الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مع مكاريد الاخرس(لن تصبح زيونه منطقة للشروكية).

مصطفى الصوفي

2013 / 3 / 31
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


لن تصبح زيونه منطقة للشروكية*1 هو عنوان صفحة فسبكية اشتهرت بأطروحاتها الساخرة على المكاريد ,وكتب عنها الكثير من الكتاب الذين ينتمون لمجتمع المكاريد ناقدين ومنزعجين من طرحها العنصري بعض الشيء , شخصيا لم اجد فيها سوى نقد قاسي وعنصري لما ينزعج منه البغداديين من حالات غير حضارية تصدر عن الريفيين المهاجرين للمدينة , بالمقابل انتفض المثقفين على هذه الصفحة وكتبوا الكثير من النصوص التي تذكر ايجابيات ومبدعين وانجازات تلك الفئة الاجتماعية وماقدمته لسكان المدينة, وبين اصدقائي وبين مدنيتي بقيت اتابع بصمت ولم اجرؤ على التسجيل بالصفحة خوفا من (زعل) بعض اصحابي من المكاريد ..


هناك نوع من الازدواجية السلوكية تصدر عن بعض مثقفين المكاريد حينما يحاولون سلخ(شروكيتهم)عن أنفسهم و ينتحسون نوعا ما حينما تطلق عليهم عبارة(شروكي), خصوصا اذا كانت من شخص غير جنوبي,و قد يعود سبب هذا هو كونها ملتصقه بصفات ذميمه وباتت اشبه مايكون بوصمة العار الموروثه من الاباء والاجداد , لذلك اصبحت اشبه تابو لا يذكر امام احد المكاريد , لحساسية اللفظة عندهم و اختفاء كم هائل من المقاصد السلبية تحتها...

استوقفتني هذه المصادفة , فقبل ايام قليلة, كنت استخدم دردشة الفيس بوك للحديث مع احدى الصديقات(المحسوبة على الوسط الثقافي) , وبادرتها بالسؤال عن مدينتها او اصولها لتفاجئني بردها
-انا اصلي من (فلان مدينة ) بس مو شروكية.. ولا اعرف احجي شروكي بس دا أحاول اتعلم !.
(كنت اراها تتجول كثيرا وتتابع صفحة محمد غازي الاخرس ويبدوا انها كانت تحاول تعلمها من هناك!!)...
لم يخطر في بالي ان اسألها الا عن المدينة التي تعيش فيها ولم يكن هناك حديث يخص الشروكيه او ماشابه , لكن دفع الشروكيه وانكارها كأنتماء او هوية , صار موضه كما يبدو لي , يرافق للتعريف بالشخصية اذا كنت(مكرودا سابقا). ..

بحثت كثيرا عن معنى واصول كلمة (شروكي) واصولها ووجدت على احدى صفحات الانرنيت هذا التعريف الذي اقتنتعت به ( تؤكد دراسات الغة السومرية العراقية القديمة بأن كلمة ( شروكي ) لها مفهوم آخر عن الشرقي وهي جملة مركبة من كلمتين ( شرو – كين ) وتعني المواطن الأصلي في اللغه السومريه , ومما لايخفى على الكثير بأن اللهجه العراقيه الحاليه فيها الكثير من الالفاظ السومريه والأكديه وغيرها من لغات حضارات العراق القديم ,ككلمة ( ماكو – مشط – ماشه – مسكوف – عزا ) وغيرها من مئات المفردات التي مازلنا نستخدمها في لهجتنا العراقيه, وكلمة ( شروكي ) واحده من هذه الكلمات التي لازالت متداوله في عصرنا , ولكن قد تم تحريف معناها من اللغة السومرية والتي تعني المواطن الأصلي , حيث يذكر الدكتور فوزي رشيد في كتابة سرجون الأكدي في الصفحة 29
بأن الأسم الحقيقي للأمبراطوار الأول في التاريخ سرجون الأكدي هو ( شروكين ) والتي تعني الملك الصادق او الملك الثابت في اللغه الأكديه , وهذا ما يدل على ان كلمة ( شروكي ) لها معنى نبيل وشريف في اللغات العراقيه القديمة , وقد تم تحريف المعنى الأصلي عن قصد وذلك بسبب الغزوات المغوليه والفارسيه والعثمانيه التي مرت على العراق والحكومات المتعاقبه التي حكمته والتي اهملت مناطق البلد وخاصة المناطق الجنوبيه منها بسبب عقيدتهم)..

