الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مع مكاريد الاخرس(ثقافة العنف).

مصطفى الصوفي

2013 / 4 / 1
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


من منكم شاهد الفلم الفرنسي(زون 13) ؟.
حيث يسرد الفلم قصة ضابط شرطة ناجح يرسل في مهمة للعمل متخفيا الى منطقة داخل العاصمة تسمى بالمنطقة١٣ المعزولة عن المدينة . بمرور الزمن قامت قوات الامن في المدينة بإحاطة المنطقة١٣ بسياج كونكريتي عازل واسلاك شائكة وقوة عسكرية على منفذها الوحيد لكونها خاضعة لسيطرة العصابات والمافيات وميليشياتها التي تقتتل فيما بينها للسيطرة على الشوارع و ما تبقى من عمران متهدم .. وتركت العصابات والمجرمين يعيثون فسادا كما يشتهون بدون اي تدخل بسبب عجزهم عن حل مشاكلهم ..

لعمري ان هذا الفلم لم يفارق خيالي لعشرات المرات وانا استمع لقصص تصف مدينة الثورة وقطاعاتها وسوك مريدي الشهير حيث يصنع كل شيء من الابرة لجواز السفر المزور ...

يُصَور المكرود على انه ابن مجتمع وبيئة من هذا النوع, فهو المجرم السفاح وصاحب التجارة الممنوعة وهو الخارج عن القانون دائما و حامل السلاح.
لأتذكر مرة‎ ‎حينما نشبت مشادة كلامية قبل سنوات طويلة بين احد اصدقائي ومكرود بعمرنا يبيع المرطبات مررنا به اثناء سيرنا ببوابة مدينة الالعاب في احدى نزهاتنا،
هددنا الاخير على اثرها قائلا بنبرة مملوءة بالفخر و"الهوبزة" ( ترة اني من الثورة ابوية ) يبدوا ان اسم الثورة قد ارتبط بالإجرام والقوة والبطش والدهاء في ثقافتنا الاجتماعية حتى بات المكرود "يزامط" بانتمائه لـ(زون١٣) بغداد حيث تعلم فنون الاجرام على اصوله!!

لا ذنب للطفل او للكبير في كونه انسانا عنيفا فالإنسان هو صنيع بيئته وتجربته و قد ركز الاخرس في (كنايات. الدخول في مكحلة اللغة) على العنف و ارتباطه بالبيئة واول ايام العمر ،وقال :
(ان امهاتنا كن عودن اسماعنا وهيأن خيالنا لتقبل تلك التهديدات وممارستها فيما بعد، تجد الأم في لحظة وقد تحولت الى وحش وراحت تهدد ابنها: اليوم اذبحك ، اليوم أخلصك خلاص، اليوم اودي جلدك للدباغ، اليوم اكطع لوزتك، اليوم اذبك بالبلوعة! واذا تبحث عن أسباب كل تلك التهديدات لن تجدها تعدو عدم تنفيذ أمر بسيط كالذهاب الى الفرن لجلب الخبز أو الامتنا عن دخول الحمام في الموعد المفروض أو حتى الضحك امام الضيوف أو مد اليد لالتقاط ما تبقى من علبة الببسي كولا. اما الاب فحدث ولا حرج، قد يبدأ الأمر باستخدام العقال وقد ينتهي بالتهديد بأطلاق الرصاص، اتذكر تهديدات جدي لي يوم كنت لا أتجاوز الرابعة عشرة بسبب بداية رحلتي مع التدخين. التهديد مضحكا لي فهو يذهب مباشرة الى القتل: ترة ارمييييك ...ترة ارميييك! واذ يتفوه بالعبارة أصرخ به مازحا وأنا اهرب: وانت منين لك مسدس؟!).

اما عن ارتباطه بلغتنا فقد قال الاخرس:(عنف اللغة يتجسد بعشرات الطرق الاخرى. فهو يتمظهر مرة من خلال منطق القسر، ومرة عبر منطق التغالب، وتارة يبرز مع تشبية دموي: اكص ايدي اذا تنجح، واخرى مع عبارة غزل: تلك الفتاة ذابحتني ذبح، بل ان احداهن ترنمت مرة: هذا الحلو كاتلني يا عمة)
ويختم الكتاب بأحاديث عن الجنس اللطيف وتعاملنا معهن لغويا وادوات زينه الريفيات وطباعهن ...

وهكذا ينتهي كتاب المكاريد، كانت لي رحلة مهمة معه، فقد فتح عيني على قضايا كنت اجهلها، ونبهني على اشياء لم اكن منتبهاً لها، صرت اقرب لفهم المجتمع والمكاريد ووصلت من خلاله الى افكار عظيمة، وضعت الكتاب في مكتبتي وسأعود اليه لقراءته مرة اخرى في المستقبل....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شبح -الحي الميت- السنوار يخيم على قراءة الإعلام الإسرائيلي ل


.. الحركة الطلابية في الجامعات : هل توجد أطراف توظف الاحتجاجات




.. جنود ماكرون أو طائرات ال F16 .. من يصل أولاً إلى أوكرانيا؟؟


.. القناة 12الإسرائيلية: إسرائيل استخدمت قطر لتعمّق الانقسام ال




.. التنين الصيني يفرد جناحيه بوجه أميركا.. وأوروبا تائهة! | #ال