الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللاجئون السوريون: رحلة معاناة تنتظر النهاية

نادية حسن عبدالله

2013 / 3 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


تستمر الثورة في سورية، ويستمر سقوط الضحايا، وتستمر مشاهد الخراب والدمار، انه المشهد اليومي للحياة في سورية. والى جانب هذا المشهد هناك مشاهد سورية اخرى لا تقل قساوة وفظاعة، انها حكايات اللجوء التي تسطرها مئات الاف العائلات السورية التي اجبرت على النزوح واللجوء إلى البلدان المجاورة.

يعاني اللاجئون السوريون من أوضاع إنسانية صعبة، ويقدر عددهم بنحو مليون شخص مسجل منذ اندلاع الأزمة وفقا لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، يضاف إليهم مليون آخرين غير مسجلين، ويشكل النساء والأطفال 78% منهم. وتؤكد بعض منظمات الإغاثة أن النزوح أصبح جماعياً بمعدل 5000 لاجئ يومياً. وقد بلغ عدد اللاجئين السوريين في الأردن حوالي 504 ألف لاجئ ولاجئة يتوزعون بين مخيم الزعتري وفي مختلف المدن الأردنية، وهناك تصريحات جديدة تقول بأنه وصل العدد الى مليون نازح وأكثرهم غير مسجلين لدى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين . وفي تركيا 183 ألف شخص، يتوزعون على 14 مخيما، و3 مجمعات للمساكن الجاهزة. وفي لبنان وصل عدد اللاجئين السوريين الى 305 آلاف لاجئ. وفي العراق هناك حوالي 72 ألفاً، ذهب أكثر من نصفهم إلى مخيم دوميز للاجئين في الشمال وخمسهم إلى مخيم القائم في الغرب. كما يقدر ان عدد اللاجئين السوريين الذين وفدوا إلى مصر 20,0265 مسجلين لدى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين. وقال سوريون بالقاهرة ليونايتد برس انترناشونال أن العدد أكثر بكثير من ذلك حيث يتراوح ما بين 60 و70 ألفاً غالبيتهم غير مسجلين كلاجئين. وفي الجزائر سجل حوالي 18 ألف لاجئ سوري.

ورغم صعوبة الحصول على تأشيرات دخول إلى الدول الأوروبية، إلا أن أرقام المفوضية تشير إلى أن نحو 25 ألف سوري لجأوا إلى بلاد أوروبية. وتستحوذ السويد على جزء كبير من هذه الأعداد، حيث يصل نحو 1300 لاجئ سوري كل أسبوع، ومن المتوقع أن تزداد هذه الأرقام مع تزايد وتيرة العنف.

يعاني اللاجئ بشكل عام اوضاعا غاية في الصعوبة والمأساوية، فاللاجئ بطبيعة الحال يملك حقوقا اجتماعية وسياسية ومدنية منقوصة في غالبية أماكن اللجوء، وهو لا يملك منافذ لحقوق الإنسان الأساسية، مثل الحق في العلاج والتعليم والعمل وممارسة حقوقه المدنية، كما أنه لا يملك مصادر للدخل.

وبهدف تلبية احتياجات اللاجئين السوريين، قامت الأمم المتحدة بتحضير خطة استجابة اقليمية، وهي مبادرة مشتركة تضم 52 منظمة، من بينهم وكالات أممية ومنظمات وطنية وعالمية غير حكومية، لتوفير الاحتياجات الإنسانية للاجئين. وتقوم بحملات مستمرة من اجل ايجاد التمويل لتنفيذ الخطة.

