الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما ضاع حق وراءه مطالب

عمر قشاش

2005 / 4 / 10
الحركة العمالية والنقابية


(اعتصام عمال فندق الأمير بحلب)
أصبحت معاناة عمال القطاع الخاص, وتردي وضعهم الاقتصادي والمعاشي سمة ظاهرة ومعروفة ومستدامة في سوق العمل السوري وذلك من جراء تدني الأجور وارتفاع تكاليف الحياة المعاشة, وهضم حقوقهم القانونية, حيث أن أصحاب العمل فرضوا قاعدة تشغيل العامل /12/ ساعة في اليوم, خلافاً للقانون الذي حدده بـ/8/ ساعات عمل كحد أقصى, وحرمانهم من الاستفادة من الاجازات السنوية والعطل الأسبوعية المأجورة, والأعياد الرسمية, وحرمانهم من التسجيل في التأمينات الاجتماعية,يضاف إلى ذلك كله البطالة المنتشرة والمتزايدة باستمرار.
وما يجري من تلاعبٍ وتحايلٍ على حقوق العمال من قبل أصحاب العمل, وذلك باستخدام وسائل عديدة من التضليل والضغوط التي تمارس على العمال, والتهديد بالتسريح لدى مطالبتهم بحقوقهم القانونية, مستغلين وجود جيش من العاطلين عن العمل والمحرومين من أي فرصة عمل ...... .
انطلاقاً من هذا الواقع المزري الذي يعيشه العامل, يسعى أصحاب العمل الآن ومن خلال إعلان الحكومة, التوجه لتعديل قانون العمل ليواكب التطورات التي حدثت منذ /45/ عاماً حتى الآن بحيث يأتي مستجيباً لمطالبهم وطموحاتهم, بتعديل بعض مواده والتي ناضل العمال ونقاباتهم من أجلها, وفي مقدمتها تنظيم العمل وتحديد شروطه, وإلغاء أو تعديل المرسوم /49/ القاضي بمنع التسريح التعسفي, بحيث يُعطى لصاحب العمل حق تسريح العامل متى شاء وبدون أي مبرر قانوني .... إنهم ينطلقون من مبدأ أن العقد شريعة المتعاقدين, وذلك للتحلل من أي قيد أو التزام قانوني ولتحقيق قدر أكبر من الأرباح.
نحن نقول إن العقد شريعة المتعاقدين, بشرط أن لا يخالف مواد قانوني العمل والتأمينات الاجتماعية, وأن يكون أكثر فائدة للعمال ويحقق لهم حياة كريمة خالية من القلق والذل.
ونذكر واقعة جديدة ينبغي الوقوف عندها لتكشف تلاعب وتآمر بعض أصحاب العمل على حقوق عمالهم وهي التالية: شركة الحمدانية للاستثمار السياحي تستثمر فندق الأمير بحلب بموجب عقد موقع مع غرفة تجارة حلب منذ خمسة عشر عاماً, بمبلغ/400/ألف ليرة سورية, ويعمل في الفندق/200/عامل, وقد أقامت غرفة تجارة حلب دعوى لإنهاء عقد الاستثمار وقد حصلت على حكم قضائي بإنهاء العقد, وأبلغت المستثمر وطلبت منه تسوية أوضاعه وتسليم الفندق إلى غرفة تجارة حلب, ووافقت الشركة على تسليمه خالياً من الشواغل(العمال), وأن يتم التسليم بتاريخ 1/2/2005م. وجرى ذلك دون علم العمال الذين يعملون في هذا الفندق منذ عدة سنوات.
وتأزمت المسألة عندما حضر مأمور التنفيذ ومحامي الجهة المنفذة, رئيس غرفة تجارة حلب محمد صالح الملاح لاستلام الفندق, فرفض العمال الخروج منه واعتصموا فيه مستنكرين عملية إنهاء خدماتهم وتسريحهم من العمل, وقطع لقمة العيش عنهم وعن عيالهم, وقد رفضت غرفة تجارة حلب التي تعتبر رب عمل جديد للعمال, نقل كافة حقوق العمال إليها, متذرعة أن هذا الموضوع هو مسؤولية شركة الحمدانية التي استخدمت العمال لسنوات عدة.
إن جوهر المشكلة التي حدثت تتلخص في أن غرفة تجارة حلب طلبت من شركة الحمدانية إعادة النظر بقيمة العقد, فلم تدفع الشركة أكثر من /20/ مليون ليرة سورية, في الوقت الذي كانت غرفة تجارة حلب تتفاوض مع مستثمر آخر قبل أن يدفع /100/ مليون ليرة سورية مقابل استثماره للفندق سنوياً. إن هذه المشكلة تكمن في تعارض المصالح بين المستأجر(مستثمر الفندق) وغرفة تجارة حلب التي تبحث عن مصالحها بصرف النظر عن النتائج التي تلحق بالعمال وحقوقهم ومطالبهم ..... .
