الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الغريق و المنقذ

يوسف الأخضر

2013 / 3 / 28
كتابات ساخرة


كثيرة هي تلك المحاورات التي ،ومن خلالها، يستدرجك المتدينون قصد ذغذغة عما يساورك من شكوك و استفهامات، حول الكينونة و الماهية و الوجود. غير أنهم لا يفلحون في مقصدهم ولا يخطون و لو خطوة للأمام، يحاجّونك بما لا يمكن للعقل تقبله فتكون العشوائية مرتعهم الخصب و الفوضوية شعارهم الوهاج، و يا ليثها فوضوية فلسفية أو عبثية بناءة تغور بين تساؤلات الوجود غوراً، حتى إذا هم استطردوا الحديث و توغلوا بين أعاصيرها همست لهم في لحظة أمل منتش بزخم فوز مسلوب فوزُه ،من حين، عن مكنوناتها الخفية وراء وهج السراب.

أفاق العقل في ظلمة حالكة و انتصر وهجه على الظلمة فأبى أن يغفو بعدها، ألن تسلكوا معي إلى ضفة النجاة؟ وتعبروا النهر المزبد اللعين! أحضرت طقم النجاة علّا أحدا يستكن مرة أخرى لمصدر الظلام، قد يترائ لكم سرعة انجرافه كأنها عبور نحو المجهول و اللامعقول، قد تمسكون بي على غرة لتأخذوني معكم لعالمكم الضبابي، ممجدين ممالككم و قصصكم، لا تعاودوا الكرة فعالمكم مظلم و سواده يضم سوادا مبطنا بسواد كالح.

إن الدين مصدر، و التدين فرع من فروعه الآفلة. فليس كل مُؤثِّر مُؤثَّرا، ليس بينهما صلة و لا وصل غير تدفق التأثير، و كل تأثير آيل للفتور و الزوال، وذلك لسببين، الأول نعرِّفه ب" تشاكل التأثير" أي نزوحه المستمر إلى تغيير طبيعته فيصبح كل مؤثَّرٍ على صورة مؤَثِّر جديد، وهكذا حتى يختفي المصدر و يزول. أما السبب الثاني، فهو قوى التأثيرات الآتية من المصادر الأخرى، مما يجعلها تتداخل و تتشابك مع قوة تأثيرنا، فيصعب عليه الاستمرار. إن هذا النزوع إلى الزوال كمثل ذاك الشخص السائر في طريق لا يقبل العودة وراءً، فلا مراء له إلا التقدم أمامً، يسير جنبا و تطلعاته، مستنيرا بتراكم التجربة ومتأبّطا خارطة المسالك و الممرات المتوقعة.

دعوني أغوص وحدي متطلعا لأعماق المحيطات، أستشف المعاني و أغلال الكلمات، لا تجادلوا من تجرّأ على التجشؤ بين أغلال أقدامكم لأن الروائح النثنة أسالت دمعى و أجهشتْ بكائي رغما عن ضحكاتي. إن الله سعادة قصوى لا تقبل بكائكم ولا نحيب داعٍ، ما العصافير المغردة آناء الصباح المدلج بستار الورد اليافع إلا تعبير عن جزئ من سعادته، ما زرقة السماء الواسعة إلا فيض من حب مستتر، و ما السعادة نفسها إلا عش العنكبوت الرفيع حين يسحبه النسيم في اتجاه الأفق الوردي الزهري. يا ترى؟ هل تصبغون جذرانكم بالألوان أم تلوّنونها بالصباغة ؟ هل تذبحون الأكباش طاعة خالصة أم اشتهاءً للحمها ؟ أتصلّون لله حباً نقياً أم كرها و نفوراً من الحياة؟

إن السعادة و الفضيلة لتُرجى و تُكتسب، يجب عليكم التطلع لها و الرجاء الدائم من أعتى أغوار ذواتكم، انصتوا لخرخرات أعماقكم، و إن هي أبت و استعصى عليكم اقتناصها فلا تكلوا و لا تملوا، بل غوصوا مجددا في الأعماق فلا شيء أسهل من الغرق في بحر مالح، تقمّصوا شخصية الغريق فإن أصاب فراسكم تقمّصوا شخصية المنقذ، ولا تشكروه إنقادكم كي لا يتبجح عليكم بسلطان العتق و الغرور. نصيحتي: كونوا كما أنتم في كل لحظة و أينما كان موضعكم، كونوا الغريق والمنقذ.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الكويت.. فيلم -شهر زي العسل- يتسبب بجدل واسع • فرانس 24


.. رحيل الممثل البريطاني برنارد هيل عن عمر 79 عاماً




.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05