الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من اجل الوقوف امام كارثة التمزّق . .

مهند البراك

2013 / 3 / 28
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


بعد مرور عشر سنوات على سقوط الدكتاتورية و رغم نجاحات على اصعدة عمّا مضى، تتوضح النتائج الكارثية لما اريد بنائه ليكون حكماً اتحادياً بديلاً قائماً على اساس نظام محاصصة طائفي اثني . . التي تكوّنت بسبب الخطأ في اعتماد ذلك النظام و بسبب التطبيقات الخاطئة التي قامت و تقوم بها الكتل السياسية المتنفذه سواءً في رسم السياسة اليومية و تطبيقها او في كيفية تعاملها مع، وفي داخل مؤسسات الحكم التي تشكّلت على اساس انتخابات و توافق بداية، رغم انواع الملاحظات . . . في وقت يرى كثيرون في الكتل المتنفذة بكونها تكوّنت من نظام المحاصصة الطائفي الاثني، الذي ادىّ الى تقسيم البلاد عملياً الى كانتونات طائفية عرقية، رغم الرغبة العارمة للمكونات الشعبية العراقية في الوحدة الوطنية و تطويرها على اساس الفدرالية.
في واقع يكاد يجمع فيه كثيرون على ان سلوك صدام لم ينته لأسباب متنوعة تتأتى من : كونها تجربة ـ تجربة صدام ـ نجحت فيها الـ (أنا) ـ بنظر متنفذين ـ حتى دون ملاحظة دعم قوى عظمى له في ظروف دولية سابقة . . تلك الـ (انا) التي صارت مهيمنة على عقلية و سلوك المتنفذين و خاصة عقلية و سلوك الحكومة المركزية للحكم الاتحادي المتمثلة بالسيد رئيس مجلس الوزراء العراقي الحالي، وفق اكثر البيانات و تقارير وكالات الأنباء الداخلية و الاقليمية و الدولية . . السلوك الذي لايؤديّ الاّ الى سلوك مماثل من الكتل الاخرى لتثبيت حقوق مكوّناتها في مواجهته .
و يبدو ان مراقبين يرون ان سلوك صدام قد لاينتهي بسهولة دون رقابة مشددة من قوى خبيرة توازن بين الحزم و المرونة كخبراء ذوي سلطة فعلية(*)، مستندين في ذلك الى تتالي انفجار الازمات اثر الانسحاب الاميركي غير المدروس، و حتى الآن . . فالشعب العراقي باطيافه ـ و بمن يحكمون اليوم ـ عاش سلوكاً ناتجاً عن سلوك دكتاتورية دموية فردية حاكمة تجاه شعب محكوم اعزل حتى من حقه في التعبير ، استمر اكثر من خمس و ثلاثين عاماً في ظروف هيمنة الآيديولوجية و النهج القومي العروبي في سلوك حكام المنطقة من جهة . . فيما تستمر الحكومة القائمة اليوم في التضييق على الحركة الشعبية الجماهيرية بدل الاستناد اليها، بل و تضربها بالرصاص الحي كما ابتدأت تطالب باصلاح مطلع عام 2011، من جهة اخرى .
و فيما استقبلت اوسع الاوساط الشعبية العراقية باطيافها بفرح، قيام الدولة الجديدة على اساس اتحادي فدرالي يكفل لكردستان العراق حقوقها القومية و السياسية و الاقتصادية بعد عقود طويلة من نضال دموي شاق لم يعرف الكلل ضد انواع العسكرتاريا الجاثمة على حكم العراق، فانهم كانوا ينظرون بقلق الى ما بدأ يُشرّع طائفياً لفصل العراقيين العرب السنة عن العراقيين العرب الشيعة بسلوك و قوانين خرجت عن حدود تعويض اتباع المذهب الشيعي عما لحق بهم من ظلم على يد الدكتاتور الدموي صدام . . ليتزايد ذلك الفصل الطائفي بسلوك فلول صدام و عملهم مع القاعدة الارهابية، و قيامهم باعمال طائفية لايمكن السكوت عنها ضد الطائفة الشيعية، باسم الطائفة السنيّة . .
و فيما تواصل ذلك الصراع الطائفي المؤسف الذي اضرّ بالبلاد و بشعبها بمكوناته و لم يخدم الاّ مخططات اقليمية و دولية . . وصل منذ اكثر من سبعة اعوام الى سدة رئاسة الوزراء اثر اتفاقات تحاصصية، السيد المالكي و سار بكل ما نفع فيه و ما اضرّ به، على طريق تكريس زعامته الفردية و ليس تكريس حكم المؤسسات الدستورية ـ وفق اوسع الاوساط الداخلية و الاقليمية و الدولية ـ، موظفاً لذلك تأجيج الصراع الطائفي شاء ام ابى . . الامر الذي صار يؤدي الى تزايد الابتعاد المهدد للطائفتين المسلمتين العربيتين عن بعضهما، رغم جهود وجوه و زعامات بارزة و مرجعيات من الطرفين و من الطرف الكردستاني لرأب ذلك الصدع الذي صار يتزايد خطورة مع تزايد حدة المواجهات الشعبية المسلحة لنظام بشار الاسد في سوريا الشقيقة، و الذي قد يؤدي الى تدخل عسكري اميركي مباشر بارادة دولية، لمنع مرور الامدادات الايرانية الى نظام الاسد عبر حكومة المالكي، وفق ابرز و احدث المصادر و الصحف و بيانات الكونغرس الاميركي .