وتحت ضغط العمال وإصرارهم على إبقائهم على رأس عملهم ودعمهم لحقوقهم المكتسبة, اضطرت غرفة تجارة حلب لتجديد عقد استثمار الفندق مع شركة الحمدانية مما يعني استمرار العمال في عملهم, ويكونوا بذلك قد كسبوا الجولة الأولى في نضالهم من أجل حقوقهم.
ومن المفيد هنا التذكير ببعض مواد قانون العمل, فقد نصت الفقرة الثانية من المادة /209/ من القانون على ما يلي:
يُحظر على صاحب العمل وقف العمل كلياً أو جزئياً, إلا إذا كان مضطراً لأسباب جدية ويعد الحصول على موافقة وزير الشؤون الاجتماعية والعمل, بناء على طلب يقدمه ومسجل لدى الوزارة .....
ونصت المادة /58/ من القانون على ما يلي:
لا يمنع من الوفاء بجميع الالتزامات حل منشأة أو تصفيتها أو إغلاقها أو دمجها في غيرها أو انتقالها بالإرث أو بالهبة أو البيع أو النزول أو غير ذلك من التصرفات, فيما عدا حالات التصفية والإفلاس والإغلاق النهائي المرخص فيه, يبقى عقد استخدام عمال المنشأة قائماً, ويكون الخلف مسؤولاً بالتضامن مع أصحاب الأعمال السابقين عن تنفيذ جميع الالتزامات المذكورة ........ .
هذه الواقعة هي غيض من فيض فالانتهاكات والاعتداءات والتآمر على حقوق ومصالح العمال, وهي تعبير واضح على انحدار وتدني أخلاق العديد من أصحاب العمل في القطاع الخاص , إن مثل هؤلاء الذين يبحثون عن مصالحهم وأرباحهم لا يجدون حلاً لمشاكل البلاد الاقتصادية إلا بالمطالبة بخصخصة قطاع الدولة ... .
ومن يطّلع على واقع الطبقة العاملة ومعاناتها في القطاع الخاص يجد العجب, بشروط العمل قاسية, ولا تتوفر الشروط الصحية في الكثير من أماكن العمل ولا تدابير الأمن والسلامة العامة, ويفرض أصحاب العمل توقيع عقود إذعان غير مؤرخة, خلافاً للقانون إذ يتم بموجبه التنازل عن كافة حقوقهم وتعويضاتهم, مستغلين وجود جيش من العاطلين عن العمل.
هذه الممارسات والانتهاكات القانونية هي إحدى سمات وأخلاق دعاة اللبيرالية الاقتصادية والعولمة المتوحشة التي هدفها استثمار واستغلال الشعوب ...... .
ومن خلال عرضنا لهذه الواقعة كمثال عن معاناة عمال القطاع الخاص, لا بد من إيضاح أننا لسنا ضد القطاع الخاص المنتج بل نؤيده, ونطالب بضرورة تقديم المساعدة له ليسهم في التنمية الاقتصادية وتوفير فرص عمل للعاطلين عن العمل, لكننا في الوقت ذاته نطالب بالالتزام بما يتوجب عليه من حقوق تجاه العمال وخزينة الدولة, أما أن تهرب من التزاماته وإحساسه بواجبه الوطني, وأن يهتم فقط بمصالحه وأرباحه وجشعه الذي لا مبرر له, فهذه أمور لا نقبل بها....
وبإجراء مقارنة بين قطاع الدولة والقطاع الخاص, نجد أن القطاع العام يدفع كل ما يتوجب عليه للخزينة, ويؤمن حقوق العاملين لديه إضافة للوظيفة الاجتماعية التي يقدمها للشعب .. .
وفي الختام فإننا نرى أن من الواجب الوطني يقتضي الدفاع عن حقوق العمال ومطالبهم والعمل لزيادة رواتبهم لمواجهة تكاليف المعيشة, وتحسين أوضاعهم المعاشية, وتوفير فرص عمل للعاطلين عن العمل وتقديم مساعدة مالية لهم .........
إن تحقيق هذه المهام يتطلب من الدولة تطوير الاقتصاد الوطني بمحاربة الفساد والمفسدين الذين يسرقون المال العام, ويخدمون بعملهم هذا أعداء الوطن. إن تحقيق هذه المهام يتطلب إطلاق الحريات الديموقراطية للشعب, ووقف العمل بقانون الطوارئ, وإصدار قانون ديموقراطي للأحزاب, وصحافة حرة مستقلة, والإفراج عن المعتقلين السياسيين والتعويض عليهم مادياً....... .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغم تهديدات إدارتها.. طلاب جامعة مانشستر البريطانية يواصلون


.. بعد التوصل لاتفاقيات مع جامعاتهم.. طلبة أميركيون ينهون اعتصا




.. الحق قدم.. 3408 فرصة عمل جديدة في 16 محافظة.. اعرف التفاصيل


.. ألمانيا.. متضامنون مع فلسطين يعتصمون أمام جامعة هومبولت في ب




.. كل يوم - -حكايات الحما- .. اتيكيت وقواعد التعامل بين الخصوصي