الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يا أهالي محافظة ذي قار: أما شبعتم فقرا وذلا؟

شاكر الناصري

2013 / 3 / 28
حقوق الانسان


يبدو ان غمامة الفقر والعوز لا تريد ان تفارقكم مهما حصل وان كل ما عانيتم منه سابقا لن ينتهي، بل سيتواصل. مستوى فقركم هو الاعلى في بلد الميزانيات الانفجارية، وعوزكم أصبح مضرب الأمثال وستتحولون الى عينة يشير اليها هذا السياسي او ذاك المخطط او الباحث في الاقتصاد والتنمية. وعزاؤكم في هذا ان ثمة شركاء لكم يشاركونكم محنة الفقر وتصاعد معدلاته ، فمحافظة المثنى ليست بعيدة عنكم واهلها يواجهون ما تواجهون وان كان بنسب أقل مما أنتم فيه.

ها هي اخر الأحصائيات والدراسات الحكومية الرسمية تقول: ان محافظة ذي قار هي الاكثر فقرا في العراق وان 37.8 % من سكانها يقل دخلهم اليومي عن دولارين ونصف وان فجوة الفقر فيها قد ازدادت بنسبة 9.4 % وكل هذه الأرقام التي لا تعني الا كشف حجم فقركم المريع في طريقه الى التصاعد وان علينا ان لا نفاجيء ان اطل علينا احدهم في يوم ما ليخبرنا ان سكان هذه المدينة قد تحولوا الى مثال ثابت للفقر وضعف الحال والعوز والامية وانعدام الحقوق. او سيقول لنا بلغة منمقة ان معدلات الفقر تحافظ على مستوياتها في هذه المدينة.

كنا نقول سابقا ان حكم الطغيان والدكتاتورية البعثية قد أوغل في اهمال هذه المدينة وزاد من فقرها وتهجير وقتل سكانها وحيث كان يتلذذ في تعذيبهم ويتمتع بجثثهم الملقاة في الطرقات بعد اعدامهم او تدمير منازلهم على رؤوسهم. كنا نقول ان الدكتاتور الاهوج قد حرم المدينة من الخدمات ومن فرص العمل وان ابناءها كانوا يُحارَبون اينما ولوا وجوههم داخل العراق وان كل خيراتها كانت تسرق في وضح النهار وان أي بعثي صفيق سيتحول بين ليلة وضحاها الى صاحب جاه وسطوة وثروة لمجرد ان يبيع ضميره ويقدم عددا من ابناء المدينة قرابين على مذبح الدكتاتور. لكن الدكتاتور ومنذ عشرة سنوات مضت قد سقط وان الحديث عن الكرامة والحقوق والعيش برفاهية قد اصبح حديث الجميع، جميع الجياع الذين أُهينوا وكممت أفواههم، الجياع الذين وجدوا انهم يستحقون حياة أفضل تليق بكرامتهم وإنسانيتهم رغم كل ما مورس ضدهم من قمع وتهميش واذلال. فالآمال التي تفجرت بعد سقوط نظام صدام حسين كانت كبيرة وكنتم تستحقون ان تتمتعوا بها كلها؛ لا ان تكونوا ضحية للفقر والبطالة والفساد والأستئثار بالسلطة التي يتحدث اصحابها في العراق عن مئات المليارات من الدولارات التي لن يتمكن العقل البسيط من استيعابها والتي يدعون انها للتنمية ووضع حد للفقر!

ان السؤال المحير هو لماذا كل هذا الصمت والسكوت على هذا الحال، حال الفقر المتزايد والبطالة المتصاعدة والتهميش والاهمال المتزايد في قطاعات التربية والصحة والخدمات البلدية؟ الى متى ستصمتون على موتكم البطيء، الا يكفي انكم اصبحتم مثالا للفقر؟ كلكم تتحدثون، في السر وفي العلن، عن الفساد وسرقة المال العام والرفاه والعيش الرغيد الذي يغط فيه المسؤولون في هذه المدينة وتتحدثون عن الحواجز والفوارق التي باتت ترعبكم ، ففقركم وعوزكم يتزايد ولكن نعيمهم وغناهم يتزايد هو الآخر ولكن بطفرات رهيبة. تتحدثون بحسرة ولوعة محيرة، ليس من اجل المقارنة ولكن من أجل تأكيد الحال المريع الذي تعيشون فيه، عن بيوتهم الفارهة وعن بيوت الحواسم المتهالكة التي تحيط بمركز المدينة، التي تهاوى الكثير منها بسبب الامطار. الكل يتحدث عن المحسوبية والأستئثار بالسلطة الذي تمارسه الاحزاب النافذة في هذه المدينة وان كل زعيم حزب منهم يبدع في توفير الوظائف وفرص العمل لاعضاء حزبه ولكنكم تدفعون لقمة عيشكم وعيش اطفالكم رشاوى من اجل تمرير معاملة الحصول على وظيفة بائسة وان حلم الشباب المتخرج من كلية او معهد هو ان ينخرطوا في صفوف الشرطة او الجيش، لا يهم اين ولماذا يدفع المرء رشاوى حتى يصبح شرطيا او جنديا ؟ ولكن المهم ان يحصلوا على وظيفة تدفع عنهم شبح الجوع والفقر.