( شروكي ما تصير لك جاره) عبارة اسمعها كثيرا خارجه من الافواه الناقمة على أي حالة غير حضارية يفتعلها احد المكاريد ،الجدير بالذكر ان عبارة"شروكي" تعمم ايضا على الجنوبيين دون استثناء . لكن في حالة المكاريد فهي تستخدم للانتقاص والتشهير والسخرية منهم. و لايتفرد المجتمع العراقي وحده بالعنصرية تجاه المكاريد فعبارة (شروكي) ليست اللفظة العنصرية الوحيدة تجاه الاقل حظا في هذا العالم.
الألقاب العنصرية موجودة بكثرة حتى في بلاد العم سام, التي تعتبر مركزا للحرية والمساواة وحقوق الانسان منذ اعلان نشأتها. وان بحثنا بتأريخ مجتمع الولايات المتحدة سنحد وعلى مدى عقود كم هائل من التمييز العنصري المتطرف على الامريكيين ذوي الاصول الافريقية الذين يطلق عليهم ولليوم عبارة -negro-٢*، وهي كلمة انكليزية عنصرية لا يختلف وقعها ومقصدها عن كلمة (شروكي) باللهجة العراقية حينما تطلق على المكاريد بمقصد سلبي. أن الفارق الذي يجب الانتباه له بين المجتمع الامريكي والعراقي هو في تكوين الدولة والاعتراف بهذه الهويات الفرعية، ففي تركيب الدولة الامريكية نجد اعترافات صريحة بهذا التمييز و بكل وضوح وجرأة ودون خجل ويسنون القوانين العنصرية عليه*٣، بينما تركيب الدولة العراقية لم يأخذ في الحسبان هذا التمييز ولم يسن اي قانون او حديث عن هذه الفوارق الاجتماعية لافي الكتب ولا على ورقة ولم يدرسها ابدا*٤ ، بل تم تجاهل مشاكل الهويات الفرعية والتمييز العنصري والادعاء المثالي بوحدة الشعب العراقي والمساواة بين افراده بصورة تنكر جميع الفوارق الاجتماعية والدينية والطائفية والفكرية بين الهويات مما قد ولد احتقان كبير تفجر بعد انهيار الدولة العراقية عام ٢٠٠٣، قد اشار الاخرس في كتابه عن هذا الامر بكل وضوح وقد انتقد محاولات تذويب الهويات الفرعية وفشلها في ذلك بسبب عدم واقعيتها وابتعادها عن استخدام اي حلول جذرية مدروسة وسلبها للهويات بالاكراه، فكل ما كانت تفعله الحكومات المتلاحقة هو انكار هذا الاختلاف ومحاولة اخراس من يتحدث عنه بكل وسيلة ولان الحكومات وبعد ظهور المشكلة كانت اغلبها قومية من ابناء الغربية الذين دخلوا في صراع مع ابناء الشرقية الاخيرين الذين تم تهميشهم تماما في العاصمة وابعادهم عن اي دور في الحياة المدنية،هنا يمكننا التمييز بصورة اوضح في الفروق بين تكوين الدولة الامريكية والعراقية ، فالامريكي قد سمح للتمييز بالظهور امام العلن ولم يخجل من الموضوع واعلن عن المشكلة وحاول حلها بالتدريج وعن طريق التوعية والدمج والتعويد على التعايش وتم التقدم خطوات عديدة نحو هذا التفاهم والتعايش حتى وصل الامر لفوز احد ابناء العبيد السود-negro- بمنصب رئيس الولايات المتحدة بعد انتخابه ذوي البشرة البيضاء وهم الغالبية الساحقة من المجتمع الامريكي*٥، اما العراقي فعاش بازدواجيته المعروفة وانكر كل شيء على الورق وبدأ متحدثا بمثالية ويدعي ان لا فوارق بين عراقي واخر ، اما في الواقع فهو يطحن الاقليات ويهمشها ويكيل عليها الويلات والمصائب وهم كما وصف الاخرس كان المكاريد هم وقود وحطب السياسة واصحاب المصالح حين الحاجة فقط، وعليه فالمشكلة باقية ومزروعة في وعي الفرد العراقي مهما ادعينا وانكرنا وجودها، ومهما حاولنا اليوم فلن يقوم احد العرب السنة بانتخاب (مكرود) في ادارة شؤون البلد السياسية ولن يحدث العكس وتبقى المشكلة مختلطة مع ابعاد دينية وطائفية وسياسية وتأريخية، لذلك ان اول خطوة لحل هذه المشكلة العويصة التي يعاني منها المجتمع العراقي هو الاعتراف بوجود المشكلة، الاعتراف بأن الفرد العراقي هو فرد طائفي وعنصري, بعدها سنجد انفسنا بصورة تلقائية باحثين عن حلول, وعاملين للتخلص من المشكلة وساعين للتعايش المطلوب بدل نكران العنصرية قولا وممارستها فعلا...


