الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانسانية منطق وعقل

صليبا جبرا طويل

2013 / 3 / 31
مواضيع وابحاث سياسية



ان الكيميائي الذي يستطيع أن يستخلص من عناصر
قلبه الرحمة والاحترام واللهفة والصبر والندم والدهشة
والعفو ويدمج هذه العناصر في عنصر واحد يمكن ان
يخترع هذه الذرة التي تسمى الحب.


الانسانية، لست دين ولكنها مرآة لجوهر الدين ومن يستبدلها بدين فقد اخطأ، ومن فصلها عن الدين فقد ظل، ومن لغى علاقتها بالدين فقد زل. ليست قانونا ولكنها شريعة عالمية، ليست قيمة ولكنها مجموعة من القيم. انها الانسان بمجمل تفاعلاته الانسانية الموجهة لخير البشرية جمعاء، والانسانية تعنى أن أحافظ على الاخر مهما كانت عقيدته أو فكره او رؤيته في الحياة او لونه او جنسه او عرقه، واحترمه واحترم حقه في البقاء والحياة مهما كانت غايتي التي اسعى للوصول اليها، من تجرد منها تجرد من صفته كانسان .لا أدعو الى مبدأ الانسانيين، الذين ينظر اليهم بلا دينين. ولكنّي اناصر اسلوبهم في استخدام العقل والمنطق. ومن حق كل انسان ان يتبع مذهبهم ان رأى فيه سبيلا او تعبيرا لخواطره او متنفسا لشعوره. انطلاقا من تحمل المرء لمسؤليته التي هي وجه من وجوه حرية المرء في الاختيار.

ما نعاصره من ويلات مروعة في عالمنا العربي اليوم يستحق ان نتوقف عنده لحظات، ونلتف حول ظاهرة الهبوط الانساني وانحداره المروع الذي يستحق منّا الكثير من التفكير والعمل من اجل تصحيح المسار. واجب كل عربي وبشكل خاص المثقفون العرب التكاتف لمنع الانزلاق نحو المجهول .

هناك اكثر من سبع وعشرين عقيدة والعشرات من المذاهب والايديولوجيات في العالم ومعظمها -ان ليس جميعها- تتسم بصفات حضارية وانسانية بين جوانبها، وتدعوا الى التحلي بمفاهيم الحرية والعدالة والمساواة والمحبة والتسامح...وتؤكد على المعاملة الحسنة نحو الاخر. المجتماعات الشّرقية ينظر اليها كمجتماعات متدينة ولا يمكننا تصديق او انكار ذلك لان لا احد يجرؤ أو تجرأ على القيام بابحاث او دراسات علمية تثبت هذا الامر او عدمه، ومع ذلك فهي لا تخلوا من هذا التنوع، وان كان البعض يخاف من التعبير عما يدور بافكار في عقله .

في داخل كل منّا طبيعتان هما الخير والشر، وأيّهما نغذيه اكثر ينمو ويكبر ويقوى على حساب الاخر الذي ينتهي بضعفه. قوة الخير فينا دافع حيوي لسمو المجتمع بمبادئ تعزز الانتماء المجتمعي بكل اطيافه وتعدديته الفكرية. قوة الشر فينا تنذر بمأساة الانسانية في حصر اهتمامها في دفع الطاقة السلبية المحتجزة داخل وعاء الشر في اعماق قلوبنا، واطلاقها لنصرة دوافع ذاتية نحو الكراهية والقتل وعدم القبول الاخر.

الماضي ثابت لا يمكن تغيره، أو محوه، أو طمسه. مستحيل أن يكون الحاضر جامدا، ويحتم علينا أن نعيش في الماضي بكل مقاييسه وأبعاده الفكرية والحضارية. الحاضر يمكن تطويعه حسب متطلبات مجتماعاتنا المعاصرة وبمواصفات عالمية تلبي متطلبات الانفتاح العصري والتكنولوجي الذي لا يمكن الهروب منها. ما يمكن فعله هو تغير موقفنا تجاه الماضي بما يتلائم مع روح العصر العالمي بالتخلص من الغطرسة التي تتملكنا بأننا الافضل في حقيقة الامر تمثل هذه الصفة هذيان، ووهم تلقيناه مع أول جرعة حليب من ثدي امهاتنا.

نبحث عن الصفة الانسانية في داخل الانسان ونتساءل لما القتل على خلفية عقائدية او ايديولوجية؟ لما انتهاك حرمات الكنائس والمساجد ودور العبادة وتفجيرها وقتل المصلين فيها في لحظة خشوع وورع وتقرب من الذات الالهية؟...هل هذه المجازر لها علاقة بالمقدس؟ هل هو امر الهي؟ لن نجد أجوبة سوى مبررات ومبررات لأناس نصّبوا انفسهم لسان الله على الارض. في عالمنا العربي أصبحت الحاجة ملحة لطرح هذه التساؤلات على طاولة النقاش للخروج باجماع يكون مرشدا ودليلا للأجيال القادمة. المهمة ملقاة أولا على رجال الدين، وثانيا الشعب ليخرج الجميع من خوفه وصمته، فالساكت عن الحق شيطان أخرس.

بناء السلام تنمية الديمقراطية لدعم حقوق الانسان والحريات، وتقديم المساعدات زمن الحروب والكوارث، واغاثة الناس في النوائب والامراض تلك مهمات انسانية على المستوى المحلي والعالمي حيث للعرب نصيب، وهم شركاء فيها. التّرهيب، ورؤية الألم والاشلاء، ورائحة الموت المنتشرة، أضحوا صفات ملاصقة لكل من هو عربي. العالم لم ينصفنا بهذه النعت ولكن علاجه بين أيدينا، وهو استعمال آلياتي المنطق والعقل الانسانيتين، وتطبيقهما في حياتنا اليومية وبذلك ننصف انفسنا، ونغلّب انسانيتنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمات إنسانية متفاقمة وسط منع وصول المساعدات في السودان


.. جدل في وسائل الإعلام الإسرائيلية بشأن الخلافات العلنية داخل




.. أهالي جنود إسرائيليين: الحكومة تعيد أبناءنا إلى نفس الأحياء


.. الصين وروسيا تتفقان على تعميق الشراكة الاستراتيجية




.. حصيلة يوم دام في كاليدونيا الجديدة مع تواصل العنف بين الكانا