من المؤكد انكم لن تواصلوا تعداد الفوارق وان ما تعانون منه يكفي لان تعيدوا الحساب فيما انتم فيه وان مستقبل اطفالكم وآمالهم واحلامهم يعنيكم كثيرا. ومن المؤكد ان الكثير منكم ورغم فقره وعوزه الا انه لا يرجوا ان يصبح ابنه شرطيا او جنديا جاهزا للموت في أية لحظة. لن تواصلوا لعب دور الضحية فالكثير منكم يقول ان العراق قد اصبح بين يدي ابنائه. انتم أبناؤه الذين لا تعرفون كيف ستتواصل حياتكم وان نسبة كبيرة منكم لا تحصل الا على دولارين ونصف في اليوم !!!!

عليكم إذن ان تقولوا كلمتكم لمواجهة شبح الفقر الذي يخيم على مدينتكم. وان أردتم البقاء هكذا فان أحلامكم بالعيش بكرامة ورفاه ليست سوى قبض ريح.

http://www.alsumarianews.com/ar/3/58273/news-details-.html








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لقد اوفيت للمدينة الام يا شاكر
حسين طعمة ( 2013 / 3 / 29 - 16:56 )
العزيز ابو ديار ان المدينة التي يربوا عدد سكانها الى رقم خيالي يضاهي المدن الكبرى المعتمدة في الاحصاء السكاني, واهمالها هو تراكم تأريخي جاء من ممارسات النظام الدكتاتوري الذي استوعب جيدا حجم معارضة هذه المدينةوخطرها بأعتبارها مركزا للوعي والتفتح الثقافي والفني والسياسي,لذا عمل على اذلالها وتحقير ابناء شعبها من خلال ممارسات حقيرة ومكشوفة للجميع .اننا بصدد اعادةالوعي لأبناء شعبنا رغم صعوبة ووحولة الطريق الذي يؤدي الى هذه الغاية , نتيجة للتجهيل الذي مارسه النظام السابق بشكل منهجي طيلة عقود متعاقبة .بعد التغيير وحين لم ترتقي المؤسسات الثقافية الى مستوى فاعل ومؤثر في اداء دورها الفعلي والحقيقي ,بات من الصعب ايجاد قاعدة واعية ومثقفة تملك وسائل اشاعة الوعي في مجتمع فقد علائق واسس بنيته ووعيه النيروصار تابعاومتأثرا في مؤسسة اكثرحضورا و تأثيرا ,الا وهي المؤسسة الدينية الصاعدة نتيجة لأنحسارالقوى اليسارية والعلمانية بعد الحدث المهول والكبيربأنهيار المنظومة الاشتراكية وعلى رأسها الاتحاد السوفيتي .معالجتك واقعية عزيزي ابو ديار شكرا لك .


2 - رد
شاكر الناصري ( 2013 / 3 / 30 - 13:10 )
العزيز حسين .. محبة لك ولأهلنا في تلك المدينة التي تستغيث من سطوة اللصوص والسفلة . ربما تكون الناصرية نموذجا للخراب الذي يشاع بشكل ممنهج ومنظم ولكنها اسوة بغيرها من مدن العراق الخربة ، تواجه هذا المصير بعد ان تمكنت قوى الاسلام السياسي والطائفي من امساك قبضتها .. ما تطرحه هنا قيم ودقيق تماما ولكن مدننا تحتاج للخروج من قمقم التجهيل والقبول على السرقة باسم المذهب والطائفة .

اخر الافلام

.. تفاقم معاناة النازحين في رفح بعد سيطرة إسرائيل على المعبر وت


.. أعداد الشهداء الفلسطينيين تتزايد جراء الهجوم على غرب رفح.. و




.. الشاباك يتخلى عن اعتقال المزيد من الفلسطينيين بسبب اكتظاظ ال


.. الأونروا تحذر من استمرار توقف دخول المساعدات من معبر رفح




.. تونس...منظمة مناهضة التعذيب تحذر من تدهور الوضع الصحي داخل ا