الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مزقوا شرانق المنع، ولا تخجلوا من رؤية أنفسكم عراة في المرآة:

فلورنس غزلان

2013 / 3 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


مازالت الحقيقة تخيفنا، مازلنا أسرى الرعب الاستبدادي الذي امتزج بكرياتنا الحمراء وتحول لغذائنا اليومي في التحوير والتدوير والمداهنة، أو المراوغة وعدم المواجهة.. وعدم البوح عقوداً أربعة ونيف، لأن الحقيقة كما هي تؤدي إلى عواقب وخيمة ...لم يستطع عامان من التغيير وكسر حاجز الخوف أن يحدثا سوى خرقاً في جدار أصم من الحديد الصلب المصقول بعناية ...عامان من الحرية المرتعشة والمغموسة بالحذر وكثرة الحسابات وتعدد الشِباك وتلون الخطوط الممنوعة...لم ينقذانا بعد ولن يُمَكِنانا من امتلاك أمر حرية التعبير والانعتاق من سيف الشرطي المُرَّكب إرادياً داخل كل رأس من رؤوسنا، لأننا عشنا في مجتمع منغلق نوعاً ما..تكبله عادات وتقاليد وأعراف وأديان ، ناهيك عن قوانين لنظام سلطوي يحمل كرباجه ليل نهار، ويشهر الأقفال والأصفاد بوجه كل من يجرؤ على مخالفة تعاليمه وحتى لغته ومفرداته، وعوَّدنا على أن أي نوع من المكاشفة والمصارحة ..هو جَرح وخدش للوطن وللانتماء الوطني!...وبقدر مانحب أوطاننا بقدر مانُظهر ماهو جميل فقط ونحرص على إشهاره وأبرازه ونفخه وتعويمه...سواء صغر أم كبرونخفي ماهو قبيح وفاسد ومسيء...لأنه يشوه صورتنا " الوطنية" أمام العالم!!!...وكلما دخلنا الأبواب الموصدة وكسرنا النوافذ الممنوعة، كلما نُعِتنا بالخروج على حب الوطن والولاء ...له ..وهنا كان المقصود النظام الممانع..إن تخلصنا من ربق النظام ...لكنا لم نتخلص من إرثه...في فهمنا للوطن والمواطنة وحب الوطن..وها نطوره اليوم بالموقف من الثورة...فكل ما يأتي من الثورة والثوار ..مقدس وطاهر وعفيف ولا تشوبه شائبة!!، وأي نقد يعني أن الناطق " خائن ومدافع عن النظام"!! وكل هذا لايصدر على الغالب ..إلا من أطفال في السياسية...وممن كبروا وترعرعوا بحضن الاستبداد وصفقوا له حتى احمرت أيديهم ونعقوا بهتافات القائد وحياته ..إلى أن بُحَت حناجرهم ...فينبرون اليوم ...لمن اعتبروهم ذات يوم " مغفلون يسبحون عكس التيار ويقضون نصف عمرهم ويقصفون أعمار أسرهم في سجون الأسد الأب ومن بعده الإبن"، فقد منحتهم الثورة شرف ووسام " معارض " وراحت نظريات" الوطنية " وأصولها وتعاليمها النصف مبتورة أو محشوة بديناميت الطائفية ، أو النصف مفهومة بحكم ثقافة التبعية التبعيثية والقومجية والثورية على النمط الأسدي، ومازرعه بأذهان أولادنا في المدارس من حشو مناهج تعليمية مشوِهة ، وتزوير تاريخي مقتطع من سياقاته، بفعل " طلائع البعث ، شبيبة الثورة ، واتحاد الطلبة، أو نقاباته المسلوبة " تنهال على رؤوسنا ...وبجانبها بل تختلط بعجينتها ...الخيانة والعمالة! ..وفي أحسن الأحوال..".ليس وقته الآن "!...لأن جهودنا يجب أن تنصب فقط لاغير على إسقاط النظام!!...فكيف نُسقط النظام عملياً ولم تسقط آثاره وأسلوبه وتربيته من رؤوسنا ومن فكرنا؟، فمازلنا نمارس على بعضنا مامارسه النظام علينا...ننحو نحوه ونمثل دور أجهزته ، فحين كنا نسمع عن مرض حافظ الأسد من إذاعات وصحف إسرائيل...لأن مرضه سر دولة ...وحين يصف النظام أي سياسي خالفه واعترض عليه ووقع بيان يطالب فيه بإنصاف معتقل أو بحرية تعبير ...يُتهَم بأنه" مرتبط بالغرب ومتآمر ...يضعف الشعور القومي ويوهن عزيمة الأمة"، والآن ..يأتينا أولاد حضانة مدارس البعث...