الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بكاء الطفل .... متعة

فوزي بن يونس بن حديد

2013 / 4 / 1
كتابات ساخرة


عندما يأتي الأب إلى البيت متعبا بعد عمل شاق وإجهاد كبير، يود أن يجد راحته عندما يرجع، الغداء جاهز ومرتّب، والبيت منظّم ومنسّق، والأولاد في هدوء تام، حينئذ لا تسمع له صوتا، يدخل بسلام ويأكل بتأنّ وينام بسكينة، ولكن ما يكون حاله إذا تغير أمر من هذه الأمور، سيغضب وسيزمجر ويصرخ وربما ترك البيت برمّته وخرج ولم يعد.
ماذا لو وجد طفله يبكي؟ ماذا لو كان أحد أبنائه بكّاءً؟ ماذا لو استقبله طفله عند الباب يبكي بشدة وبصوت عال؟ ما موقفه؟ أكثر الآباء يتصرفون بعنف وقسوة مع هذه المواقف، فإما أن يضربه فيزداد الطفل بكاء وإما أن يترك البيت بمن فيه ويختار مكانا آمنا ليرتاح فيه بعيدا عن ضجيج أبنائه، وقلّ من يتحمل ويحاول إسكات طفله، لذلك فإن الأب وأحيانا الأم كذلك يتصرفان بتوتر عند رجوعهما من العمل، ولو قمنا باستبيان لهذا الأمر لوجدنا هذه النتيجة.
لم نحن هكذا؟ لا نتصرف بحضارة مع بكاء الطفل، فالطفل الذي لا يستطيع أن يتكلم يعبّر عن احتياجاته بالبكاء، وربما أصبح الطفل يتحدث ولكن تبقى صفة البكاء لاصقة فيه إلى أن يكبر ويرشد، فالبكاء صفة لازمة للطفل سواء كان ناطقا أم لم يبدأ النطق بعد، ويعبّر عن غضبه وعدم رضاه بالبكاء، على أنه لا يكون في معظم حالاته سيّئا، فالبكاء نعمة كبرى من الله عز وجل فلم لا تستمتع بها؟
البكاء تعبير عن الرأي فلا تصادره، وهو تسبيح لله من الطفل إذ يسبّح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحه، وهو طاقة كبيرة يستمد منها الإنسان النشاط والحيوية بعد يوم شاق ومتعب، فاستمتع ببكاء طفلك وأنت مستلق على السرير، لا تحاول إسكات طفلك عندما يريد أن يبكي لسبب أو لآخر، دعه يبكي، دعه ينفّس عن كربه، دعه يعبّر عن مشاعره وأحاسيسه، يبكي ليخرج أضغانه ويحاول إبلاغك رسالة، إن فهمتها استمتعت وإن قابلتها بعنف كان الأمر غريبا.
زد على ذلك فإن الطفل الذي لا يبكي ليس طبيعيا، والدليل أنه عندما يخرج من بطن أمه يبكي في نظرنا وهو يسبّح بحمد ربه في نظره، تعوّد على الحياة داخل بطن أمه وإذا به فجأة يجد نفسه خارجه، فتحوّل الحياة من إطار إلى آخر مطلوب وكثيرا من يستمتع ببكاء الطفل المولود، ويبقى يستمع إلى بكائه سائر الليالي ويمده بطاقة غريبة، فقط استرخ وحاول التمعن في بكائه، والصوت الذي يخرج من حنجرته، إنها موسيقى عذبة رنّانة لا يستفيد منها إلا من اقتنع فعلا أن الطفل كنز وهو في حالة بكاء.
فالبكاء خلقه الله عز وجل عند الطفل خاصة للتعبير عن حاجياته، فتصوروا لو لم يخلق الله البكاء كيف يكون حاله، ربما يموت الطفل ولا ندري، فالأم التي هي أقرب من يفهم طفلها لا تسرع إليه إلا إذا سمعت بكاءه يرن في أذنها، والأم أكثر صبرا من الأب، لذلك هي أكثر استمتاعا واستفادة من بكاء طفلها، والأب إذا أراد أن يستمتع ببكاء طفله في مراحل عمره عليه أن يعوّد نفسه ويُطلب منه فقط أن يسترخي وكأنه في تمرين لليوجا، ويركّز في هذا البكاء، لتحلّ المتعة بعد فترة من الزمن وليحصل الطفل كذلك على المدد الرباني لأن البكاء يمنحه الصحة والعافية فهو يقوي حبال الصوت عنده، ويجعل رئتيه تتنفسان أكثر وبصورة أكثر حيوية.
تلك هي فائدة البكاء عند الطفل، ولكن لا تتخذ البكاء وسيلة للاستمتاع، فكلما وجدت نفسك في حاجة لذلك تقوم بضرب الطفل حتى تحصل على مرادك، اعلم أن الأمر لن يحصل إلا إذا كان تلقائيا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان المغربي عبد الوهاب الدوكالي يتحدث عن الانتقادات التي


.. الفنان محمد خير الجراح ضيف صباح العربية




.. أفلام مهرجان سينما-فلسطين في باريس، تتناول قضايا الذاكرة وال


.. الفنان محمد الجراح: هدفي من أغنية الأكلات الحلبية هو توثيق ه




.. الفنان محمد الجراح يرد على منتقديه بسبب اتجاهه للغناء بعد دو