الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من وحي يوم الأرض: رسالة مفتوحة إلى وزير الزراعة الفلسطيني

عبدالحميد البرغوثي

2013 / 4 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


عندما كتبت منتقداً سياسة وزارة الزراعة في مجال إستخدام الكوتا الزراعية وإعتبرتها إحتضان للتجار الزراعين عوضاً عن الحرص على مستقبل المزارعين والزراعة كنت أنتظر وقفة من وزارة الزراعة لإعادة النظر في هذه السياسة وتطبيقاتها والآثار المترتبة عليها وهو ما يحصل بشكل دوري في كل دولة عندما تطبق سياسة زراعية وبشكل دوري، ولم تكن من باب الردح أو السب أو لأني أخذت موقف من وزارة الزراعة وطاقمها كما تهيأ للبعض. كنت أنتظر أن تدعى الفعاليات الزراعية وخاصة المنتجة والخبراء الوطنيين لمناقشة موضوعية لهذه السياسة وإيجاد المخارج الأفضل لصالح المزارعين والزراعة. وجاء رد وزارة الزراعة مفاجئ وكأنه يقول على الطريقة الألمانية "نحن مرتاحون" أو بالعربي "بلطوا البحر".

وعندما كتبت لاحقاً عن البرنامج الجديد الموضوع لتطوير وبناء قدرات وزارة الزراعة لإستشعار الكوارث المحيقة بالزراعة الفلسطينية وتخزيق آذان الخراف والأغنام ... الخ والذي سيكلف بحدود 4 مليون يورو وينفذه منظمة الأغذية والزراعة الدولية، كنت أستشعر عن قرب تمادي وزارة الزراعة في مشاريع فوق الريح وتكرر مشاريع مثل غيوم الصيف، لا غيث فيها على الأرض وإستذكرت كم إستراتيجية زراعية وضعت خلال عمر وزارة الزراعة وكم من الثغرات فيها وما هي النتائج المترتبة عليها وتسائلت هل تم تقييمها ومراجعتها للإستفادة من التجارب أم أن الإستراتيجية هي في وضع الإستراتيجيات. أجزم أن لا تقييم حقيقي للإستراتيجيات وما يأتي، يأتي منقطعاً عن سابقه ويبدأ كل مرة من الصفر أو يتناول موضوع جديد حتى نبرر إنقطاعنا عن الآخر والإستراتيجية السابقة.

وعندما أكتب بعد غد عن فوضى المؤسسات الزراعية وغياب التمثيل الحقيقي للمزارعين وبهذا المجال كتبت عن إتحاد الفلاحين والحاجة إلى إعادة المأسسة ولم يحرك ساكن أيضاً، وعندما سأكتب بعد بعد غد عن الأهمية الوطنية للتعاونيات الزراعية وغياب دور وزارة الزراعة أو أكتب عن إختطاف وزارة الزراعة من قبل منظمات الأمم المتحدة وإستلابهم لقراراتها وبرامجها ومشاريعها وتنفيذ أجندتهم لا أجندتها فأنا لا أكتب إلا تعبيراً عن رسالة حملتها منذ يومي الاول على مقاعد كلية الزراعة طالباً ومن ثم مهندساً زراعياً وربما قبل ذلك وأنا أتصبب عرقاً أساعد والدي في عزق الأرض وحصاد القمح أو على البيدر جالساً فوق لوح الدراس بدل الحجر.

