الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سفرة أبتلاء لمدينة كربلاء

نوري جاسم المياحي

2013 / 3 / 31
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


بحكم تقدمي بالعمر وبسبب حالتي الصحية الخاصة ...فان الم الفقرات القطنية المبرحة تتعبني وتعوقني في المشي ...ولهذا تجدوني افضل االبقاء في البيت على الخروج ...
ولكن وكما يعلم الجميع فان النفس البشرية تمل البقاء سجينة البيت وتهفو لتبديل الاحوال والخروج ورؤية الناس ومشاهدة التغييرات الحاصلة ...خارج البيت
ففي ايام الشباب كنت متعود على زيارة المحافظات االقريبة بسفرات اغلبها عائلية للراحة والاستجمام ومنها خاصة مدينة كربلاء وانا اصطحب العائلة ولاسيما الى بحيرة الرزازة في الصيف والتمتع بالطبيعة الهادئة ....
وبما أنني لم اسافر خلال السنتين الماضية خارج بغداد ...اخترت زيارة مدينة كربلاء لانني اشتقت اليها والى ذكريات ايام الشباب الحلوة الهادئة والامنة والبسيطة ...
واقولها بصراحة وقد يزعل مني المتعصبون والمتزمتون ...لما ساقوله وانا اخص بالكلام مدينة كربلاء اليوم التي يقدسها البعض اكثر من مكة والمدينة ...انني ندمت على السفرة واشعر انني قد ورطت نفسي في موقف لا احسد عليه ..ولا ارغب في تكرار التجربة ثانية لانني احبها واتالم عندما لا اراها كما احب واتمنى بسبب تقصير ابناءها المسؤولين بحقها ومكانتها المقدسة ...
اولا ..
قبل وصولي الى مدينة كربلاء ( اي قبل الوصول لمرقد الامام عون ) مررنا باربع نقاط تفتيش ...لاتبعد الواحدة عن الاخرى ...سوى عدة مئات من الامتار ...وكل منها العن من اختها ...الاف السيارت محصورة وتمر من (خرم الابرة ) الواحدة بعد الاخرى وكانها تمر بعملية قيصرية ..ولاسيما عملية التفتيش المفروضة وبلا فائدة تقنع المواطن ...وهي عبارة عن مهزلة روتينية كئيبة وبطيئة ومملة يقوم بها مفتشيين ..لايفقهون من الحس الامني شيء ..فهم لازالوا يستخدمون جهاز السونار الاكذوبة ..يعذبون به المارة ...ان مايثير الغضب بالنفس ...هو الاحساس بالاهانة التي يتعرض لها الزائر بلا مبرر من خلال التاخير القاتل ..بحجة الامن الزائف ...