ليقولوا لمناضل قضى حياته معارض وحرم من دفن أهله وزيارة وطنه...أو قضى في سجون الأسد نصف عمره...أنك تَسَوِق لنظام الأسد ...حين تنتقد ممارسة " جبهة النصرة " أو من يشوه الاسلام تحت يافطة" الجهاد"..أو من يسحق المرأة ويتاجر بها تحت ذريعة الشرف ...! ، فأي إشارة لمثلب أو صغائر ومحاذير ...تعتبر من الكبائر في عرف من يريد إسقاط النظام!، علما أن العلم والسياسة ، والدول التي سبقتنا في " الربيع العربي" لم تستطع بعد ولن تستطيع في عدة سنوات أن تسقط النظام...نحن كذلك نريد إسقاط النظام بقضه وقضيضه....لكنا نبني مجتمعا سليما يرى بعينيه ويقتلع بيديه كل عشبة ضارة وكل شوكة تعلق بخاصرة الثورة ...نحن نعلم أن العرف السياسي ...لايسقط منظومة قائمة منذ عشرات السنين بضربة معول أو قذيفة مدفع أو معركة هنا وأخرى هناك ــ رغم مايدفعه الشعب المُبتَلى بكل هذه الأنواع من الأوبئة...وأنه هو الضحية الأولى ...وعليه وحده يقع عبء الثمن الباهظ والخسارة التي لايمكن أن تعَوَض بمعركة ...تحت يافطة إسقاط النظام ..أو يافطة ...ليس وقته الآن!..أن نسقط الأسد أولا...ونصل لحكومة انتقالية...نعم...أما إسقاط النظام كاملا...فيحتاج لوقت طويل ولصبر جميل ولعقول تبني...ولكفاءات وطنية نزيهة... .
لقد خرج صوتنا من حنجرتنا يشق الفضاء ، لكن مواجهتنا مع الحواجز والموانع ..ومع الجذور التربوية وأعشاب اللبلاب المعرشة في ذواتنا والتي نخشى على أنفسنا الخروج من شرنقاتها ، وكأنها غدت جلدنا الثاني من الصعب أن نتخلص منها بسهولة إن لم نتمكن من مواجهة مانقوله ومانراه وما نعيشه بكل أبعاده...السليم منه والخاطيء...أن نضع المرآة ونقرأ أنفسنا ..ألا نخشى أو نتردد من رؤية عُريِنا ...فأن نرى أنفسنا بدون الأقنعة المجتمعية الملونة والمتعددة حسب الطلب ، وحسب الموقف ، وحسب معيار هذا ومقياس ذاك ...وحسابات العشيرة والطائفة ...ومن ثم الوطن...لأننا مازلنا نُخضِع لكل طبقات الدونية في الانتماء...وننسبها للجلد الوطني...وهي براء منه بالطبع...اخلعوا أقنعتكم واجهروا بالحقيقة..مهما كانت مُرَّة...فخلعها الآن..أفضل من تراكمها غداً حين تصبح جُذاماً.. يقضي على وطن الحلم وعلاقات المواطن بأخيه المواطن....ادفنوا نهج الاستبداد وتربية الأسد في أقرب حفرة، واطمروها كما تُطمر الخطيئة والكذب والافتراء..تخلوا عن لغة النظام وأسلوبه...قدر الإمكان...أعلم أن الأمر لاسحر فيه...لكنه ممكن لو رأيتم عيوبكم ...قبل أن تطالبوا الآخر أن يكون نسخة عنكم...تقبلوا الاختلاف لنبني وطن الحق والقانون والديمقراطية..الوطن السوري لجميع أبنائه دون استثناء امرأة ثم رجلا...طفلا ثم كبيرا...افتحوا مع الفصح وتسامحه باب الغفران لأنفسكم..ولغيركم..باب المحبة لكل سوري ...وحين تبنون وطن القانون...سيحاسب كل من اقترف بحق الوطن بجرم أو خطيئة...لكن أي فرد فينا لايملك حق المحاسبة...لأننا بشر لا آلهة....لأننا خطاؤون...لا أنبياء...فكفى بالله عليكم لاتأخذونا وتأخذوا الوطن إلى الهاوية ...لأنه يسير على دربها...فقليلا من العقل وإعادة النظر في مسيرة عامين من الألم والعذاب والدم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إمام وحاخام في مواجهة الإنقسام والتوترات في برلين | الأخبار


.. صناع الشهرة - كيف تجعل يوتيوب مصدر دخلك الأساسي؟ | حلقة 9




.. فيضانات البرازيل تشرد آلاف السكان وتعزل العديد من البلدات عن


.. تواصل فرز الأصوات بعد انتهاء التصويت في انتخابات تشاد




.. مدير CIA يصل القاهرة لإجراء مزيد من المحادثات بشأن غزة