي اعتادته؟ أو الزوج الذي ألفته؟ وكيف ستعيل أبناءها وهي التي عاشت عمرها معتمدة على هذا الرجل في تدبير معيشتها؟ قد يلجأ الرجل الى العلاقات خارج البيت لاشباع رغباته. لكنه لا يفكر بالانفصال أما لأنه يخاف على بيته وأطفاله من المجهول شأنه شأن زوجته .. وحتى لو فكر بالزواج من امرأة اخرى وهو الذي سمح له الشرع والقانون والعادات والتقاليد بذلك، لكنه يخشى أن تكون الزوجة الثانية شأنها شأن الاولى فلماذا المجازفة ؟
الخوف من المجهول هو مانعيشه في كل دقائق حياتنا. ربما لهذا السبب نحن اعداء التغيير ونتقبل الحاضر بكل مساوئه .. بل ونخاف من التغيير حتى لو انحصر في عمل أو وظيفة معينة. قلة منا من ترغب بالتجديد ونعتبرها مجازفة. أحدى جاراتنا قدمت مع عائلتها طلباً لللجوء الى الامم المتحدة وأستلمت اخيراً الموافقة على طلبها. وذهبت لأهنئها واذا بي أجدها مكتئبة ومتضايقة، بحيث شرعت بالبكاء أول ما سألتها عن أخبارهم وهل ما سمعته صحيح أم لا؟ فأستغربت حزنها وبدأت أصبرها، انها ستذهب الى مكان أفضل في خدماته ووضعه الأمني والسكني حتى. فهم في بيت للأيجار منذ سنين ونسمع أن تلك الدول تمنح سكناً ومالاً للعوائل حتى يجدوا وظيفة مناسبة. لكنها بررت حزنها في أفتقادها للأصدقاء والجيران الذين لن تراهم بعد الآن. لكني رأيت أن حزنها هو قلق من الآتي من المجهول شأنها شأن الكثيرين منا ..
عندما وصلت قوات التحالف الى مشارف العراق في سنة (2003) وكانت الأخبار تتحدث عن تغيير النظام وعن خطة أعمار العراق أرتعبنا ماذا يعني أعمار العراق؟ هل سيهدمونه ؟ ليبنونه من جديد؟ شكراً لكم عودوا من حيث أتيتم "لا نريد هذا التغيير نحن بحال أفضل في ظل هذا الدكتاتور" المجرم الطاغية! الكثير منا يردد دائماً المثل القائل (شين التعرفة أحسن من الزين الماتعرفة ).
فما نراه الآن هو دماراً وهدم لكل ما ألفناه من دماراً مستتر. جاء بسبب التغيير لكنه دمار أفضل من البؤس الذي ارادونا التعود عليه. ففي بؤسنا فقدنا أحبتنا وفقدنا أنسانيتنا وكرامتنا. فهل من الممكن أن يتعود المرء على الذل؟ على البؤس؟ ويرغب بأستمرارهما مبرراً لنفسه بخضوعه للذل أنه يخاف على أهله وعلى أولاده من القتل أو من المعتقل. في الوقت الذي كان يرى أن الحكومة ممكن أن تزج بسجونها أياً كان حتى لو لم يقدم على أي عمل سياسي! فليس بالضرورة أن تكون سياسياً حتى تعادي النظام. وراح العشرات من أبناءنا دون ذنب. بل أن بعضهم كانوا أبرياء حد السذاجة ومع ذلك كان مصيرهم المعتقلات والسجون ومن ثم الى المقابر ألجماعية.
والآن وبعد أن دفعنا آلاف الضحايا حصل التغيير والحمد لله وليس المطلوب منا أن نتقبله فقط، بل علينا أن نعمل على إنجاحه حتى لا تذهب تضحيات أهلنا وأصدقاءنا دون ثمن. حتى لا تذهب أحلامنا وأمانينا هباءً لنتكاتف في سبيل أبناءنا ومستقبلهم فقد جربنا لسنين طويلة التقاتل والتناحر فما الذي جلبه لنا غير الدمار؟ الآن حانت ساعة المواجهة. مواجهة مخاوفنا مواجهة من يحاول الإساءة لنا وإسكاتنا. هل سنخسر أكثر مما خسرنا ..لماذا لا نقدم نموذجاً للعرب وللعالم عن قدرتنا على البناء وعلى التطوير والتغيير. لنهدم كل ما تعودنا عليه من ركون للملل لنهدم منازلنا القديمة التي آلت للسقوط بدل من أن نتركها تسقط فوق رؤوسنا لتقتلنا .. ونبني مكانها بيوتاً جديدة.
ففي قتالنا مع بعضنا نخدم من يريد تدميرنا ومن يريدنا في ذيل قائمة التمدن والتحضر، والعودة للماضي لا سمح الله هو التدمير بعينه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القسام يعلن استهداف دبابة -ميركافا- إسرائيلية بقذيفة -الياسي


.. عبر الخريطة التفاعلية.. آخر التطورات في مناطق توغل جيش الاحت




.. كيف تؤثر تهديدات بايدن في مسار حرب غزة؟ نتنياهو إسرائيل ن


.. احذر... الاستحمام اليومي يضر بصحتك




.. مقتل 7 أشخاص في قصف أوكراني على حي سكني في بيلغورود الروسية