ثانيا ...
وقبل الوصول الى الحصوة ...مررنا بتحويلة (لتجنب المرور باليوسفية والمحمودية ) وهي خطوة مشكورة ومباركة لتجنب ازعاجات تلك المنطقة التفتيشية ..وهي مبلطة على شكل شارع ضيق لايتناسب مع امكانيات العرااق الهائلة وطموحاتنا التي نتمناها ونحلم بها...
فقد لاحظت ان التبليط ( رديء جدا يدلل على ان المقاول المنفذ مو ابومصلحة – كما يصفه العراقيون – او دفع هبرة جبيرة من قيمة المقاولة كرشوة للمسؤولين ) ..ومررت بجسر ..يمكن وصفه كقنطرة لضيقه ..اي بصراحة ...هذا الانجاز للدعاية والاعلام ووسيلة للنهب المشروع .. حبذا لويقوم صباح الساعدي او مهى الدوري بزيارة كربلاء وملاحظة الطريق المذكور ...وبعدها اعلامنا النتيجة ببرنامج ستوديو الساعة 9 على قناة البغدادية
ثالثا ...
لاحظت حفريات بعمق حوالي اكثر من نصف متر وبعرض ثلاث امتار على جاانبي الطريق لتوسيع الشارع ...بالتاكيد هذا العمل رائع وضروري جدا...ولكن بوضعه الحالي يمثل خطورة بالغة على السيارات وللزوار ..اضافة االى عدم مشاهدة الاليات التي تعمل بالرغم من ضخامة العمل (اي يبدو ان العمل ينجز على الطريقة السلحفاتية وعند القدرة والاستطاعة )..
فالمفروض ان يستمر العمل ليلا ونهار وبدون توقف نظرا للمبالغ الهائلة والضخمة المرصودة لهذه الاعمال ...وعلى ان تنفذ على شكل مراحل مدروسة ...كان تكمل مرحلة للانتقال الى مرحلة ثانية وبتنسيق مبرمج ...اما ان يحفر الطريق كله ويترك للقدرة والاستطاعة ولمزاجية المقاول ..فامر يثير التساؤلات والاستغراب ..
رابعا ...
المدينة تمر بحملة اعمارية لاتغيب عن الناظر ...ولكن معظمها ..عبارة عن فنادق صغيرة وعالية (ست طوابق وربما اكثر ) ولكن بشكل عشوائي غير منسق غير مريح للنفس ( قطاع خاص هدفه ربحي بحت لايراعي جمالية المدينة )...
خامسا ...
لاحظت أنتشار المحلات التجارية وامتلاء الشوارع الضيقة والعريضة بها ...مما يؤكد على انتشار البطاله فلولا البطالة المنتشرة بسبب اهمال الصناعة والزراعة لما اتجه المواطنين لفتح هذا العدد الهائل من المحلات التجارية ...اي من ملاحظةهذه الظاهرة تدفع المواطن لفتح محل لبيع بضاعة معينة والى جواره 50 محل اخر يبيع من نفس البضاعة ..الى درجة تدفع الى التساؤل ..كيف يربح التاجر مع غلاء الايجارات والكهرباء ؟؟؟
من المفروض بالادارة المحلية ...ان تعيد تاهيل المعامل التي كانت تشتهر بها المحافظة كمعمل تعليب كربلاء وحقول الدواجن ...بدلا من قيام المرجعية مثلا باستيراد البيض والدجاج واللحوم من الخارج او بناء فنادق وابقاء العمال العراقيين بلا فرص عمل انتاجية حقيقية !!!!
سادسا ...
الانتخابات (واعذروني ان وصفتها بمهزلة الانتخابات ) ...للاسف مظهر من مظاهر التخلف والطمع والارتزاق في العراق واحياء الاصطفافات العشائرية والمناطقية والطائفية ..حيث لاحظت ان الشوارع مليئة بصور المرشحين نساء ورجال وكاننا في حرب صور من حيث الحجم والعدد المعلق والى درجة الهدر والتبذير والاسفاف ...ومختلف العناوين والارقام ...الى درجة يستحيل على الناخب ان يختار ويميز بين المرشحين ..ومن الغريب ان المرشحين يهدرون اموالهم بلا فائدة على صور لايلتفت اليها الناخب وللاسف انهم لايدفعون من جيوبهم الخاصة اومن تعبهم (كي يعرفوا قيمة ما يدفعون ) وانما من المال العام ( المنهوب من قوت الفقراء والجياع ) فهو يوظف ويصرف بلا وجع قلب لانهم غير خسرانين به شيء ...فطرق الدفع اصبحت معروفة للناس وللناخبين ...