----------------
1* صفحة فيسبوكية يمتلكها أشخاص مجهولون ينشر فيها صور كثيرة لحالات غير حضارية.

2* الزنجي, يشير بها للاعابة والانتقاص على الشكل المظهري لذوي البشرة السوداء.

3*قوانين التمييز العنصري كانت سائدة في بعض الولايات المتحده الامريكية حتى سبعينات القرن المنصرم وقد امتلك السود العديد من المناضلين الذين كانوا يدافعون عن الحقوق المدنية ويطالبون بالمساواة ومن ابرزهم (مارتن كينغ لوثر)، و(مالكوم اكس)..

4*مثال على ذلك هو هذا النص (اصحاب البشرة السوداء ادنى شأنا في التفكير وهم توابع بطبيعة الامر جبناء في مواجهة الخطر. وبناءً على هذا ليسوا مناسبين للحرب.) كتاب دراسات الحرب , صادرعن الجيش الامريكي, وزارة الدفاع 1925.

5* فوز باراك اوباما كرئيس للولايات المتحدة ولدورتين انتخابيتين متتاليتين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شروگي- جنوبي
بهروز الجاف ( 2013 / 4 / 1 - 08:20 )
عزيزي الكاتب، لقد عرف العراقيون الجنوب بالشرق (وهذه حالة تستوجب البحث)، اذ ذكروا الجنوب بالشرق، فكانت لهم ثلاثة اتجاهات في اعرافهم (شرجي، غربي، شمال) فيما لم يكن في الحديث العامي لهم اتجاه (جنوب)، ولقد قالوا: هوة شرجي (الرياح الجنوبية) وقالوا: الباب الشرجي (وهو الباب الذي في الجهة الجنوبية لمدينة بغداد) وقالوا: مشرج، بفتح الشين وتشديد وكسر الراء، بمعنى (مسافر الى الجنوب)، أما لفظة (شروگي) فهي ايضا تعني (الشرقي) ولكن بلهجة اهل بغداد، فهم من نعتها، وقالوا: (شرگاوي) أيضا وهي اكثر قربا في الوصف وجمعوها (شراگوة)، وربما يسأل احدهم: لماذا شروكي وليس شرجي؟ أو شروجي؟ أقول بأن اضافة الواو لاتستقيم لفظا مع الجيم بل مع (الگیم) ووجود الواو ضروري لجعل الكلمة نعتا وليس اسما كما في (عنودي، سكوتي..)،مع امنياتي.


2 - مع التحية
بهروز الجاف ( 2014 / 2 / 21 - 11:17 )
انا اعرف هذه المعلومات يا صديقي , لكن في ذهني سرد اخر لقضية العنصرية التي يعاني منها العالم للاقليات .

اخر الافلام

.. نارين بيوتي تتحدى جلال عمارة والجاي?زة 30 ا?لف درهم! ??????


.. غزة : هل تبددت آمال الهدنة ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الحرس الثوري الإيراني يكشف لـCNN عن الأسلحة التي استخدمت لضر


.. بايدن و كابوس الاحتجاجات الطلابية.. | #شيفرة




.. الحرب النووية.. سيناريو الدمار الشامل في 72 دقيقة! | #منصات