الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النفحة الروحية في الزجل المغربي المعاصر

حميد المصباحي

2013 / 3 / 30
الادب والفن


كانت هذه ورقة ساهمت بها في اللقاء الوطني حول الزجل المغربي,بمدينة الصويرة
1شعرية القول الزجلي
يعرف عادة الزجل,في المشرق العربي,بالشعر العامي,لكن الخطابات النقدية بالمغرب ترفض هذا التعريف,و قد انتصر له النقاد المهتمين بالشعر الفصيح,لأنه جدد عوالمه و فرض نفسه,كأشكال تعبيرية في غاية الرقة و الجمالية القولية,حيث لا يعبر القول عن شاعريته إلا بلسان قائله,فهو يهب المعنى دلالات,مثبتا أن معانيها تحتاج لصوتية شعرية خاصة,و بذلك بدت لي قوته,تكمن في عدم حاجته لتفسير نفسه بترتيبات نقدية كتلك التي تحاول الإقتراب من الفصيح بنظريات أدبية من اللسانيات و العلوم الإنسانية إضافة لبعض المقاربات الكاشفة عن التعالقات الحادثة بين بين الواقع و المتخيل الشعري الفصيح,فالزجل له عوالمه,لا يمكنك مقاربته بدون معايشة عوالمه الغنية بالإيحاءات المعتبرة جدبة الزجال التي يمارسها كطقوس لفن القول,يتفاعل معها قعودا و وقوفا حتى عندما لا يتحرك من مكانه,و هي تشبه تركيز المسرحي ليعيش شخصية معينة ,يرتدي قناعها و متقمصا صورها و حياتها الخاصة و متعايشا مع عالمها,بذلك يمكنني القول,إذا كان الصوفي يلجأ للرقصات بإدراكه لقصور اللغة,فإن الزجال المغربي يعايش بأصواته و حباله ما يوحي بكونه مسكونا بروح غريبة تنبعث مع قوله العميق حول الذات الإنسانية و هي تغادر عالمها لتعيش عالما آخر.
2شعرية الإيقاعات
الزجل المغربي,له إيقاعات خاصة,تختلف باختلاف المناطق,إذ من المعروف أن هناك تقاليد شعبية في الغناء,تمتح حتى من اللغة الفصيحة و تكيفها مع عالمها الشبه الرعوي,و بذلك فالزجال يحدد وقع كلماته و ترابطاتها الشاوية أو العبدية أو الدكالية أو الجبلية أو الحسانية,بما يمكن نعته بإيقاعات الجدبة,أو الحال,و هي حالات لا تتحقق إلا باستحضار الثرات الشفاهي المغنى وفق إيقاعات محددة,رغم أن التجربة الكناوية هي مالاقت انتشارا واسعا,بحكم ارتباطاتها بالعبودية و تعبيرها عنها رفضا و دفاعا عن الحق المتطاول عليه بناء على تصنيفات اللون و الجنس,مما ولد آليات لها تاريخها في الهروب من القهر و الرغبة في التحرر,بل إن هاته الآليات صارت لها روزياتها في عالم الغناء,و الليالي الكناوية التي تبعث الأجداد من رقادهم العميق ليشهدوا على احتفائية الأحفاد بهم و عدم نسيانهم لتقاليدهم و طقوسهم التي هربت حتى لا تندثر و حافظت على وجودها وازدادت بهاء,ضد الميز و التحاملات التي اعتبرتها بقايا الثقافة الوثنية أو الشيطانية,فقط لأنها تستحضر أرواح موحدي الجماعات القدامى و تحتفي بحضورهم الروحي .
3شعرية الجسد
للجسد في الزجل المغربي إيحاؤته العميقة,فهو مكمل للمعنى,و ليس بديلا له,كما أنه ليس مسرحة للقول,فالزجال في حالاته يقترب من المجدوب و يذوب فيه معبرا عن رغبة الجسد في البوح بما يختلج في الروح من معاني,هو وحده و بمعية الروح التي تحل فيه و تتحكم فيه بقدر تحكمه فيها ليذوب الجسد هياميا في عالم الإحتفاء بآثار الحرقة التي ارتسمت على الأجساد,و امتدت حتى للروح,التي تستحضرها بتلك التموجات الجسدية المعبرة عن عوالم الزجل,العميق في ذات الفعل تاريخا و روحا و حتى ذكرى لا يمكن نسيانها ,بل إن التجاوب معها دليل عمق ثقافي بقي محفوظا في الذاكرة الشعبية التي احتضنت كل الحركات المعبرة عن عمق اليومي و كثافة مدلولاته.الجسد ليس مجرد إيحاءات خالية من المعاني,بل دليل أن القيد الجسدي لا يحرره إلا الجسد,كما القيد الروحي لا تحرره إلا الروح,و بهذه الحرية يتوحد الوجود بكيفية مختلفة عن وحدة الوجود الصوفية,التي تتعالى عن الجسد أو يكون مجرد وسيلة لها,بل إن جسدية الزجل الروحي تقدس الجسد كما الروح,فهو مظهرها وجوديا و ليس ضلالها و تيهها.
حميد المصباحي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شبكة خاصة من آدم العربى لإبنة الفنانة أمل رزق


.. الفنان أحمد الرافعى: أولاد رزق 3 قدمني بشكل مختلف .. وتوقعت




.. فيلم تسجيلي بعنوان -الفرص الاستثمارية الواعدة في مصر-


.. قصيدة الشاعر عمر غصاب راشد بعنوان - يا قومي غزة لن تركع - بص




.. هل الأدب الشعبي اليمني مهدد بسبب الحرب؟