و يستمر ذلك على ارضية نزاعات لاتنتهي بين حكومة المالكي الاتحادية و حكومة اقليم كردستان العراق، بسبب السلوكيات اللادستورية المتواصلة للحكومة الاتحادية ابتداء من التسويف بتنفيذ المادة 140 من الدستور، و مروراً بقوانين النفط التي لم تصدر لحد الآن، الميزانية الاتحادية و ميزانية الاقليم، الوضع القانوني و العسكري و المالي لقوات البيشمركة في كردستان العراق . . الى ان سحبت الكتلة الكردستانية وزرائها و ممثليها في البرلمان العراقي . . لتسير البلاد الى وضع لايعرف كنهه مهدداً بتمزقها الفعلي بالسلاح !! . . او اعادة لحمتها على اسس جديدة.
و يشير خبراء و سياسيون مجربون الى ان افكار ـ و مشاريع ـ الفدرالية و الكونفدرالية، لم تظهر كافكار من مفكرين سبقوا زمانهم كما يقال، او مفكرين سياسيين لذاتهم، بعيدا عن مشاركتهم و تتبعهم مسيرة الحياة الواقعية لبلدانهم و شعوبهم عند وصولها الى حلقات ضيّقة و مراحل يصعب تخطيّها دون التوصل الى آليات ـ سياسية، اجتماعية، ثقافية، اقتصادية ـ جديدة، تساعد على حل المعضلات القائمة التي ان أُهملت قد تؤدي الى كوارث . . و من اجل فتح الطريق نحو اوضاع افضل و لتحقيق رفاه لكل الاطراف المعنية . .
و في عراقنا كانت القضية الكردية و لاتزال، المسألة الابرز على ذلك الصعيد لأسباب متعددة كتب عنها و قيل فيها الكثير، و يصعب ايجازها في هذا المقال . . و قد برزت قضية الفدرالية بشكل اكبر منذ اسقاط دكتاتورية صدام، و ثُبّتت دستورياً و اعتُرف بها دولياً، و لتشمل كل العراق في اطار السعي لبناء عراق اتحادي فدرالي برلماني لامكان فيه لحكم فردي دكتاتوري شوفيني يحكم بالعنف، على اساس التبادل السلمي و تقاسم السلطة بين مكوّناته الاساسية . . لتحقيق وضع افضل للشعب العراقي باطيافه، عما كان عليه حاله في زمان الدكتاتورية المقبورة .
ولابد من التذكير هنا، بانه لاتوجد وصفة جاهزة لتحقيق الفدرالية او الكونفدرالية سلمياً و هي لاتتطابق بين كل البلدان، و انما يعتمد قيامهما لمرحلة تأريخية ما، على اساس ماهية الواقع القائم ؛ الذاتي الموجود و ماهية آفاق الدولة و المجتمع و رفاهه او الدول المعنية و مجتمعاتها و رفاهها بذلك، اضافة الى ماهية الواقع الموضوعي المحيط بها اقليمياً و دولياً، كما اكّد عليه العديد من السياسيين و المفكرين الاجتماعيين و ما بُحث و نُشر من نتائج زيارات و دراسات لتجارب قام بها المعنيون العراقيون و الدوليون، من سياسيين و قانونيين و رجال علم و ثقافة و تخصص .
و يرى مراقبون، استناداً الى كون الفدراليات و الكونفدراليات هي ابنة ظروفها التأريخية، و ليست زواجاً كاثوليكياً مسطراً بنقاط محددة ـ او نقاط ذات تفاسير حمّالة اوجه كما يجري في بلادنا الآن ـ كما اثبتت و تثبت متغيرات المرحلة العالمية منذ العقد الاخير للقرن الماضي . . و كما اثبتت مسيرة البلاد ذاتها، حيث بدأت مسيرة المحاصصة تفشل، بعد ان حققت ظروفاً توقفت عندها و صارت هي المشكلة. اضافة الى المخاطر الكبيرة على العراق من أحداث سوريا ـ التي صارت تتصاعد فيها النزعات الانفصالية و مخاطر التدخل العسكري الدولي ـ كما مرّ . .
وعلى كل ذلك، تنادي اوساط تتسع الى ضرورة العودة لحوار الكتل و الاتفاق على عقد جديد على الاسس الفكرية للدستور للانطلاق من الواقع القائم الآن بعد مرور عشر سنوات على سقوط الدكتاتورية، في اطار مؤتمر وطني عام لقوى معارضة دكتاتورية صدام و يضم كل القوى المؤيدة للاصلاح و قوى الشباب رجالاً و نساءً داخل و خارج المؤسسات الدستورية . . فيما تنادي اوساط كبيرة بضرورة استقالة حكومة المالكي اولاً و الاتفاق على رئيس جديد لحكومة انتقالية تضم التكنوقراط من المشهود لهم بالنزاهة، لإجراء انتخابات تشريعية جديدة وفق قوانين تضمن نجاحها استناداً الى تجارب الانتخابات في البلاد منذ سقوط الدكتاتورية و الى قرارات المحكمة العليا، و باشراف دولي .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) كامر تعمل به دول كثيرة لسد حاجتها عند الازمات، بتوظيف من له خبرة و كفاءة و نزاهة معترف بها عالمياً . . الأمر الذي لاتخلو منه كفاءات العراق .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حسن نصر الله يلتقي وفدا من حماس لبحث أوضاع غزة ومحادثات وقف


.. الإيرانيون يصوتون لحسم السباق الرئاسي بين جليلي وبزكشيان | #




.. وفد قيادي من حماس يستعرض خلال لقاء الأمين العام لحزب الله ال


.. مغاربة يجسدون مشاهد تمثيلية تحاكي معاناة الجوع في غزة




.. فوق السلطة 396 - سارة نتنياهو تقرأ الفنجان