الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشاعرة سيدة بن علي تحاول احتواء غربة المكان بتأمل اصيل

وجدان عبدالعزيز

2013 / 3 / 28
الادب والفن




كانت شمس الاصيل تنسحب ببطء عبر الافق البعيد ، وكنت استشعر بوحدة عاشق غريب ، تسكنني اسئلة تتوالد ، ولن اصدق ابدا ، انه ، بعد حبي السماوي الخفي ، يمكنني ان اواصل الطريق كي ابحث عن فرضيات الوجود ، الا انني عشت تساؤلات الشاعرة سيدة بن علي في مدارات الشعر والتي تتسع افاقها لتحتوي الاصيل وتحتوي غربة المكان ، وهو يغرق بظلام بكر ... فـ (الشعر والوجود، يشكلان بؤرة رؤيوية تأويلية تعددية تدرك الكينونة بوصفها انفتاحا للموجود، ولذا فما فتئ هيدغر باعتباره باحثا أصيلا في العلاقة التواشجية بين الشعر والوجود، يؤكد "على أن الإنسان لا يستطيع معرفة ما لا يمكن حسابه، أي أن يصونه في حقيقته، إلا انطلاقا من مساءلة خلاقة وقوية تستمد من فضيلة تأمل أصيل، فهذا الأخير يحمل إنسان المستقبل إلى مكانه بين الإثنين: الوجود والموجود، حيث يكون من طبيعة الوجود، والحالة هذه، أن يظل غريبا في قلب الموجود، وهذا المكان هو الكينونة هنا أو الوجود في العالم (الدارين) باعتباره مجالا لدنيا انفتاح الوجود ولانسجامه واحتجابه في آن معا". وهنا يشير هيدغر إلى هولدرلن بوصفه شاعرا يعرف شيئا بخصوص هذا الموضوع.) ، من هذا اثارت الشاعرة بن علي اسئلتها الوجودية ، بافتراضات الشعر ، وباعتبار الشعر تيه يشتغل في متاهات الممكن ، وحقائق النسبية ، بقيت الشاعرة تفترض وتحاول بناء علاقة جمالية بينها وبين الاخر ، وايضا بافتراض ثقة الجمال الذي تحمله جنبا الى جنب قلقها المستمر ونفسها الغير قارة ، متأثرة بكل اهتزازات الذبذبة الانسانية وبكل الوان الطيف الحياتي التي تنسكب في وعاء وجودها كأنسانة تعيش في خضم طبيعة الوجود وصراعاته ، و قد تخاطب ذاتها قائلة :

(ماذا تريدين ?
لا شيء
هي محاولة فقط
لفتح ثقب في السماء
بحث عن رائحة حبيبة
ذاكرة آثمة بالحنين
ماذا تريدين ?
لا شيء
فقط هو بكاء شموعي اشتياقا
أرعش القلب بخمرة الذّكريات
تآمر مع صوت المطر
على رأس مولع بالسكر
أفشى سرّي ...
أحرق الرّوح على الشّفاه
فناحت مع الجدران الصّماء:
أريد حبيبي ..أريده
ردّت الجدران ...
كفّني آهاتك بالأوراق
قد كان حلم صيف ...
ومضى ...
عانقيني....
أنا أكثر من حبيبك سخاء)

