الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في الحديقة

محمد السباهي
(Mohamed Ali)

2013 / 3 / 31
الادب والفن


في الحديقة ...
كانت واقفة هناك ترقبُ قرصَ الشمس وهو يسقطُ في حمئة الغروب ،
واقفة كزهرة وحيدة في أرض ٍ قفر ، تدورُ كزهرةِ عباد الشمس ، كأنها تنتظرُ ميلاد فجر ، أقادم يحمل سلال الزهر ؟.
كانت قلفةٌ، مضطربةٌ، تفتشُ في حقيبةِ يدها، أخرجتْ هاتفها النقال، نظرت في ساعته، نظرت إليه نظرةٌ عجلى، عاتبة،
إنه لا يرن ...

بضع خطوات وتبلغ سور الحديقة الجانبي، ترقبُ عيون المارة، تتفحصهم، تتصفح وجوههم، تترقب لحظة انبلاج الفجر القادم من خلف الشمس الحمراء،
هناك حيث البعيد، زاد أقترابها من سياج الحديقة، أمسكت الزخرفة الملونة التي تزين السور الحديدي الذي يحمي الزهر من عبث الأقدار .

بدأت بالتململ، بدأت تذرع الحديقة على الممر الكونكريتي الذي يمهد السير في الحديقة، مدت يدها بصورة غير طبيعة على خصلت شعر تهدلت من جبينها الفضي الذي يعكس أشعة الشمس على الماء المتجمع في البركة القريبة منها، أرجعتها بعصبية بدت غير معتادة، كأنها في صراع مع الشعر المتهدل على جبينها،

أعادت هاتفها النقال إلى الجيب الصغير في حقيبة يدها، أخرجته ثانية كأنها تستحثه على الرنين، لكنه يأبى، سحبت كرسياً بحركة انفعالية، ألقت بجسدها الغض الريان على طاولة مجاورة، ألقت حقيبة يدها على الطاولة ،
جاءها النادل مسرعاً، طلبت فنجان قهوة سادة، أخرجت حبةُ دواء من حقيبة يدها، دستها في فمها واتبعتها بجرعة ماء،

أخرجتُ ورقة بيضاء من حافظة أوراق الرسم التي لا تفارقني وبدأتُ أخط حركتها العصبية على وجه الورق،
كان الكرافيت يسح السخام على وجه الورق وهو يلبس ملابس الحداد على قلقها العذب وقلبها المعذب، بدأتُ بوضع الرتوش، ثم عطفت على الحواجب والرموش، وانتظر دورة اكتمال القمر لأرسم شفتها المرتعشة كارتعاش القمر في بحيرة راكدة، كان شعرها حاضر في كل زوايا اللون كحضوره في كل أرجاء الحديقة، أكملت احتساء قهوتها، أخرجت هاتفها النقال ثانية، أمعنت النظر، يبدو أن الوقت داهمها، دسته في الجيب الصغير لحقيبة اليد، أمسكت حقيبة اليد بحركة باردة، نادت على النادل، نقدته أجر ما شربت، نهضت وخيوط الحزن تتبعها، كانت خطاها وئيدة، خرجت من باب الحديقة، وقفت قبال الباب كزهرة وحيدة تنتظر موسم الربيع الذي تأخر هذا العام العام،

أكملتُ وضع السخام على وجهها، كانت الورقة باكية، كزهرة باكية حزينة شاكية، كشهرزاد تنتظر موتها في كل مساء ،
ينتهي المساء ويدركها الصباح ولا تنتهي الحكاية ،
دسست الورقة في حافظتي التي أحملها في صدري كالكنغر، وبدأت القفز في الغابة الموحشة انتقلُ من حزنٍ لحزنْ ، وكل ما رسمت إنما كان صورة روحي وهي تنتظر القادم من بعيد ، ولا قادم ...
محمد السباهي ... بصرة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنانة غادة عبد الرازق العيدية وكحك العيد وحشونى وبحن لذكري


.. خلال مشهد من -نيللى وشريهان-.. ظهور خاص للفنانة هند صبرى واب




.. حزن على مواقع التواصل بعد رحيل الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحس


.. بحضور شيوخ الأزهر والفنانين.. احتفال الكنيسة الإنجيليّة بعيد




.. مهندس الكلمة.. محطات في حياة الأمير الشاعر الراحل بدر بن عبد