فليس من المعقول ان يتمكن معلم او معلمة او موظف وموظفة ...او حتى شيخ العشيرة او السياسي الوطني والشريف ...أن يتحمل مصروفات اللافتات الغالية ونشرها بلا حساب وبلا معنى في كافة انحاء المدينة ,,,
انني اعتقد ...لو كان عند الناخب ذرة من الوعي والادراك وقبل ان يعطي صوته ...لتساءل مع نفسه من اين هذه المبالغ الطائلة لصرفها بلا وجع قلب ؟؟؟وهل يستطيع معلم او معلمة عندهم الامكانية المالية لتغطية هذه النفقات الهائلة وهم بيت لايملكون ..
وثانيا ... ماذا قدم الاولون ليقدم هؤلاء المرشحون ؟؟؟ والغريب ان كل الحرامية في المجالس البلدية الحالية رشحوا انفسهم للانتخابات المقبلة ...بربكم هل ترشحوا حبا بالفقير والجائع المسكين ...؟؟؟ المشكلة التي اصبحنا نعاني منها كمجتمع ...هي بانقلاب الموازين ...فقد اصبح حب الوطن والاخلاص له والتفاني في خدمته ميزة منقرضة ...وحل الفساد والرشوة وحب الذات والانانية والاستعانة بالاجنبي ...هي الصفات الشائعة ..
انني اعتقد ان من سينتخب االمرشحون هم الاقرباء والاصدقاء والمعارف فقط ...ومن سيفوز هم اصحاب المال والسلطة والجاه وليس الكفوء المخلص النزيه ...هذه الحقيقة المرة فرضها وااقع المحتل والاحتلال والدستور الفاشل والتجارب السابقة ..وعدم سن قانون الاحزاب ..وتحديد مصادر التمويل ...ومن يريد انقاذ العراق من المستنقع والسبتتنك الحالي عليه ان يطالب بسن قانون (من اين لك هذا ) واول من يطبق عليه هذا القانون هم المرشحين للانتخابات ...
ومن هنا سيضيع الوطن والفقراء وعامة الشعب من الناس الشرفاء والنزيهين بالرجلين (كما يقال ) بسبب المال السياسي المهدور بلا حساب ...وبسبب ازلام السلطة الذين لاذمة ولاضمير عندهم والذين يحللون الحرام ويحرمون الحلال ...وينهون عن المعروف ويأمرون بالمنكر ...حيث لاتوجد اية فرصة للفوز للمرشح الوطني البعيد عن الكتل السياسية الحاكمة وولاءها ...ولاسيما وان الكتل الكبيرة والمعروفة والمهيمنة باسنانها على الحكم من عشرة سنوات مضت ...
عبودية المرشح لرئيس الكتلة واضحة وجلية من الصورة التي يعلقها فكل منها تجد صورة رئيس الكتلة مرافقة لصورة المرشح ...هذا هو الواقع المر والمهين للانتخابات على الطريقة المحاصصاتية الطائفية التي خلقها الاحتلال ...
ومن هنا نجد ان كل مرشح والذين غالبيتهم لم يتطرقوا لسيرتهم الذاتية كما متعارف عليه في الديمقراطيات المحترمة ( الا ماندر جدا ) يلعب لعبة قمار عسى ان يحصل على قضمة من كيكة االسلطة وليس حبا بالوطن الذي اسمه العراق ...
هذه انطباعاتي لزيارة سريعة وليوم واحد وما تركته عندي من انطباعات...للمدينة التي يقصدها عشرات الملايين من الناس والتي اعشقها منذ طفولتي وركوب المراجيح في الاعياد .. كم اتمنى ان تصبح مفخرة للعراقين وبهجة للناظرين ...
ولكنني لا اعتقد زيارتها حيا ثانية (بسبب الغضب والاحباط والتعب الذي اصابني بسبب نقاط التفتيش )وربما سازورها محمولا في صندوق خشبي على الاكتاف ...بسبب فقدان المدينة لبراءتها وبساطتها وطيبتها التي كنت اعهدها واحبها في المدينة واهلها ..
اللهم احفظ العراق وأهله اينما حلوا او ارتحلوا ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان الآن مع صلاح شرارة:


.. السودان الآن مع صلاح شرارة: جهود أفريقية لجمع البرهان وحميدت




.. اليمن.. عارضة أزياء في السجن بسبب الحجاب! • فرانس 24


.. سيناريوهات للحرب العالمية الثالثة فات الأوان على وقفها.. فأي




.. ارتفاع عدد ضحايا استهدف منزل في بيت لاهيا إلى 15 قتيلا| #الظ