وعندما كتبت كتبي السابقة عن التأمين الزراعي أو عن نظم دعم القرار الزراعي في مجال الأمن الغذائي أو الدراسة التشخيصية لواقع التعاونيات الزراعة في الضفة الغربية أو كتاب الدور الإقتصادي-الإجتماعي للجمعيات التعاونياتة في الضفة الغربية وكتيب بيئة العمل والسلامة والصحة المهنية في القطاع الزراعي والتي يمكن الحصول على نسخ منها من معهد أبحاث السياسات الإقتصادية ماس أو وزارة العمل الفلسطينية، إذا لم تكن قد وصلت وزارة الزراعة لعدم الإهتمام. وهنا أشير إلى أنني كتبت عدد من الدراسات لوزارة الزراعة ولكنها جميعاً لم تنشر ولم ترى النور لأن وزارة الزراعة على ما يبدو لا تحبذ تعميم الدراسات وعشرات الدراسات التي تمولها وتنفذها وذلك، ربما، لتمرير التكرار وتبرير الدعوة لعملها مرات جديدة أو لعدم توفير إمكانية المقارنة بين الدراسة وما ترتب عليها، وهنا أعتذر للتجني على وزارة الزراعة وأنتظر منها التبرير الصحيح كي تسكت كل متصيد في الماء العكر. وأعد وزارة الزراعة بأني سأعيد الزيارة لموقهم على الإنترنت علني أجد نسخ إلكترونية من هذه الدراسات، وإن لم يكن هناك نسخ فهذه دعوة للوزارة لإعادة النظر في نشر الدراسات وإن بأثر رجعي، ومن جهتي سأزودهم بنسخ إلكترونية من الدراسات التي قدمتها لوزارة الزراعة، إذا لم يجدوها في حواسيبهم.

أكتب هذا ليس حباً في لإعتراض أو لقطع حبل الوصل مع وزارة الزراعة وغيرها وإنما حرصاً منا على لعب الدور الوطني في الدفاع عن الزراعة والمزارعين وكذلك حرصاً منها لإستثمار كل دولار ويورو ودرهم من أموال المانحين لمصلحة الأرض وعجولها ومن يحرثها ويعرق من أجل جني الثمار ولكي نؤمن إستمرار هذا العطاء، خاصة أننا لا زلنا نؤمن بأن الأرض والزراعة هي حصننا الأخير ومأمننا من عثرات الزمن وسلاحنا في تحدي الإحتلال والإقتلاع ومسؤوليتنا لهذا الغرض أن نتصدى بكل جرأة وشجاعة وتفاني لإزالة الإختلال وتثبيت عجول الأرض على حراثتها. أنا لم أكتب ما كتبت إلا لإيماني بأن الوطن بحاجة إلى تضحيات وأنا لا يمكنني أن أرمي حجر أو أطلق طلقة كما كنا سابقا ولا أملك من أسلحة سوى هذا القلم وبعض من لسان، وقد قررت أن امتطي جهاد القلم.

قال بعضهم أن ما يجري في وزارة الزراعة، يجري في وزارات أخرى وأن المشكلة شاملة، فقلت أنني بحكم الإختصاص في الزراعة سأناضل من أجل تصحيح مسار وزارة الزراعة وإصلاح القطاع الزراعي وهناك كثيرون من يتولون وعليهم تولي رفع الصوت للتصحيح الشامل والإصلاح الهيكلي الشامل بعيداً عن البنك الدولي ووصفاته التي تهتك بالمفاصل.

أقول قولي هذا متمنياً من وزير الزراعة إيلاء المواضيع الأهمية التي تستحق وعدم اللجوء إلى التخوين أو إستكتاب رداحين أو القول بأن هذا ما وجدت عليه آبائنا ... الخ. نحن على مفترق فإما أن نكون أو يستمر الإنجراف لكل مقومات الصمود والإنتاج الوطني والتنمية الوطنية المستدامة، وأربأ بنفسي أن أكون شاهد زور أو مرتشي عندما تحتاجنا أمنا الأرض والبلد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صفقة أمريكية-سعودية مقابل التطبيع مع إسرائيل؟| الأخبار


.. هل علقت واشنطن إرسال شحنة قنابل إلى إسرائيل وماذا يحدث -خلف




.. محمد عبد الواحد: نتنياهو يصر على المقاربات العسكرية.. ولكن ل


.. ما هي رمزية وصول الشعلة الأولمبية للأراضي الفرنسية عبر بوابة




.. إدارة بايدن تعلق إرسال شحنة أسلحة لتل أبيب والجيش الإسرائيلي