الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اترك بصمتك على ثراها !!

ماهر علي دسوقي

2013 / 3 / 30
سيرة ذاتية




ما اجمل ان تبدا نهارك بخطى واثقة بين ورود تحيط بك من على شرفة تطل على حقل قريب يتزين بدوره بخضرة خاصة ، يزيدها زهر اذارالمتفتح بالوانه الزاهية المتباهية رونقا وجمالا ، وحسون قريب يعلن عن غداة نهار جديد ، وفاس مركونة على زاوية تنتظر الساعد والجبهة السمراء ليبدأ للارض عناق .

تهبط الى حيث اعتدت ان تكون صباحا بين الزيتون والتين واللوز والليمون والتوت ، تشمر عن ساعديك تمتشق بحفاوة خاصة "فاسك" ذات "العصا" القديمة التي سبق لها وأن خبرت سواعد الاجداد ، تطبع قبلة عليها برفق ودراية وكانك تقبل عرق من جاد على الأرض بكده وتعبه ، لتعليها بدورك الى السماء وتهبط بها الى التراب لتعيد احياء سنن الأولين في البذل والعطاء .

تتذكر كيف كنت يوما ترفع بذات السواعد الحجارة شابا لتلقيها على الأعداء ، لهذه نغمات ولتلك كذلك كيف لا والحجارة تاتي من بصمة الأرض حيث تنشد واياها سر البقاء ، فأسك تسارع للتراب احتكاك ، وتراتيمها تعيد للنفس الخير والرجاء ، تحطم القهر والملل والكسل وثقل اوزار الحياة وفي جوهرها مدعاة للانعتاق .


تكد تتعب تعمل.. وفي الافق راحة في ظل او فناء ، تسير على حواف الاثلام نحو زيتونة قريبة يقول العارفون بامرها أنها قد تجاوزت من العمر " قرنين ونصف" تتكىء عليها وتعيد تفحصها وكانك تراها للمرة الأولى ، فترسل بنظرك الى جذعها العريض "ملك" المكان ،تجاعيده "الشابة" تهديك الى سر الصمود والثبات ، تمرر يدك عليها من الاعلى للاسفل بهدوء شديد لتشعر بشيء غريب يجتاح نفسك وخلجات قلبك ، فتلمع براسك الاحداث والصور التي تعاقبت على المكان محدثة عن "تاريخ" لها مضى ..


هي غرسة بيد طفل كانت وضعت بعناية فائقة باشراف جد تمرس في الحياة والفلاحة والزرع والقلع ،رويت مطلع حياتها من نبع قريب على يد سمراء اختالت بثوبهاالمطرز بين اترابها به ، كانت تهلل كلما انزلت على الجذور والارض قطرة ماء …


مشاهد تتتابع .. من هنا مروا غزاة ، وبقربها استظل كل مقاوم ضد الطغاة ، الى جوارها دفنت من سقتها يوما ،والى جوارها "خفية" بندقية كانت أدمت لصوص الزرع الارض .. ووقفت "الزيتونة"عليها كالحارس الامين ، الى أن جاءت يد الاحفاد لتكمل المسير،وبين هذا وذاك من المشاهد… ترى في الارجاء بقايا حراك لمن زرعوا وفلحوا وعزقوا الأرض بحب ووفاء ، وكيف كللت بتعاقب الاجداد والابناء والاحفاد برعاية فأغدقت عليهم الزيت الوفير …

وبينما أنت في كل هذا يحط طائر عل أعلى الشجرة ليعلي للفناء نغم ، ترفع راسك نحوه لتتأمل التمازج بينه وبين الزيتونة ، فتمتلىء روحك شحنا وطاقة وتعود الى حيث توقفت لتعلي الفاس على وقع النشيد "والصفير" .. تقلع شوكا ترفع حجرا وفي الافق بصمة لك حتما ستثمر وتنير .. انها الارض يا هذا … مبعث العشق والامل والحياة ، فاغرس زنبقا وابذر قمحا اخلع شوكا تعش بحرية وعدل وكرامة .. واعد من اجلها النفير ..

واترك بصمة لك على ثراها ،قطعة من ثريا هبطت من سماها ، هي الأرض لا مفر من لقاها ، وخير اللقى ما كان شغافا ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. علماء يضعون كاميرات على أسماك قرش النمر في جزر البهاما.. شاه


.. حماس تعلن عودة وفدها إلى القاهرة لاستكمال مباحثات التهدئة بـ




.. مكتب نتنياهو يصيغ خطة بشأن مستقبل غزة بعد الحرب


.. رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي: الجيش يخوض حربا طويلة وهو عازم




.. مقتل 48 شخصاً على الأقل في انهيار أرضي بطريق سريع في الصين