وفي المؤتمر الذي عقد في الكويت، تعهد المجتمع الدولي بتقديم أكثر من 1.5 مليار دولار في صورة مساعدات إنسانية إلى سوريا. وتبدو هذه التعهدات ايجابية و مبشرة، لكن الاهم هل ستلتزم هذه الدول بتنفيذ تعهداتها ام لا، وهل سيكون تنفيذ هذه التعهدات في الوقت المناسب ام ستكون بعد فوات الاوان، وهل ستصل الي مستحقيها ام انها ستضل طريقها كما حدث في اوقات كثيرة؟

يعيش اللاجئون السوريون حياة صعبة، يهربون من القتل والاعتقال والإبادة، ولديهم مشكلات واحتياجات كثيرة. والأهم من ذلك انهم يعانون من الإقصاء والاستبعاد والشتات إلى جماعات بلا مؤسسات ولا عمل. ينظّمون وجودهم وفق الشروط القاسية التي يمليها عليهم واقع اللجوء. وهم معرّضون للأمراض والأوبئة، ويحتاجون لدعم يومي كبير، خصوصا في وجود الجرحى والمصابين والاشخاص ذوي الاعاقة.

عندما سألناهم: ماذا تطلبون من المجتمع الدولي؟ كان الجواب: نريد مناطق آمنة وحظرا على الطيران. نريد الأمن والأمان والحماية .. نريد ان يدعم المجتمع الدولي الثورة السورية لنعود الى بلادنا في حرية وكرامة.

بعد مرور سنتين من الثورة ما زالت قضية اللاجئين السوريين لا تتلقى الدعم الدولي الكافي، وبعض الدول المضيفة لا تلتزم بالقانون الدولي والقانون الإنساني، وهناك بعض الدول لا تلتزم بالقواعد العرفية الدولية الناظمة لحقوق اللاجئين في العالم (وحتى لو كانت غير منضمة الى اتفاقية الامم المتحدة لعام 1951 الخاصة باللاجئين) ولكن عدم انضمامها لا يعفيها من تجاهل احترام حقوق اللاجئين.

المطلوب هو احترام حقوق اللاجئين السوريين، التي تتلخص في توفير الحماية من الإعادة القسرية إلى سورية حيث سيتعرضون فيه لخطر الاضطهاد أو انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان. وهذا ما يعرف بمبدأ (عدم الإعادة القسرية) الذي يعتبر الأساس الذي بني عليه قانون اللاجئين. كما تتضمن حقوق اللاجئين الحماية من التمييز، والحق في العمل والسكن والتعليم، والحماية من العقوبة على دخول بلد بصورة غير مشروعة، والحق في حرية التنقل، والحق في الحصول على وثائق هوية ووثائق سفر.

ولا بد من التأكيد على أن مساعدة اللاجئين عبر الحدود الدولية، هي مسؤولية المجتمع الدولي ككل، لا مسؤولية الدول المستضيفة وحدها. وقد أضحت معاناة اللاجئين السوريين اليوم أكثر إلحاحاً، وأصبحت بحاجة إلى جهد دولي أكبر يحفظ كرامة اللاجئ ويقدم له الخدمات الإنسانية الضرورية.

وتبقى نقطة في غاية الأهمية وهي ان التعامل مع مشكلة وأزمات اللاجئين لا تتمحور فقط حول توفير اوضاع معيشية ملائمة لهم، فهذا هو التصرف الوقتي الخاص بالتعامل مع الأزمات الراهنة، إلا أن حل ازمات اللاجئين يدور بالأساس حول إيجاد حلول لأصل الأزمة السياسية او الانسانية من المنبع، وهو في هذا الاطار حل سياسي يبدو شديد التعقيد والبعد، ولكنه هو الحل والحلم الذي يطالب به اللاجئون ( يريدون العودة الى سورية، الى وطنهم والى بيوتهم واهلهم).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صنّاع الشهرة - تعرف إلى أدوات الذكاء الاصطناعي المفيدة والمج


.. ماذا وراء المطالب بإلغاء نحر الأضاحي في المغرب؟




.. ما سرّ التحركات الأمريكية المكثفة في ليبيا؟ • فرانس 24


.. تونس: ما الذي تـُـعدّ له جبهة الخلاص المعارضة للرئاسيات؟




.. إيطاليا: لماذا تـُـلاحقُ حكومة ميلوني قضائيا بسبب تونس؟