وهنا بحث عن ملاذ ، غير انها لاتجده سوى صدى الجدران تردد الجئي الى اوراقك ، وكأن الورقة والقلم هي الملاذ ، وهي التي تترجم انفعالات الشاعرة وتكون لها اصدق حبيب لايفشي اسرارها انما يخفف عنها ثقل الحمل ، وتفسر ترددات الجدران على انها حلم صيف ذلك الحبيب ، اما الحرف والكلمة هي حقيقة الذات القلقة والتي ترسم قلقها على الورق ، ثم تستكين ، ويكون بوح الشعر هو الحبيب الاكثر سخاءا والاكثر ثباتا من علاقتها بالاخر .. لكن الشاعرة سيدة بن علي تبقى تبحث في مساحات الحب والجمال ضمن رؤيتها بكون (ان حياة الكائن في واقعها شكلا من اشكال الفانتازيا ، تكمن في مصارعة الواقع وسط مفارقات لايسيجها منطق الا منطق العجيب والغريب) .. تقول بن علي :
(أرى الحقيقة في عينيها ...
في عينيك
في انتشاء شفتيها ....
بين شفتيك ...
امطري ايتها السماء حبا
كي يذوب اكثر....
ويطير اكثر....
كي ينهض من رماده....
وتنمو جناحاه.....
أكثر فأكثر ...
اي عاصفة اطلقتها من صندوق اسرارك ?
اي نار اضرمتها بين جوانحي
وانا غافية ...
على عزف اوتارك
استرجع صدى وشوشاتك ...همساتك
احصي آثار لمساتك)

وبهذا نستطيع ان نستند على قول الدكتور محمد يونس صالح حيث قال : (لاشك في ان العلاقة بين التشكيلي ـ اللوني على وجه الخصوصـ والشعري علاقة وطيدة مشحونة بابعاد دلالية وعاطفية ووجدانية ، نابعة من كونهما مظهرين من مظاهر الحياة والنشاط الانساني يصدران عن نفس الملكة الادراكية ، ويتشبهان في الاسس النفسية التي يفترض وجودها في نفس الشاعر والتشكيلي ، ليكتمل النضج الفني شعرا ورسما كل حسب مادته في سياق ، وانصهار احدهما بالاخر في سياق آخر)ص121 كتاب الفضاء التشكيلي ، وارى شاعرتنا سيدة بن علي شاعرة وراسمة ، ترسم موقفها ورؤيتها من خلال الكلمة .. مردد تساؤلاتها :

(اتراك تطلق اهاتك ...على صدرها ?!
كما فعلت معي...
اتراك وقعت على الارض....
كما وقعت.....
حين ارتعشت اطرافك
وانت تلامس يدي.....
اتراك خرجت عن النّص ...
ومارست عصيانك ...
كما عصيت معي ....
وشجرتي ?
هل تذكر شجرتي ?
امازلت تحنو عليها وتسقيها
كما سقيتني ....
ام ان مياهك نضبت
فاهملتها ...وانكرتها ...
كما انكرتني
==========
لا ترتبك ....لا ترتبك
فلست بعاتبة ...
ولا تغمض عينيك
فقد لمحتها ...
في احداقك سابحة ...
هو الحبّ يا ذكر الرّياح
كالزّئبق ....كالماء ...)

وهذه التساؤلات تكشف عن زيف علاقة ، هي تدركها تماما وتضع لها الحالة المناسبة ، كاشفة عن موقفها الثابت من الحب المغموس بالصدق ، والمغموس بالوفاء ، راسمة رفضها للصور المزيفة بادراك وهي تخاطبه : (لاترتبك .. لا ترتبك / فلست بعاتبة .. /ولاتغمض عينيك / فقد لمحتها ..) ، فهي تدرك الاعماق قبل ادراكها للملامح التي تحمل زيفا وكذبا .. والظاهر ان الشاعرة سيدة بن علي تتمسك بالحب والحبيب رغم صور الزيف التي تحاول التخلص منها لترتقي في سلم الحياة وتسمو باعماق نقية ونظيفة ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ضحية جديدة لحرب التجويع في غزة.. استشهاد الطفل -عزام الشاعر-


.. الناقد الفني أسامة ألفا: العلاقات بين النجوم والمشاهير قد تف




.. الناقد الفني أسامة ألفا يفسر وجود الشائعات حول علاقة بيلنغها


.. الناقد الفني أسامة ألفا: السوشيال ميديا أظهرت نوع جديد من ال




.. استشهاد الطفل عزام الشاعر بسبب سوء التغذية جراء سياسة التجوي